12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

التعلق بغير الله 

2021/04/10 01:17 PM | المشاهدات: 731


التعلق بغير الله 
جهاد شلباية

فمن أعظم مفسدات القلوب تعلق القلب بغير الله عز وجل، ومن كان هذا حاله فقد أبعد النعجة، وليس على قلبه أضر مما وقع فيه، يقول ابن القيم رحمه الله: "إذا تعلق بغير الله وكَّله الله إلى ما تعلق به، وخذله من جهة ما تعلق به، وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل بتعلقه بغيره والتفاته إلى سواه، فلا على نصيبه من الله حصل، ولا إلى ما أمله ممن تعلق به وصل، قال الله تعالى: {واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا، كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا} [مريم: 81 - 82]، وقال تعالى: {واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون، لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون} [يس: 74 - 75] .

 إقرأ أيضاً : شباب النبي ونبوته

 

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى : (من تعلق قلبه بغير الله عذب به ولا بد)

 

وذكر ابن القيم أن للقلب خمس مفسدات: (التعلق بغير الله عز وجل، ركوب بحرالتمنى، فضول المخالطة، فضول الكلام، فضول الطعام)

فأعلى وأكثر مفسدات القلب التعلق بغير الله وأكثر أنواع الشخصيات ابتلاء به الشخصية العاطفية

أبعاد التعلق بغير الله: 

1- البعد الطبي: أثبت التحليل النفسي والطبي أن هناك هرمون يفرز فى ثلاث حالات فقط بالنسبة للإنسان: عند لقاء الأحبة، وعند الجماع، وعند الرضاع ويسمى هرمون الحب وهو الذي يجعله يبحث عن الحب طوال الوقت ومافيه من النشوة والسعادة. 

 

2- البعد النفسي: أنه يوجد شىء اسمه الشخصية المثالية الافتراضية هي موجودة في العقل الباطن وتتكون من كل المخزون الثقافي التي مررت بها ويظل الأنسان يبحث عنها وإن لم يجدها يتوهمها وهذا هو وهم الحب ويحدث التعلق الشديد بهذه الشخصية الأفتراضية

 

إقرأ أيضاً :أوجعتني بالعود يا خير الورى

 

‎وسئل الشيخ محمد المختار الشنقيطي: هناك ظاهرة التعلق بالأشخاص، فما هو علاجها، والسبيل إلى النجاة منها؟

 

‎أما الحل، والعلاج، والدواء، ففي 

أمور

‎أولها: دعوة صادقة تهديه دياجير الظلمات في الأسحار إلى المليك القهار، مقلب القلوب والأبصار, تسأله أن يصرف قلبك إليه جل جلاله وقل يا رب، أذنبت هأنا بين يديك أسألك أن تخلص قلبي لك وحدك لا شريك لك، هذا أول أمر

‎الأمر الثاني: أن تأخذ بأسباب حب الله جل وعلا لماذا تحب؟ ولماذا تتعلق بمخلوق ضعيف لا يغني عنك من الله جل وعلا شيئًا؟ عذاب، ونصب يؤذيك، ولا يرضيك يضرك ولا ينفعك بإذن الله جل جلاله فما الذي تريد منه؟ هل إذا مرضت يشفيك؟ هل إذا ضللت يهديك؟ هل يطعمك ويسقيك؟ لا يغني عنك من الله ولا من باريك شيئًا فاتق الله، ينبغي للإنسان أن يحس أنه لا ينفعه ذلك شيئًا عند الله جل وعلا فخذ بالأسباب التي من أعظمها الدعوة الصادقة أن يخلص الله قلبك له وحده لا شريك له

 

 إقرأ أيضاً :الحور العين

 

يحتاج المسلم في مسيرة حياته لما فيها من عقبات وابتلاءات وشدائد ومتطلبات إلى قوة يتعلق بها ويسعد بقربها ويستمد منها العون والتأييد وقد فطرت النفس الإنسانية على التعلق بالله والاستعانة به في كل الأحوال والظروف؛ لأنه هو الخالق سبحانه وتعالى وهو الرب وهو الملك وهو الرازق والمحيي والمميت وهو الذي بيده كل شيء ولا يعجزه شيء

 

والإنسان عند الضرورة ووقت الشدة تهديه فطرته إلى أن يعود إلى الله معترفاً بربوبيته، موقنا بقوته وقدرته، فيستجيب الله له ويعطيه الفرصة تلو الأخرى للاستقامة والتوبة حتى إذا أقام عليه الحجة أخذه أخذ عزيز مقتدر، ووكله إلى نفسه فتزيد حسرته وتسوء أحواله؛ قال تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} [لقمان: 32].

وكلما زاد الإيمان في قلب المسلم وحافظ عليه وقام بما فرض الله عليه من الطاعات والعبادات، كلما زاد يقينه واطمأنت نفسه وتعلق بخالقه سبحانه واستشعر عظمته وقوته ورحمته عند ذلك تهون كل الصعاب. 

 

إقرأ أيضاً :علامات اقتراب الأجل

 


ولهذا كان ابن القيم رحمه الله يقول: إن في القلب وحشة لا يذهبها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يذهبه إلا السرور بمعرفته، وفيه فاقه –يعني: فقر- لا يذهبه إلا صدق اللجوء إليه، ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تذهب تلك الفاقة أبداً .