انفجر كاليغولا مره ضاحكآ دون أن يفهم القناصل وأعضاء مجلس الشيوخ من حوله سببآ لنوبة الضحك هذه فلما استفهمه شيخان قريبان من مجلسه أجابهما
(الأمر بسيط اضحك لفكره وهي أنني بايماءة واحدة من رأسي استطيع أن ارى رأسيكما يتدحرجان أمامي علي الفور)
شغل الطغاة الشاغل هو نشر الرعب والموت بين رعاياهم لكن احدآ لم يفعل ذالك بفخر واعتزاز كما فعل كاليغولا الذي أعلن أن حمل البؤس إلي الرعية ودمارها يشكلان القاعدة الذهبية لسياستنا '
كاليغولا الأمبراطو الروماني أشهر طاغية في التاريخ الإنساني وله صله قرابه من ناحية الأم بالامبراطور الأشهر (نيرون)الذي أحرق روما'
اسمه الحقيقي جابوس تربى ونشأة في بيت ملكي وتمت تربيته بين العسكر إعدادآ له للحكم وأطلقوا عليه هذا الإسم (كاليغولا)ومعناه الحذاء الروماني سخرية منه في صغره وظل يحمل هذا الإسم حتي مصرعه'
تولي الحكم عام 37الي عام 41ميلاديآ '
لم يكن كاليغولا مجرد طاغية حكم روما بل كان نموذجآ للشر وجنون العظمة والقسوة لدرجه أوصلته إلي القيام بأفعال لا يعقلها البشر أو يتصورها العقل'
الأكثر شهره من أفعال الطاغية هي فكرة استبدت به بأنه إله علي الأرض وملك هذا العالم بأسره ويفعل كل ما يحلو له وذات مره ذهب يسعى في طلب القمر لا لشئ سوى لأنه من الأشياء التي لا يمتلكها ولهذا استبد به الحزن حيث عجز عن الحصول عليه'
كما أنه فرض السرقة العلنية في روما وبالطبع كانت مقصوره عليه فقط إذ أجبر كل أشارف روما وأفراد الامبراطوريه الأثرياء علي حرمان ورثتهم من الميراث وكتابه وصيه أن تؤول أملاكهم إلي خزانه روما بعد وفاتهم وبالطبع خزائنه إذ أنه كان يعتبر نفسه روما فكان في بعض الأحيان يأمر بقتل بعض الأثرياء حسب ترتيب القائمة التي تناسب هواءه الشخصي كي ينتقل سريعآ إرثهم إليه دون الحاجة لانتظار الأمر الإلهي وكان يبرر ذالك بعباره شهيره جدآ'
(أما أنا فاسرق بصراحة )
وكان يرى أنه طالما اعترف بسرقته فهذا مباح'
كان كاليغولا مضطربآ نفسيآ ويهوى التلاعب بمشاعر أفراد حاشيته الذين افسدوه وجعلوا يتمادى في ظلمه وقسوته بصمتهم وجبنهم وهتافهم له في كل مايقوم به خوفآ من بطشه وطمعآ في المكاسب '
فذات مره خرج علي رجاله بخدعه أنه يحتضر وسيموت فبادروا بالإعلان عن دعائهم له بالشفاء واستعدادهم للتضحية من أجله وبلغ التهور بالبعض أن أعلن رجل أن حياته فداءآ له وأعلن الأخر مائة قطعة ذهبيه لخزائن الدولة كي يشفي كاليغولا وفي لحظتها خرج عليهم من مخباءه ليبشرهم أنه لم يمت ويجبر من أعلن عن وعوده المتهوره علي الوفاه بها فأخذ من الثاني مئة عمله ذهبية وقتل الأخر كي ينفذ وعده وكانت عبارته التي يرددها لتبرير القتل لنفسه '
(وغريب أنني إذ لم اقتل أحدآ أشعر بأنني وحيد )
(لا ارتاح الا بين الموتى)
