إنه الصحابي الجليل عكرمة بن أبي جهل الذي يصدق عليه قول الحق _جل وعلا_(نخرج الحي من الميت) فلقد كان أبوه (أبو جهل) صاحب القلب الميت الذي لم يعرف الله يوما ولم يؤمن به أبدا وعلى الرغم من ذلك يخرج الله من صلبه هذا الصحابي الجليل صاحب القلب الحي الذي جاء إسلامه متأخرا، ولكنه أراد أن يبذل الخير، وأن يجود بنفسه وماله في اللحظات الاخيره من عمره، وكأنه في سباق مع الزمن ليعوض ما فاته من الخير مع رسول الله (ص).
عن سعد بن أبي وقاص _رضي الله عنه _قال:لما كان يوم فتح مكه أمن رسول الله (ص) الناس الا اربعه نفر وامراتين.. فذكر، الحديث،فيه:وأما عكرمة وركب البحر فأصبهم عاصف. فقال أصحاب السفينه :اخلصوا، لا تغني عنكم ههنا شيئا. فقال عكرمة. والله لئن لم ينجني في البحر الا الإخلاص لا ينجني في البر غيره، اللهم ان لك على عهدا إن عافيتي مما اتي محمد حتى أضع يدي في يده، فما أجدنه الا عفوا كريما، قال:فجاء واسلم.
(لما تسلل عكرمه من مكه إلى اليمن.. مضت زوجه ام الحكيم إلى النبي (ص) وطلبت منه الأمان الا زوجها عكرمة بعد أن أسلمت بين يدي رسول الله فاعطاها الأمان لزوجها. فخرجت في طلبه فادركته عند ساحل البحر في منطقة تهامه، فجاءت به إلى النبي(ص) فاسلم وحسن إسلامه. بدأ عكرمة صفحة جديدة مشرقه كلها تضحيه وبذل وفداء. وكان عكرمة إذا اجتهد في اليمين قال :لا والذي نجاني يوم بدر.
وكان يضع المصحف على وجهه ويقول:كتاب ربي.. كتاب ربي. وهو يبكي على تلك الأيام التي قضاها في عداوته لرسول الله (ص).
لما كان يوم اليرموك، تقدم خالد الي عكرمه بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو ان ينشئا القتال. فبدا يرتجزان ودعوا إلى البراز _المبارزه_وتناذل الابطال وتجاولوا، وحمى الحرب وقامت على الساق، فنادي عكرمه (قاتلت رسول الله (ص) فى كل موطن وافر منكم اليوم؟! من يبايع على موت؟ فبايعه اربعمائه من وجوه المسلمين من وجوه المسلمين وفرسانهم. فبايعه عمه الحارث بن هشام، وضرار بن الازور. فاستبسلوا وقاتلوا قدام فسطاط خالد، حتى ثبتوا جميعا جراحا. فأتى خالد بعكرمه جريحا فوضع رأسه على فخده، وبعمرو بن عكرمه فوضع رأسه على ساقه. وجعل يمسح عن وجهيهما، ويقطر الماء في حلقيهما.
فرضي الله عن الشهيد اليرموك عكرمة. الذي قال فيه ابن كثير ((يقال:إنه لايعرف له ذنب بعد ما اسلم))
قال الشافعي :كان محمود البلاء في الإسلام، رضي الله عنه.
قال أبو إسحاق السبيعي :نزل عكرمة يوم اليرموك. فقاتل قتالا شديدا ثم استشهد فوجدوا به بضعا وسبعين من طعنه ورميه وضربه.
وهكذا يجب على المسلم ان يستدرك ما فاته وأن يبدأ صفحه جديدة كلها طاعه لله وتضحيه وبذل وعطاء من أجل اعلاء كلمه (لا إله إلا الله)
فرضي الله عن عكرمة وسألت دماؤه على أرض شرف والقتال. تلك الدماءالتي لا لطالما امتزجت بحب الله وحب رسوله (ص) واشتاقت الي نصره دين الله.