12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

ليتنا لم نلتق

2020/04/22 07:41 PM | المشاهدات: 829


ليتنا لم نلتق
ندي لاشين

عام كامل لم أتواصل معه، عام كامل بذلت فيه من التخطي ما جعلني أعلم أنني لم أتخطي أبداً، أبيتُ أن أبحث عن أي شئ يخص أخباره، قطعت نفسي عن كل سبل قد توصلني إليه، حتي ذلك اليوم!
وجدته يقف بشارع قد شاءت الصدفة أن أمر به، ببادئ الأمر وقعت عيني علي فتاة تقف بوجه شاب كان يدير ظهره لي، كانت جميلة، جميلة للغاية، ملامحها هادئة، ملابسها بسيطة، شعرها قصير وبني وعينها تزهر من جمال لونها الأخضر، جعلتني أنظر لملابسي الغير منسقة ووجهي الشاحب وعيناي الذابلتين وأتمني لو أصبح مثلها!
فجأة وما جعلني أنتبه أكثر لهما عندما أمسك بيدها ووضعها علي قلبه، شئ داخلي جعلني أتألم وأقف بمنتصف الشارع، كان أحدهم يمسك يدي ويفعل مثل هذا، كان يخبرني أن قلبه ينبض أكثر كلما أكون بجوراه، كان يقول أن داخله عالم آخر تائها بي!
لم آخذ وقت طويل لأعلم أنه هو، لكني أخذت وقت أطول لأحرك قدمي خطوة واحدة ناحية الأمام، رغبت بالهرب فقد ظهر آثار خدوش علي كل جسدي، آثار لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة، آثار قضيتُ عاماً لأخفيها حتي لاتظهر مجدداً، تنهدت خمس وعشرون تنهدية لأبتعد عن هذا المكان، وبين صراعي الداخلي بالهرب واشتياقي لرؤية تفاصيله من جديد، كان يضمها إليه غير آبه لنظرة المارين لهم
-أخشي أن أمسك يديك أمام الناسِ حتي، لن أتحمل أن ينظر لكِ أحدهم نظرة خادشة لكِ، أغار عليكِ، على حيائك، على جمالك المستتر.
لماذا ضممتها هى؟ ألا تغار عليها؟ أم أن عشقك لها تخطي أوامر عقلك بأن تحافظ عليها هي الآخر!
مازلت أقف ساكنة، ضحكت! 
ضحكت بيني وبين حالي حتي أني ضحكت بالحقيقة، لم أتحمل أن أراه سابقاً يحب شيئا غيري، يهتم سوي لتفاصيلي، يستمع لأنفاسي أنا!
أنا كنت أغار عليه من عائلته.. أصدقائه، حتي الغرباء، لدرجة أنه عندما أخبرني بحبه لذلك الجماد المعلق علي حقيبته أخذته منه، احتفظت به داخل أشيائي..
الآن أنا أراه بوضوح، تقع بأحضانه إحداهن، تشتم رائحته، تنعم باحتوائه وأنا.. وأنا أقف أنظر بلا حيلة ولا قوة!
تباً لتلك الحياة، أتلذذفي كل مرة تهبنا شيئا لم نضع له حساباً أن يحدث يوماً، اتخاذ الشئ الوحيد الذي أحببناه لتضعه بيد شئ اخر ربما لم يصلِ يوماً ليدعوا به، وتتركنا نحن المعتكفين ليلاً ونهاراً متذللين لخالقنا 
كنت أشعر بجسدي بأنه جثة تطفوا علي الماء، عديمة الشعور داخلي وصلت لأن تشل حركتي تماماً، تجعل الكون كله يمر من حولي وأنا ثابتة، لماذا علي أن أتعلم من الصفعات لا الاشارات!
كانت الرياح تعبر علي لتصل لهم وتجعل شعرها الناعم يتطاير فيهيئه لها بكلتا يديه وراء أذنها، كان يبتسم لها كما كان يبتسم لي، يرمقها نظرات دفء أعرفها جيداً
أنا اتألم، أقسم لك مازلت أتألم كأنها المرة الأولي التي تضرب فيها أماً ولدها الصغير وهي تبكي خوفاً عليه لكن ‏حتى البُكاء لم يستطع نشّل تلك الآلام المتراكمة على صدري.
‏الأفظع من أن لا تعرف إلى أين تذهب، هو أن لا تعرف من أين جئت، لهذا أعلم أن قدامي قد ثبتت بالأرض.
كان مشهد لم يتعدَ الخمس دقائق، حتي رحلت بها عني ثم أختفى
‏كفجرٍ أمسك يد القمر ورحل
كنت اختبئ داخل قلبك عندما يخيفني العالم، هي الآن صاحبة المأوي والحق، أصيبت بعمى الاتجاهات فوقعت ارضاً وقضيت عمراً كاملاً أنتظرك بنفس ذات الشارع لعلك تعود، أنتظر الحياة لعلها تهبها هي أيضا فراقاً يمنحني انا لقاء آخر.