هاتان العبارتان تبرذان بوضوح تام ملامح الشخصية المريضة لكاليغولا والتي أبدع الكاتب الفرنسي البير كامو في وصفها في مسرحيته كاليغولا'
من المضحك المبكي ما قام به كاليغولا عندما أراد أن يشعر بقوته وأن كل أمور الحياة بيده ورأى أن تاريخ حكمه يخلوا من المجاعات والأوبئة وهكذا لن تتذكره الأجيال القادمة فأحدث بنفسه مجاعة في روما عندما أغلق مخازن الغلال مستمتعآ بأنه يستطيع أن يجعل كارثه تحل بروما ويجعلها تنتهى أيضا بأمر منه فمكث يستلذ برؤية أهل روما يتعذبون بالجوع وبنفس المنطق المختل قال كلمته
(ساحل أنا محل الطاعون)
أخذ جنون كاليغولا يزداد يومآ بعد يوم والذي استمر أكثر في تعاظم جنونه وبطشه أن الشعب كان خائفآ منه وظل رجاله يؤيدونه في جبروته حتي لحقهم بدورهم فذات يوم رأى رجل من رجاله يتناول عقارآ ما فظن أنه يتناول دواء مضاد للسم خوفآ من أن يقوم كاليغولا بقتله وهكذا قرر كاليغولا أن يقتله لأنه كان من الممكن أن يرغب فعلآ في قتله بالسم وقد حرمه من تلك المتعه وهكذا قتله ليتبين أن الرجل كان يتناول عقارآ عاديآ'
نهايته
ازداد جنون كاليغولا عن حده حتي جاءت لحظة الحادثه الشهيرة والتي أدت إلي مصرعه في النهاية '
دخل كاليغولا مجلس الشيوخ ممتطيآ صهوة جواده (تانتوس)
ولما أبدى أحد الاعضاء إعتراضه على هذا السلوك قال له كاليغولا
(أنا لاادرى لما أبدى البعض ملاحظة علي دخول جوادي المحترم رغم أنه أكثر أهمية من البعض يكفي أنه يحملني)
وطبعآ كعاده الحاشية هتفوا له وايدوا مايقوله فزاد جنونه وأصدر قرارآ بتعيين جواده المحترم عضوا في مجلس الشيوخ'
وهلل الاعضاء بنفاق لحكمة كاليغولا فانطلق هذا الأخير بعبثه الي النهاية وأعلن عن حفله ليحتفل فيها بتعيين جواده عضوآ في المجلس وكان لابد علي الأعضاء الحضور بالملابس الرسمية'
ويوم الحفل فوجئ الحاضرون أن المأدبة لم يكن بها سوى التبن والشعير فلما اندهشوا قال لهم كاليغولا أنه شرف عظيم لهم أن يأكلوا في صحائف ذهبية مايأكله حصانه وهكذا أذعن الحضور جميعآ لرغبة الطاغية واكلوا التبن والشعير ماعادا واحدآ كان يدعى (براتوس) رفض فغضب عليه كاليغولا وقال له من انت كي ترفض أن تأكل مما يأكل جوادي وأصدر قرارآ بتنحيه من منصبه وتعيين حصانه بدلاً منه وبالطبع على الحاضرون بفم ملئ بالتبن واعلنوا تأييدهم لهذا الجنون'
ثار براتوس وأعلن الثأر لشرفه وصاح في أعضاء المجلس'
إلي متي يا أشراف روما نظل خاضعين لجبروت كاليغولا وبسرعه قذف براتوس حذاءه في وجه حصان كاليغولا وصاح يااشراف روما افعلوا مثلي استردوا شرفكم المهان
فاستفتحت المعركة بالأطباق وكل شيء ثم تجمع الآعضاء وأعوان كاليغولا عليه حتي قتلوه وقتلوا حصانه أيضآ'
ولما وصل الخبر إلي الشعب خرج مسرعآ وحطم تماثيل كاليغولا ومعها ايضآ تماثيل عائلته الكثيرة'
لم يكن كاليغولا طاغية فحسب بل كان وحشا يريد أن يفترس العالم