12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

عبادة التفكر (العبادة الغائبة)

2020/09/11 05:18 PM | المشاهدات: 1107


عبادة التفكر (العبادة الغائبة)
رضا جوده

إن الله جل جلاله أعطى للإنسان نعمة عظيمة وهي نعمة التفكر والتدبر، وقد وهب لنا الله العقل كى نستعمله في تلك النعمة العظيمة وحثه على طلب العلم والتفكير في الآيات والعبر وجعله يدرك الأشياء وما وراء الأشياء ، وذم الجهل فقال: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)

فالتفكر في ملكوت الله نعمة لاينعمُ بها إلا ذو فهمٍ لعظمة الخالق، فقد أمر الله عزوجل المؤمنين بالتفكر في عظيم مخلوقاته، ونِعَمَهُ عليهم، وأن ينظروا فيما حولهم من مخلوقات تتحدث كلها عن عظمة من خلقهما وصنعهما وأبدعهما فجاءت في أحسن صورة وأتمها وأكملها.

قال تعالى : {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ {17} وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ {18} وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ {19} وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ {20} فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ {21} لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ {22}} (الغاشية).

 

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (65)} (سورة الحج).

والآيات الدالة علي وجوب التفكر والتدبر والتأمل كثيرة لا تعد ولاتحصي ، فهيا بنا ننظر ونتدبر فيما خلق الله وأبدع.

إقرأ أيضاً/حكم نظر المرأة إلى خطيبها، والتزين له

*وجوب التفكر في قدرة الله* .

فتعالوا نذكر المشهد الذي يروية عطاء _رضي الله عنه_ فيقول: انطلقت أنا وابن عمر وعبيد بن عمير إلى عائشة _رضي الله عنها_ فدخلنا عليها وبيننا وبينها حجاب ..

فقال لها ابن عمر: أخبرينا بأعجب ما رأيت من رسول الله ﷺ...

من فرط حبهم للرسول كانوا يلتمسون مواقف من حياته حتى بعد موته .

فبكت وقالت: كل أمره كان عجباً..أتاني في ليلتي حتى مس جلده جلدي، ثم قال: "ذريني أتعبد لربي عزوجل "

فقام إلي القربة فتوضأ ثم قام يصلى فبكى حتى بل لحيته ثم سجد فبكى حتى بل الأرض ثم أضجع على جنبه فبكى حتى جاء بلال يؤذنه بصلاة الصبح..

فقال: يارسول الله، مايبكك، وقد غفر الله لك ماتقدم من ذنبك وما تأخر؟.

فقال: ويحك يابلال، ومايمنعني أن أبكى وقد أنزل الله علَّى في تلك الليلة :

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ۝ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ۝ [آل عمران] 

ثم قال ﷺ "ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها" .

فلا يجب على المسلم أن يعيش كالأنعام يأكل ويشرب ولايتفكر في آيات الله وفي خلق الله،،وفي قدرة الله عزوجل .

 

إقرأ أيضاً/أحكام الخطبة

 

*التدبر في عظمة خلق الله تزيد الإيمان*

يحدث التأمل عندما يختلي الإنسان بنفسه، ويسترخي ويديم النظر في المخلوقات، وعند التأمل تتحفز الطاقة الإيجابية الكامنة في الجسم، ويتهيأ الذهن بعدها لعملية التفكر والتساؤل عن علة وجود المخلوقات، وما الحكمة من خلقها؟ والمرحلة التي تليها هي التدبر في الفكرة التي أثارت المتأمل، 

 *قصة تأمل سيدنا إبراهيم * - عليه الصلاة والسلام- 

في الكون، من أجل البحث عن الحقيقة المطلقة ومعرفة الله، في تلك الليلة التي تفكر فيها سيدنا إبراهيم، وهو يتأمل ملكوت الكون من هو ربه؟ تفكر في إله المخلوقات، وكان متيقناً بأنه أعظم وأسمى عن ما يعبد قومه، تسأل أنه ربما يكون إله الكون كوكباً من الكواكب! ثم فكّر وقدّر بأنه لا يُعقل أن يتغيب الإله عن الكون، فتدبر بأن هناك ربّاً لا تدركه الأبصار عظيماً خلقه ،

 فهزم معارضيه بالتفكر والتدبر ودعاهم إلي عبادة الله وحده لا شريك له ، فهذه النعمة هي التي أوصلت سيدنا إبراهيم إلي حقيقة الإيمان . 

قال تعالى: {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَبًا قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغًا قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78)}.(سورة الأنعام).

 

إقرأ أيضا/الصلاة عماد الدين

 

يقول هرشل عالم الفلك الكبير في القرن الثامن عشر:« كلما اتسع نطاق العلوم كثرت الأدله على وجود حكمة خالقة، قادرة، مطلقة، وما العلماء الطبيعيون والكيماويون وعلماء الفلك إلابناة لمعابد العلوم التي يسبح فيها للخالق العظيم». سبحانك ربي ما أعظمك.

يدعون الله في آيات كثيرة للتدبر والتفكر والتأمل في خلق الله عزوجل 

"أفلا يتفكرون".

"أفلا يتدبرون".

"أفلا ينظرون".

"وفي انفسكم افلا تبصرون"

إذاً اخوتي نحتاج إلى إعادة النظر في حياتنا المنهكة والقاسية لبعض من الخلوة للتفكر والتأمل والتدبر في آيات الله وعظمته فهذه النعم تثير في نفس الإنسان روح التساؤل والتي تقودة إلي التعمق في العلم والمعرفة في آيات الله عزوجل ومعجزاته الكونية.

.فالتفكر هو الذي ينقل القلب من عالم الغفلة إلى عالم اليقظة.

. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) [آل عمران] .

#فالنتفكر.❤