12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

|شمس مصر|.. قلبك المهشم كيف تهشم؟

2022/09/13 03:19 AM | المشاهدات: 935


|شمس مصر|.. قلبك المهشم كيف تهشم؟
سارة سيد عثمان

 

 

 

من معاني اسم الله الجبّار :-

أنّه يجبر أجساد وقلوب عباده.

فهو سبحانه علم أن كسورًا ستعتري عباده في أبدانهم وقلوبهم وحياتهم ، كسورًا تترك ندوبًا على أجسادهم، وآثارها على أرواحهم ، لذلك تولّى جبرها برحمته ، وسمّى نفسه بالجبّار، ليعلم عباده أنّه هو الوحيد القادر على جبرها فيلتجئون إليه.

فكم من يتيم تكسِّر نفسه نظرة متعطرس ، ولولا الجبّار ، لتحطّمت نفسه للأبد.

وكم من ضعيف صفعته الحياه بيد أحد الأقوياء، لولا الجبّار لظلّ منحني الرأس طول الحياة.

وكم من فقير أذلّته كلمة قالها له أحد الأثرياء ، لولا الجبّار لبقيت تلك الكلمة وصمة يعيّر بها طيلة عمرة.

 

فهناك أشخاص عانوا من شدّة آبائهم ومع ذلك خرجوا غاية في الرحمة.

وأشخاص عانوا من سخرية أقرانهم ، ومع ذلك صاروا متميّزين ناجحين !

وأشخاص عانوا من الأنيميا، والسل، وحساسية الصدر ، وكبروا فصاروا أصحاء أقوياء!

أين تلك العقد، وأين آثار تلك الأمراض؟ لقد جُبرت، لقد أذهبتها ضمادات الجبّار. 

 

أقرأ أيضا |شمس مصر|.. من ترك شيئا لله

 

شُرع لنا أن نقول بين السجدتين: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي وَاجْبُرْنِي" 

(واجبرني)! وكأننا نتكسّر في اليوم كثيرًا فنحتاج أن يجبرنا الله كثيرا!

فما من حزن إلا وهو رافعه ، وما من مرض إلا وهو شافيه ، وما من بلاء إلا وهو كاشفه...

تتزاحم الآلام في قلب العبد حتى ما يظن أنّ لها كاشفه، فإذا بالجبّار يجبر ذلك القلب، وبعد أشهر ينسى العبد كل آلامه وأوجاعه لأن الله لم يذهبها فحسب ، بل جبر المكان الذي حطّمته ، فعاد كأن لم يتهشّم بلإمس!

يجبر القلوب والعظام والنفوس بأذنه تتداوى الجراح وتكف العين عن دموعها.

 

اقرأ أيضا |شمس مصر|.. قصة صاحب الجنتين

 

كن أنت من يستخدمك الله لجبر الخواطر ؛فإذا جبرت الخواطر أدركك الله في جوف المخاطر.

إذا رأيت منكسرًا فاجبر كسره ، لاتنم وجارُك جائع، لا تضحك وأخوك يبكي ، لا تنعم بدفء بيتك وهناك من هدهدت رياح الشتاء أبدانهم الضعيفة.

فإن فعلت هذا لن يدعك الله تجبر كسور الضعفاء ثم لا يشكرك ، فهو الشكور الحميد..

كن بلسمًا إن كان (حالك) أرقما، وحلاوة إن صار غيرك علقما كن مثلهم:

يزور النبي -صلى الله عليه وسلم- اليهودي المريض!

يكنس أبو بكر-رضي الله عنه- بيت العمياء ويطبخ لها طعامها!

يموت عبد الله بن المبارك فيفقد الفقراء تلك الأرزاق التي كانت توضع عند أبوابهم قبيل الفجر ، فيعلمون بعد موته أنّها منهُ!

يموت أحد خصوم ابن تيمية فيبشّرونه بذلك ، فيغضب ويذهب مباشرة إلى أهله وأبنائه فيعزيهم ويقول لهم: أنا كوالدكم، لا تحتاجون شيئًا إلا وأخبرتموني!

كانوا منشغلين بالمهمّة العظيمة،مهمّة جبر القلوب المنكسرة، كان الله يستخدمهم لذلك الشرف العظيم ...

 

أقرأ أيضا |شمس مصر|.. المساواة بين الابناء

 

إذا أراد أن يجبر كسرك ، أهْلَكَ مدينة بأكملها لأجلك! 

ينزل رسولنا -صلى الله عليه وسلم- من الطائف محمّلا بقدر عظيم من الحزن والحرقة والانكسار،بعد أن أدمى السفهاء عقبيه الشريفتين بالحجارة ، يراه ملك الملوك ، ملك الدنيا والآخرة، يراه حبيبه سبحانه، يرى قلبه المكتظ بالآهات، فيرسل جبريل ومعه ملك الجبال، لينهي تلك الحُرَق، يرسله في مهمّة خاصة ، مهمّة تتعلق بدكدكة الجبال الراسية على رؤسهم!

فينظر ملك الجبال إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في أحزانه التى جعلته يمشي من الطائف فلا يفيق إلا بقرن الثعالب ، فيقول : أمرني الله أن أمتثل لأمرك يا محمد ، فإن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فعلت!

ولكن محمدًا عليه الصلاة والسلام يعفو عنهم ويقول:

لعل يخرج من أصلابهم رجل يوحد الله!

عندما لذعت السخرية بسياطها الحارقة قلب نوح ، نظر إلى السماء ودعا ربّه : "أَنِّى مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ"، ففتح الملك سبحانه أبواب السماء بماء منهمر،أغرق الكرة الأرضية لأجل نوح عليه السلام!!

هل يستطيع غير الله أن يجبر كسور الروح بمثل هذا!؟

فإذا زاحمتك الهموم، وغشيتك الكروب..فلاتُطل البكاء،سجّادة توجّهها إلى القبلة، تقضي على تلك الهموم والكروب في لحظات بأذن الله!  

فاللهم اجبر كسر قلوبنا، وكسر أرواحنا ،وكسر أجسادنا،إنك على كل شيء قدير.