12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

سلسلة شرح الأربعون النووية 

2020/10/07 12:25 PM | المشاهدات: 638


سلسلة شرح الأربعون النووية 
آمال عطيه

الحديث الخامس: "من أحدث في أمرنا"

 

عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -ﷺ-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). رواه البخاري ومسلم.

 

وفي رواية لمسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).

 

هذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الدين، وهو من جوامع الكلم التي أوتيها النبي -ﷺ -، فإنه صريح في رد كل بدعة، وكل مخترع في دين الله.

فهذا الحديث مما ينبغي العناية بحفظه، وإشاعته، واستعماله في إبطال المنكرات.

فهذا الحديث أصلا في رد البدع كلها، لأن البدع كلها ضلالات.

 

وهذا الحديث يتكلم عن أن الأعمال لا تكون مقبولة إلا إذا كانت وفق ما جاء به النبي -ﷺ-، لأن الله-سبحانه وتعالي- كما أنه يعبد بالإخلاص يعبد بالمتابعة.

فمن تعبد بعبادة لم تأتي عن الرسول -ﷺ- فإن الله -عز وجل- لا يقبلها بل يردها.

 

قال أهل اللغة: الرد هنا بمعنى، المردود، فهو باطل غير معتد به.

 

الحدث في الدين هو: إنشاء عبادة أو قربة أو شرع لم يأذن به الله.

 

اقرأ أيضا ً: اللسان بين النعمة والنقمة

 

ولكي يقبل العمل له شرطان:

 

١- الإخلاص لله تعالى.

٢- المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم.

الله سبحانه وتعالى جمع هذين الأصلين في الآية الأخيرة من سورة الكهف، قال تعالى:{فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا}

 

فالعمل الذي يخالف الشرع يرد على صاحبه ولو كانت نيته حسنة، وقصده طيب.

فالنية الحسنة، والقصد الطيب، لا يشفع للإنسان في قبول عمله إن كان عمله مخالفا للشرع.

لأنه كما أن من شرط قبول العمل الإخلاص في النية أيضا من شرطه الموافقة للسنة، فلو اختل الشرطان أو واحد منهما رد العمل على صاحبه.

ومما يدل على حسن النية، وطيب المقصد أنه لا يشفع للإنسان في قبول العمل، القصة التي رواها الإمام البخاري -رحمه الله- لأحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في عيد الأضحى بنية حسنة وقصد طيب من هذا الصحابي، أنه ذبح أضحيته قبل صلاة العيد من نفسه، ظناً منه أن هذا اليوم يوم أكل وشرب، فقال أنا أسارع في فعل الخير وأذبح الأضحية قبل الصلاة، فقال له النبي -ﷺ-: (شاتك شاة لحم).

فلم يشفع لهذا الصحابي حسن القصد في قبول أضحيته، فلم تقبل منه الشاة كأضحية في هذا اليوم.

بل جاء عنه-ﷺ- أنه أمر كل من ذبح قبل الصلاة أن يذبح بدلا منها بعد الصلاة.

لذا لا ينبغي لأي إنسان أن يعتذر لنفسه بفعل البدع، أو المحدثات، أو الأمور المخالفة للسنة بأن نيته سليمة.

 

وقد روى أحد السلف أنه رأى رجلاً يتنفل بعد صلاة العصر، فقال له: ليس هذا وقت صلاة، فغضب الرجل وقال: أتنهاني عن الصلاة، والله يقول: {أرأيت الذي ينهى* عبداً إذا صلى} قال: أنا لا أنهاك عن الصلاة، ولكن أنهاك عن البدعة، لأن الوقت ليس وقت صلاة.

 

اقرأ أيضا ً: رحلة إلى عالم الجن

 

وفي هذا الحديث فائدة للرد على من يقول أن في الدين بدعة حسنة، فهذه مقولة خاطئة غير صحيحة.

لأن الله سبحانه وتعالى يقول: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}.

استنادا لهذه الآية، قال الإمام مالك -رحمه الله-: "من قال أن في الدين بدعة حسنة، قد زعم أن -ﷺ- خان الرسالة".

ما لم يكن دينا في زمن محمد -ﷺ- وأصحابه لم يكن دينا إلى أن تقوم الساعة.

 

 

الأمور التي لابد وأن يوافق العمل فيها الشريعة ستة أمور:

 

١- السبب

وذلك كأن يفعل الإنسان عبادة لسبب لم يجعله الله تعالى سببا، مثل: أن يصلي ركعتين كلما دخل بيته ويتخذها سنة، فهذا مردود، لأنها ليس لها سبب شرعي.

ومن البدع التي ليس لها سبب شرعي أيضا، ما يقوم به البعض من عمل ختمة للميت بتجميع عدد من الناس وكل واحد يقرأ جزء في مجلس واحد.

 

٢- الجنس 

فلو تعبد الإنسان لله بعبادة لم يشرع جنسها، فهي غير مقبولة، مثل: لو أن أحدا ضحى بفرس، فإن ذلك مردود عليه، ولا يقبل منه لأنه مخالف للشريعة في الجنس، وذلك لأن الأضاحي تكون من بهيمة الأنعام.

 

٣- القدر

فلو تعبد شخص لله -عز وجل- بقدر زائد على الشريعة لم يقبل منه، مثل: شخص غسل أعضاءه في الوضوء أربع مرات عمدا، فالرابعة لا تقبل ويأثم بها لأنها زائدة على ما جاءت به الشريعة.

 

٤- الكيفية

فلو عمل شخص عملا يتعبد به لله وخالف الشريعة في كيفيته، لم يقبل منه، وعمله مردود عليه، مثل: لو أن رجلا صلى وسجد قبل أن يركع فصلاته باطلة مردودة، لأنه لم توافق الشريعة في الكيفية.

 

٥- الزمان 

فلو صلى الصلاة قبل دخول وقتها، فالصلاة غير مقبولة، لأنها في زمن غير ما حدده الشرع.

 

٦- المكان

فلو أن أحدا اعتكف في غير المساجد، بأن اعتكف في المدرسة، أو في البيت، فإن اعتكافه لا يصح، لأنه لم يوافق الشرع في مكان الاعتكاف.

 

اقرأ أيضا ً:الموت

 

ما يستفاد من الحديث:

 

-هذا الحديث أصل من أصول الدين، دل عليه قوله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}.

-تحريم الابتداع في الدين.

-العمل المبني على بدعة مردود على صاحبه.

-صلاح النية لا يشفع للعمل السيء.

-اتباع النبي -ﷺ- في الأقوال والأفعال.