12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

العفو عند المقدرة

2021/01/17 01:31 PM | المشاهدات: 787


العفو عند المقدرة
وليد سيد حسن

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ﷺ، فإن الحياة البشرية مليئة بما يعكر صفوها، ولما كانت روح الإيمان التي تشع حبا وخيرا للجميع هى المطلوبة فيما بينهم، من أجل ذلك أمر الله عز وجل بالعفو، وبدأ سبحانه بنفسه فجعل العفو من صفاته، ومن أسمائه العفو من المبالغة فى التجاوز عن الذنب وترك العقاب، قال تعالى{وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا} (النساء:99)
لقد أمر الله عزوجل نبيه ﷺ بالعفو فقال له: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (الاعراف: 199) أخرج ابن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن الشعبي قال: لما أنزل الله: خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما هذا يا جبريل؟ قال: لا أدري حتى أسأل العالم، فذهب ثم رجع فقال: إن الله أمرك أن تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك) وذلك أمر الله له: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (المائدة: 13)

اقرأ أيضا حكم ومواعظ على بن أبى طالب

=========================
فكانت حياة النبى ﷺ كلها مثلا رائعا في العفو حتى عمن ظلموه وكذبوه وحاولوا قتله، والمواقف ﻻتعد وﻻ تحصى، فعن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت: ((ما خُيِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلَّا أخذ أيسرهما، ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد النَّاس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، إلا أن تُنتَهك حُرْمَة الله فينتقم لله بها)
البخارى ومسلم

فكان النبى يأمر أمته بالعفو  -فعن أبي هُريرة: أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ  رواه مسلم.
فزاد عزة وأكراما في قلوب العباد في الدنيا وزاد اجرا ودرجة فى الآخرة، جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال كم نعفوا عن الخادم فسكت حتى أعادها ثلاثا فقال: (اعفوا عنه فى كل يوم سبعين مره) صحيح رواه أبو داود والألباني
وقال النبى ﷺ (تعافوا فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب)
صحيح رواه الألباني

اقرأ أيضامفاتيح الفرج الجزء الثاني
========================
وقد أمر الله عباده المومنين أن يكونوا من العافين عن الناس لما فى ذلك من الخير الكثير لعباده فمن ذلك:
1-أن العافى عن الناس من أهل الجنه فقال تعالى (وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)ال عمران

2 -أن جزائك من جنس عملك فكلما عفوت عن إخوانك عفى الله عنك فقال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )         التغابن14، وقال تعالى(وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) النور: 22
3- أن اجر العافى عن الناس  على الله ،قال تعالى (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) الشورى40، فمدح الله عباده الذين يصدون العدوان عليهم ويثبتون حقوقهم حتى ﻻيستضعفوا ثم بعد ذلك يعفوا عنها إن شاءوا
4-أن العافى عن الناس هو صاحب الحظ العظيم ( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)فصلت
اقرأ أيضاأرض المحشر
========================
وإن استعظمت جرم إنسان فى حقك فانظر إلى جرم اخوة يوسف فى حقه
1 -قطيعة الرحم
2-عقوق الوالد
3-عدم الرأفة بالصغيرالذى ﻻذنب له
4-الغدر بالأمانه
5-ترك الوفاء بالعهد
6-الكذب
7-بيع الحر
8-الإفتراء بأنه عبد هرب منهم
9-قصد القتل دون ذنب
10-ما لاقاه يوسف من مرارة فراق الاهل والرق والفتنة والسجن
11- اجتماعهم على كل هذه الامور التى كل واحدة منها جريمه تستحق العقوبه،
ومع كل ذلك قال لهم يوسف (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)يوسف92
ثم انظر إلى عفو يعقوب حين جاءوا اليه فقالوا (قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي ۖ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) يوسف

فكن قابل العذر واغفر زلة الناس*

ولا تطع يا لبيب أمر وسواس
فالله يكره جبارا يشاركه
ويكره الله عبدا قلبه قاسي
هلا تذكرت يوما أنت مدركه

يوما ستخرج فيه كل أنفاس
يوم الرحيل عن الدنيا وزينتها
يوم الوداع شديد البطش والباس
ويوم وضعك في القبر المخيف
وقد ردوا التراب بأيديهم وبالفأس

ويوم يبعثنا والأرض هائجة
والشمس محرقة تدنو من الرأس
والناس في منتهى جوع وفي ظمأ
وفي شقاء وفي هم وإفلاس
يفر كل امرئ من غيره فرقا
هل أنت ذاكر هذا اليوم أم ناسي ؟!

سيرسل الله أملاكا منادية*
هيا تعالو لرب مطعم .. كاسي
هيا تعالوا إلى فوز ومغفرة
هيا تعالوا إلى بشر وإيناس
أين الذين على الرحمن أجرهم*
فلا يقوم سوى العافى عن الناس.