12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

رواية مستشفي الأمراض العقلية

2021/02/18 08:52 PM | المشاهدات: 1069


رواية مستشفي الأمراض العقلية
رباب رفعت

في ليلة من ليالي الشتاء القاسية والأمطار تهطل بغزارة والنوافذ تفتح وتتكسر من شدة الرياح ، وصوت الرياح المخيف ، يجري الأطباء هنا وهناك يبدو أن الباشا الكبير يلفظ أخر أنفاسه ، ثم عم الهدوء ليقاطعه أحد الأطباء قائلا : صعدت روح الباشا لخالقها البقاء لله ، ثم يظهر صوت طفلة في العاشرة من عمرها تبكي علي سرير أبيها الباشا الكبير ، أبي لا تتركني أرجوك ، أبي سأنهي كل طعامي أعدك ، ولن أرمي الألعاب في كل مكان ، سأكون فتاة مطيعة كما أردت ، أرجوك أبي لا تتركني ، تمسح المربية علي رأس الفتاة قائلة : فريدة حبيبتي اهدأى أنا لن أتركك أبدا ودموعها تتساقط حزنا علي الفتاة التي أصبحت يتيمة أب وأم ، وفي غرفة المكتب يظهر الأخ الأكبر لفريدة جاسر صاحب الثلاثين عام وهو يقلب المكتب رأسا علي عقب ويبحث في الأوراق والمستندات ويفتش كل شئ ، لم يكن جاسر أخا شقيقا لفريدة فهو أخا من الأب فقط ، وزوجته زمرد تبحث في مجوهرات أم فريدة ، كم سيكون هذا العقد جميلا علي رقبتي ، سأبدوا أجمل نساء الطبقة المخملية ، سأسرق الأنظار وأثير غيرة جميع النساء ، يا لكل هذه المجوهرات ، كل القطع ستليق بي بالطبع ، هذا ما قالته زمرد وهي تعبث وتسرق كل المجوهرات التي في القصر ، وفي الصباح وفريدة تنام في غرفتها وتستيقظ راجية أن يكون موت أبيها مجرد كابوس ، تنظر إلي غرفته لتدرك أن موته حقيقة ، تتساقط الدموع من مقلتيها وهي صامتة ، لتشعر بغصة في قلبها وحزن يخنق حلقها ، لتراها المربية الأم عائشة لتضع يدها علي رأسها وتحتضنها وهي صامتة ، ربما لم تجد الكلمات المناسبة ، ولم تجد ما تواسي به الفتاة اليتيمة أو ربما علمت أن ما تحتاجه الفتاة هو عناق يعلمها أنها ليست وحيدة وأن هناك من يدعمها ويقف معها ،تحاول الأم عائشة إطعام فريدة ، وفريدة لا تريد الطعام قائلة : لا أريد طعاما أرجوكي ، تظل الأم عائشة محاولة إطعام فريدة حتي تستجيب وتأكل القليل وأثناء جلستها مع فريدة يأتي صوت من الدور الأرضي للقصر ، أين الخدم في هذا القصر ، إنه صوت زمرد زوجة جاسر ، تجيب الأم عائشة : نعم يا زمرد هانم ، تنظر لها زمرد نظرة استحقار وتلفت وجهها في الجانب الأخر أين الفطور ، لماذا لم تحضريه حتي الآن ، ثم نظرت للأم عائشة مرة أخري ، أريد الفطور أن يكون جاهزا في الحال ، وتابعت كلامها اللعنة علي خدم كهؤلاء وكأني أدفع لهم لأخدمهم أنا ! وعلي الفطور يتناول الزوجان زمرد وجاسر وهما في غاية السعادة ، لتقول زمرد : أخيرا يا جاسر حققنا حلمنا وأصبحنا من صفوة المجتمع ، أصبحنا أغنياء أخيرا ، يرد جاسر عليها ، أنتي التي جلبتي لي الحظ السعيد يا حبيبتي ، لو تعلمين كم تعذبت مع هذا العجوز ، ليتذكر مشهد مع أبيه الباشا الكبير وهو يصفعه علي وجهه حينما علم أنه يتربح بالقمار ليصيح جاسر في وجه أبيه ، يبدو أن الزمان أكل وشرب علي عقلك ، ربحت مالا كثيرا وبدل أن تشجعني تصفعني علي وجهي! يجيب أباه :أسفي عليك لم أربيك علي هذا ، لم أطعمك حراما ، لماذا أنت بهذا السوء ، يبدوا أن قراري أن تدرس في أمريكا كان قرارا خاطئا ، لينتهي المشهد بعيون جاسر التي تصب شرار ثم يضحك قائلا : أخيرا تخلصت من هذا العجوز ،تقاطع زمرد زوجها قائلة : حبيبي أنهي أنت الفطور وأنا سأذهب للكوافير فيجب أن أليق بالوضع الإجتماعي الجديد ، تمر الأيام تعيش فريدة حزنها علي فراق أبيها حتي تستعيد عافيتها وتبدء بالخروج من غرفتها وتنزل إلي غرفة تناول الطعام لتناول الفطور ، يدخل أخاها جاسر وزوجته زمرد إلي الغرفة ليجدا فريدة وهي جالسة علي المائدة فيتغير وجهه زمرد ناظرة إلي زوجها ، تبدء فريدة قائلة لأخيها صباح الخير أخي ، صباح الخير يا أختي زمرد ، تحرك زمرد وجهها في الجهة الأخري بعدم إكتراث ويجيب جاسر صباح الخير يا فريدة ، تدخل الغرفة الأم عائشة لتضع الطعام ،يبتهج وجهها حينما تجد أن فريدة خرجت من غرفتها ، وتسلم علي فريدة قائلة الحمد لله يا فريدة إنك خرجتي من غرفتك يا حبيبتي وقبل أن تكمل كلامها تقاطعها زمرد ، إذهبي للمطبخ لديك الكثير من العمل لا تضيعي الوقت ، تنهي فريدة طعامها وتنهض إلي حديقة القصر ، ويتهامس الزوجان ، جاسر إلي متي سأتحمل أختك ،يجب أن نجد حلا لها ، يجيب جاسر أن أخته مازلت صغيرة وأن القصر كبير يكفي لعيش ثلاثتهم ، تنزعج زمرد يبدو أنها لم تقنع زوجها بالتخلص من تلك الفتاة ، تتابع زمرد حديثها : يا حبيبي أنا لا أكترث لوجودها ولكن خوفي كله عليك ، يجيب جاسر بتعجب : مما تخافين ؟ تكمل زمرد كلامها : لابد أن الفتاة ستطالب بالإرث يوما ما ، أأنت مستعد لفقدان جزءا كبيرا من هذه الثروة ؟ يتعكر وجه جاسر ثم يقول ولكن الفتاة مازلت صغيرة ، يتابع جاسر كلامه ما رأيك أن نضعها في ملجأ أيتام ؟ تجيب زمرد : هذا لن يفيدنا فحينما تتم فريدة 21 ستخرج من الملجأ وتطالب بالإرث ، يسأل جاسر : وما العمل ؟كيف سأتخلص من هذه الفتاة؟ تجيب زمرد: أنا لدي الحل ،لنضمن أن لا تطالب هذه الفتاة بالإرث يجب أن تذهب إلي مستشفي الأمراض العقلية.

اقرأ ايضا /رد علي فرنسا
اقرأ ايضا /أبشر أيها المسكين
اقرأ ايضا /هل مات المعتصم

الكلمات المفتاحية