أحياء ولكن

هل جربت أن تحيا بدون حياة؟ ! هل جربت أن تعيش وأنت تظن أنك ميت؟ البعض سيظنون أن هذا مجرد هراء، لا يا سادة إنها متلازمة وهم كوتار أو كما يسمونها متلازمة الجثمان السائر، إنه من الأمراض النفسية نادرة الحدوث والذي يدمر حياة الشخص المصاب به، تخيل فقط أنك تتوهم أنك ميت وأنت حي وتتنفس وجميع وظائفك الخلوية تعمل، ولكن عقلك يصور لك موتك، يصور لك أنك روح بلا جسد وأن جسدك قد تم دفنه أي أنك انتهيت من الحياة، كم هذا مرعب ومروع أن تكون على قيد الحياة وفاقد لها، نعم الحياة مشقة ولكن لها لذتها الخاصة في طريقة عيشنا لها في صعوبتها التي تقوينا مع الوقت، أنستسلم للموت ونحن على قيد الحياة؟

اقرأ أيضاً/سجناء جسد واحد

من الاضطرابات النفسية نادرة الحدوث متلازمة كوتار وهو اضطراب نفسي يشعر المريض عندما يكون في هذه الحالة بأنه ميت أو غير موجود أو فقد دماءه أو فقد حتى بعض أعضاءه الداخلية، وفي هذه الحالة يصاب المريض بالكثير من الهلاوس والوساوس التي تنبع من الاكتئاب، الاكتئاب الذي يُصاب به معظم شبابنا يمكن أن يوصلهم لهذه المرحلة في يوم من الأيام، لهذا لا يجب على أي شخص منا أن يستسلم لهذا الاكتئاب لكي لا ينتهي بنا الأمر في معاناة نفسية لا نقدر على تحملها.

لم يتحدد أسباب رئيسية لهذا الاضطراب القاتل إلا أن بعض العلماء رجحوا أنه من الممكن أن يصاب به شخص مريض بمرض نفسي آخر مثل الفصام أو الاضطراب ثنائي القطب، أو يحدث بعد بعض الإصابات الجسدية كحوادث السير أو التعرض للضرب بطريقة صعبة وغيرها، ويدخل المريض في صراعه مع عقله وينتهي به الأمر ميت وهو حي.

اقرأ أيضاً/الرسائل الإلهية

أول من اكتشف هذه المتلازمة هو طبيب الأمراض العصبية الفرنسي" جولز كوتار" وأطلق عليه في بادئ الأمر بهذيان النفي أو بهذيان الإنكار حيث أنه كان لديه مريضة أطلق عليها لقب" السيدة X" والتي آمنت بأن هناك لعنة هي مصابة بها مما أدى إلى إنكارها لوجود بعض أعضاء جسمها مما جعلها تظن أنها ليست بحاجة للطعام وقد توفت هذه السيدة نتيجة الجوع. وقد ذكر في إحدى محاضراته أن هذا الاضطراب متفاوت الشدة ففي حالة كون هذه المتلازمة بسيطة يشعر المريض باليأس وكره الذات، وفي الحالة الحادة بالأوهام الشديدة والاكتئاب المزمن.

اقرأ أيضاً/مجرمون بالغزيرة

هناك بعض الأعراض لهذا المرض ولكن أهم عَرض هو الإنكار فالمرضى غالباً ما ينكرون وجودهم في الحياة أو وجود جزء معين من أجسامهم وقد تم تمييز هذه المتلازمة لثلاثة مراحل هي:

١- النشوء: يعاني المريض في هذه المرحلة من الاكتئاب الذهاني وبعض الهلاوس التي لا أساس لها من الصحة. 

٢- التفتح: هذه المرحلة هي مرحلة التطور الكامل للمتلازمة.

٣- مزمن: وفيها يتم التشخيص للمريض بالاكتئاب المزمن والأوهام الشديدة والإنكار التام للحياة من حوله.

مصابوا متلازمة كوتار ينعزلون عن العالم من حولهم وينسون الاهتمام بنظافتهم الشخصية وبسلامتهم لاعتقادهم أنهم أموات، ومع مرور الوقت يغيبون عن الواقع الخارجي وما يحدث وهذا هو قمة العذاب النفسي أن تحيا بلا حياة.

تم وصف حالة معاصرة من قِبل الباحثين يونج و ليفهيد وكانت هذه الحالة عبارة عن شخص أصيب في حادث دراجات نارية وكانت أعراض المرض بالنسبة له أنه شعر أنه ميت وأنه تم أخذه إلى جنهم عندما أخذته والدته الي جنوب أفريقيا حيث أدى ارتفاع درجة الحرارة إلى هذا التخيل.

لنتخيل فقط كم هذا صعب كم هذا موحش لمن حول المصاب وهم يحاولون إقناعه أنه حي يرزق ولكنه لديه يقين بأنه قد توفي ويعيش بهذه الحالة إلى آخر عمره، وهل مع تطور التكنولوجيا سيتطور هذا الاضطراب ويظهر أكثر في المجتمعات؟ هل تطورنا يصعب علينا طريقة العيش البسيطة؟ لا ندري ولكن نتمنى فقط أن يظل هذا الاضطراب النفسي نادر وليس شائع.