نجلس في الليل بجانب النافذة وأمامنا رفيقة دربنا وشريكة أوقاتنا ومحبوبتنا من غيرها هي من تشارك المسافر في طريقه، والضال في سيره ، صاحبة أحزاننا وأفراحنا ،نستمد منها الدفء ،صاحبة الحبات البندقية 'القهوة" ننظر إلي النجوم في ليلنا كيف تلمع في سمائها وتتألق بضوئها ،لنجد أنفسنا نحاكيها وكأننا نتسامر معها ،نعترف بكل ما مر في حياتنا ،نكون كالعاريين أمامه.
لنعترف له بكل ما أخشيناه عن الجميع ينفضح أمامها ،كل أوجعنا التي بقت في جوفنا تجددت من جديد لتندلع كالبراكين بداخلنا،كل وجع أخفيناه يظهر وينكشف لنتذكر اعترافاتنا التي دفناها بداخل قلوبنا نتذكر لحظاتنا التي كان يجب أن نعترف فيها عما بداخلنا وأنكرناه ،كل فرحة تظاهرنا بها ،كل كلمة نطقنا بها ولم نعنيها،نتذكر أيامنا التي قضيناها عبثا نحاول العيش فيها بأقنعة ليست لنا ،نتذكر أكاذيبنا التي مللنا منها ،نتذكر ضحكتنا المليئة بدموعنا،قوتنا وقت ضعفنا،كل صرخة كانت تريد أن تخرج لكننا رفضنا أن نسمع صوتها ،علامات الضعف والحزن على وجوهنا التي غطتها مساحيق التجميل،نتذكر رحلات الوداع ،آلام الاشتياق لمن فارق حياتنا ورحل،ووجع الهوي لمن فارقنا وابتعد عنا ،نتذكر من تمسكنا بهم فخذلونا،من تعاهدنا معهم على السير معنا وتركونا فى منتصف الطريق،من ظننا أنهم أقارب وطعنوننا من الخلف،خيباتنا ،أوجاعنا وآمالنا الزائفة التى تحطمت ونحن نرسم اللامبالاة على وجوهنا،رعشة أيدينا وخوفنا التى أخفيناها بصعوبة كي لا تنكشف أوجاعنا.
_____
اقرأ المزيد/ الحب يبدأ عندما ينتهي الحماس
______
كل تلك الاعترافات دفنت فى جوفنا ليأتى ذلك الليل لنقف أمامه كالمساجين وهو كالقاضي ،نتعري أمامه من كل شيئ تسقط أمامه الأقنعة ويرفع الستار لتخرج التنهيدات المكتومة،والآهات المجروحة،والآنات المكبوتة لنتجرد من كل أكاذيبنا التي عشناها ،ووجهنا التى تلونت من الأسي.
ذلك الليل ما أقساه يحكم علينا دون شفقة وكأنه يعاقبنا عن سكوتنا دوما ،ولكن يبقى هو ملجؤنا الوحيد ليشهد على صرخات قلوبنا المدفونة،يبقى هو أماننا، وصوتا وصديقنا ،يبقى هو لوحتنا التى نقذف عليها بألوان اعترافاتنا ،يظل دائما كاتم أسرار وأوجاعنا ،ويظل ليل اعترافنا الذي سننتظره بفرع الصبر حتي نعود إليها ليلا لنحكي لها عما بداخلنا.
