12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

الكاريكاتير في مصر القديمة

2020/10/26 12:06 PM | المشاهدات: 538


الكاريكاتير في مصر القديمة
آلاء زكريا المنسي

تشابهت الرسوم الهزلية و الكاريكاتيرية في مصر القديمة مع مثيلاتها في عصرنا الحاضر في بعض أمورها ، ولكن اختلفت عنها في بعض آخر ؛ فتشابهت معها في أنها تميزت بين الفنون التعبيرية المعاصرة لها بروحها المرحة و استعانتها بالخيال وتضخيم نواحي الإثارة فيها و اعتمادها علي الرمز في أغلب أحوالها.
كانت من أدوات الوصل بين بعض ذوي المواهب الجريئة اللماحة المرحة من الفنانين وبين الأوضاع الاجتماعية والسياسية المثيرة في عصورهم ؛ فكانت أداة يعبر أحدهم بها عن مشاعر انفعل بها بينه وبين نفسه واستحب أن ينقل صورتها لغيره بأسلوب مرح يستثير بها الغير إلي مشاركته فيها ، أو يترجم بها عن ظواهر عامة أحس بها مع غيره في محيطه الصغير أو مجتمعه الكبير ثم عبر عنها من وجهة نظره وكما تصورها في خياله.
اختلفت رسومنا المصرية القديمة عن الرسوم الحالية في أنها لم تعتمد كثيراً علي التخطيط السريع ، وأنها لم تجد من وسائل النشر في عصورها القديمة ما يسمح لها بالذيوع علي نطاق واسع...وقد بلغ من إتقان بعض مناظره ما جعلها تقترب من الصورة الحقيقية وما يوحي بأن الأيدي التي صورتها هي نفس الأيدي المتمكنة التى تكفلت بتنفيذ روائع الفنون الكلاسيكية المعاصرة لها علي جدران المقابر و المعابد.
فعلي أحد جدران المقابر  صور الفنان شكلا يمثل وليمة ظهرت فيها أحد السيدات وقد أفرطت في تعاطي الشراب ؛ فجلست علي الأرض وتقيأت ما شربته....
وفى منظر آخر تمثيل لسيدة جميلة وأنيقة وقد زينت هامتها بزهرة اللوتس تبدو وهي منهمكة في طلاء شفتيها بالأحمر وتنظر في نفس الوقت إلى زينتها فى مرآة تمسك بها في يدها اليسرى مع العلبة الصغيرة التي تحتوي على المسحوق....
ولم يكن الرسام الفكاهي يتورع عن إظهار تهكمه حتى علي أصحاب العروش ففى إحدى صوره مثل الملك علي هيئة كلب يتربع علي العرش وهو يستقبل القرابين المقدسة...
كان الفنان المصري يستخدم أيضاً الحيوانات بكثرة في تمثيل فكاهاته فعلي شقافة نشاهد قطتين إحداهما من نوع عريق أصيل و تجلس علي أريكة وقد بلغ بها التأنق  حدا كبيراً ، بينما يفدقوم على خدماتها قط ذليل وقف صاغرا وذيله بين فخذيه أدبا .
ومن الرسوم الفكاهية الطريفة أيضاً رسم كروكى هزلى علي قطعة بردية نشاهد مجموعة من القطط ساهرة علي خدمة فأرة جالسة علي مقعد وتمسك كأسا بيديها...
كان أيضاً الرسام المصري القديم يقوم بإظهار عيوب المجتمع أملأ فى إصلاحها فمثلاً صور فرس النهر وقد عرش فوق جميزة بينما إضطر النسر إلي الصعود إليها بسلم...
ولنتصور أيضاً أن أي نظام يسود في دولة يرعي الثعلب فيها الماعز أو تقود الزئاب الاوز.
تخيلوا معي أيضاً أن فيلم للرسوم المتحركة كان في مصر القديمة ، حيث أن المصري القديم لم يكن عبقري في إبراز مساوئ المجتمع المصري حينذاك بشئ من السخرية و الفكاهية فحسب...بل تعدوا ذلك إلى ما هو أغرب من الخيال...بحيث لو نقلت هذه الرسوم علي شريط سينمائي سوف نرى أن أمامنا صورة حية متحركة لأناس يمارسون عدة ألعاب رياضية أي أنهم نقشوا الرسومات علي جدران المقابر بحركات متتالية بحيث كل صورة تكمل حركة الصورة التى قبلها وهكذا....
ولعلنا ندرك الآن أن روح المرح والفكاهة التي اشتهر بها المصريون لم تكن وليدة اليوم ..بل هي صفة چينية توارثها المصريون عبر الأجيال من أجدادهم المصريين القدماء.