12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

عقيدتي الدرس الخامس

2021/04/11 03:23 PM | المشاهدات: 696


عقيدتي الدرس الخامس
أحمد ناصر علوان

في قاعدة عظيمة عند أهل السنة والجماعة، ألا وهي: "تقديم النقل على العقل"

بداية نقول ونسأل اللّٰه القبول:

العقل الذي في الإنسان عمله تمييز الأمور، وليس الحكم؛ لأن الحكم للّٰه فقط: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} فليس الحكم لملك مقرب ولا لنبي مرسل ولا لرئيس ولا لمجلس شعب لا يحكم بما أنزل الله {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ}

 

إقرأ أيضًا: عقيدتي الدرس الرابع

 

فإذا كان الأمر كذلك فاعلم أنه ليس هناك تعارض أبدا بين عقل صحيح ونقل صريح، إنما هناك إيهام تعارض يكون بسبب: إما عقل فاسد، وإما نقل غير صحيح.

يعني: إذا توهم تعارض بين العقل والنقل فذلك بسبب من اثنين: 

١- إما أن النص غير ثابت، غير صحيح كالأحاديث الضعيفة والموضوعة.

 

إقرأ أيضًا: سلسلة عقيدتي الدرس الأول

 

٢- وإما أن العقل قد فهمه على غير مراده.

وإذا تعارض العقل مع النقل بهذه الصورة يقدم النقل فنفعل ما في القرآن والسنة بغير نقاش، ولا سؤال: كيف؟ ولا: لماذا؟ نفعل ما أمرنا به، وهذا مقتضى الإسلام والتسليم.

والدليل على ذلك النقل والعقل: 

أما النقل فكثير جدا، منه: 

١- قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} فليس للمسلم خيرة في أمر الله إن رأى شيئا غير ما في الكتاب والسنة الصحيحة.

٢- ما في الصحيحين من حديث عبَّاسِ بنِ ربيعةَ قَالَ: رأيتُ عُمَرَ بنَ الخطابِ رَضْيَ اللهُ عنه يُقبِّلُ الحجَرَ - يعني الأَسْودَ - ويقول: «إنِّي أعلُم أنَّك حَجَرٌ ما تَنفعُ ولا تَضُرُّ، ولولا أنِّي رأيتُ رسولَ اللّٰه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقبِّلُك ما قَبَّلتُكَ».

فهذا عمر قد سلم لما رأى من رسول ﷲ ﷺَ رغم أنه يخالف عقله ورأيه الذي يقول له: إن هذا حجر لا ينفع ولا يضر، وما قصته في صلح الحديبية ببعيدة، وما قصة معظم الصحابة في صلح الحديبية ببعيدة، لأنهم لم يرضوا به إلا لفعل رسول ﷲ ﷺَ.

٣- ما عند أبي داود من حديث علي بن أبي طالب -رضي ﷲ عنه- قال: (لو كان الدينُ بالرأي لكان أسفلُ الخفِّ أولَى بالمسحِ من أعلاهُ، وقد رأيتُ رسول ﷲ ﷺ يمسحُ على ظاهرِ خفَّيهِ)

 

إقرأ أيضًا: فضل آية الكرسي

 

وهذان من الخلفاء الراشدين، فلننتبه، فلسنا أفضل ولا أعقل، وليس في الأمة ممن جاء بعدهم أفضل ولا أعقل منهم، فالحمد لله الذي كفانا بهم شر الابتداع.

 

وأما العقل فوجوه كثيرة، منها:

١- إن اللّٰه خلق عقول العباد متفاوتة وقد تكون متناقضة حسب الزمان والمكان، فمن يحكم من وعلى سنة من إذا أعمل كل رأيه مخالفا للنصوص الشرعية؟!

٢- إن اللّٰه هو الذي خلق وهو أعلم بما خلق، لا العباد، ولا يمكن لعبد عاقل حر أن يقبل بحكم عبد آخر مساو له عليه، وبهذا يكون التنازع والشقاق، فكل ملك ينازعه ملك، وكل حكم ينازعه حكم، وكل عاقل فهناك أعقل، وفوق كل ذي علم عليم، فمن من البشر يسلم لمن من البشر؟

٣- مقتضى الاستسلام للّٰه أن تستسلم لشرعه -إذا صح- حتى لو لم تدرك الغاية منه، كما يفعل العبد بين يدي سيده إذا طلب سيده منه شيئا لا يفهمه.

فلا يأتين قصير من بني علمان أو بني تجديد فيقول: هذا الحديث ليس معقولا، أو لا يقبله العقل، هذا الحديث شرف لأمة محمد كلها، قل لمن أرسلك: لا يزال في أمة محمد أسود سيقاتلون دون سنة رسول ﷲ ﷺَ حتى الممات.

 

- وكذلك لا تناقض ولا تعارض بين نصين شرعيين، إلا ظاهرا لمن لم يدقق النظر ويعمل قواعد الشرع والعقل واللغة، فيتوهم حدوث تعارض بين الأدلة أو النصوص، وليس ثم تعارض إنما يرد الأمر لأهله ويعرض الإشكال على أهل العلم يجد هنالك حلا له -إن شاء ﷲ-

-كذلك مقتضى الشرع أن تخالف هواك طاعة لمولاك إذا تعارض الشرع مع هواك، فلتقدم ما أراد ﷲ، وهنا تظهر الطاعة الحقيقية، وهذا هو المحك في الاختبار، وﷲ أعلم بالصواب، والحمدلله رب العالمين.