الشريعة الإسلامية على عيادة المريض، وتعاهده بالزيارة، والدعاء له بالشفاء والعافية، وهناك العديد من الأدعية تقال عند زيارة المريض، وكل هذا جاء من منطلق كون المؤمنين حالهم كالنفس الواحدة.
فعيادة المريض من حق المسلم على المسلم، كما قال النبي ‐صلى الله عليه وسلم-: (حق المسلم على المسلم خمس، وذكر منها: عيادة المريض).
وعن أبي هريرة ‐رضي الله عنه‐ قال: قال رسول الله ‐صلى الله عليه وسلم-: ( من عاد مريضا ناداه منادٍ من السماء: طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلا).
اقرأ أيضا:واصبرواْ إن الله مع الصابرين
معنى عيادة المريض هو: زيارة من أصابه مرض أو ضعف أخرجه عن الصحة والاعتدال.
فضل عيادة المريض:
‐من عاد مريضا أي: زاره فهو في معية الله -تعالى‐. لما روي أن النبي‐صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله ‐عز وجل‐ يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين، قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده).
‐الملائكة تصلي على من عاد مريضا. لقوله ‐صلى الله عليه وسلم‐: (ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة).
حكم عيادة المريض:
ذهب جمهور العلماء إلى أن عيادة المريض: سنة.
وذهب بعض العلماء إلى: وجوبها.
وذهب شيخ الإسلام إلى أنها: فرض كفاية، وهذا القول فيه توسط.
آداب عيادة المريض:
شرع الله ‐تعالى‐ عيادة المرضى لمواساتهم، وتهوين الأمر عليهم، فهناك بعض الآداب التي شرعت عند زيارة المريض يجب مراعاتها حتى تحقق الهدف المنشود منها:
‐الإخلاص: وذلك بأن تكون الزيارة خالصة لوجه الله ‐تعالى-.
‐اختيار الوقت المناسب لزيارة المريض، والاستئذان قبل الزيارة.
‐التخفيف في الزيارة، فلا يثقل على المريض.
اقرأ أيضا:مولد النبي عليه أفضل الصلاة والسلام
‐التخفيف عنه، وتحفيزه على الرضا بالقضاء، والتفاؤل بالشفاء. وذلك لقول النبي ‐صلى الله عليه وسلم-: (إذا حضرتم المريض، أو الميت، فقولوا خيرا، فإن الملائكة يُؤَمِّنون على ما تقولون).
ولحديث جابر بن عبدالله ‐رضي الله عنهما‐ أن رسول الله ‐صلى الله عليه وسلم‐ دخل على أم السائب، فقال: "ما لك يا أم السائب، تٌزَفْزِفِين؟"، قالت: الحمى، لا بارك الله فيها، فقال: لا تسبي الحمى، فإنها تذهب خطايا بني آدم، كما يذهب الكير خبث الحديد).
‐تذكير المريض بالله ‐تعالى-، ودعوته للعمل الصالح والإكثار منه، إن كان مسلما، ودعوته إلى الإسلام، إن لم يكن مسلما.
لحديث أنس ‐رضي الله عنه- قال: "كان غلام يهودي يخدم النبي ‐صلى الله عليه وسلم‐، فمرض، فأتاه النبي ‐صلى الله عليه وسلم- يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: "أسلم"، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: أطع أبا القاسم ‐صلى الله عليه وسلم-، فأسلم، فخرج النبي ‐صلى الله عليه وسلم- وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه من النار".
‐الدعاء له بالخير والعافية والسلامة، ورقيته، لما روي أن النبي ‐صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل على مريض يعوده قال: "لا بأس طهور إن شاء الله" أي: هذا المرض مطهر لك من الذنوب.
وروي عن جابر بن عبدالله ‐رضي الله عنهما‐ قال: "لدغت رجلا منا عقرب، ونحن جلوس مع رسول الله ‐صلى الله عليه وسلم‐، فقال رجل من القوم: أرقيه يا رسول الله؟ قال: " من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل".
‐استحباب الجلوس عند رأس المريض إن تيسر ذلك. فعن ابن عباس ‐رضي الله عنهما‐ قال: " كان النبي ‐صلى الله عليه وسلم‐ إذا عاد المريض جلس عند رأسه، ثم قال سبع مرار: "أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم أن يشفيك".
اقرأ أيضا:أحمد بن ماجد
‐وضع اليد على جسد المريض عند رقيته، إذا أمكن. فعن عائشة ‐رضي الله عنها- قالت: " كان رسول الله ‐صلى الله عليه وسلم- إذا اشتكى منا إنسان، مسحه بيمينه، ثم قال: " أذهب الباس، رب الناس، واشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما".
‐تحذيره عند الحاجة من التداوي بالمحرمات أو الذهاب للسحرة لعلاجه. قال رسول الله ‐صلى الله عليه وسلم‐: "لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك".
‐تذكيره بأجر الصبر على المرض، وجزاء الصابرين. قال تعالى:
{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة ١٥٥-١٥٧]
وعن أبي هريرة ‐رضي الله عنه- عن النبي ‐صلى الله عليه وسلم- قال: (ما يصيب المسلم من نصب، ولا وصب، ولا هم، ولا حزن، ولا أذى، ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه).
‐عدم ذكر سيئات وآفات المرض. دخل رجل على عمر بن عبد العزيز يعوده في مرضه، فسأله عن علته فأخبره. فقال الزائر: إن هذه العلة ما شفي منها فلان، ومات منها فلان. فقال عمر: إذا عدت مريضا فلا تنع إليه الموتى، وإذا خرجت عنا فلا تعد إلينا