إن الحديث عن المعابد يجرنا إلى الحديث عن الديانة المصرية، وعبادة الآلهة في هذه الفترة المبكرة من تاريخ مصر القديمة، وهذا لاشك أن يصعب الحديث فيه بسبب قلة الوثائق المكتوبة التي تمدنا بالمعلومات. ولكن الشئ المؤكد أن المصريين القدماء كانوا شعبا متدينا، اهتموا بالالهة وأقاموا لها المعابد لكى يتعبدوا لها بل وبعد ذلك كان هناك كهنة ينظفون مساكنها ويقومون علىٰ خدمتها.
اقرأ أيضًا.شمس مصر / درة العمارة العثمانية " بيت السحيمي "
إن الشعور الغريزي بالخوف والفزع هو الذي دفع الإنسان المصري إلى التفكير في المعتقدات المختلفة التي يتكون منها ما اصطلح علىٰ تسميته بالعقائد الدينية. هذا الإنسان الأول البدائى لا بد أنه كان يتطلع إلىٰ العالم المحيط به، ولا بد أنه شعر بتلك القوى التى سيطرت عليه وعلى البيئة، ولابد أنه لاحظ الشمس تشرق كل يوم وراء الأفق الشرقي وتتحرك في السماء إلى أن تصل إلى الأفق الغربي ثم تختفى، ثم رأىٰ النجوم في السماء والجبال والوديان والحيوانات في الأرض. هذا الإنسان نشأ علىٰ الفطرة واضطر إلىٰ عبادة قوى الطبيعة من حيوان ونبات وجماد.
اقرأ أيضًاشمس مصر/ المتعبدة الإلهية لآمون
تعبد المصري القديم الأول إلىٰ أكثر من معبود فضله، وهو ذلك العنصر المقدس الذي يحميه ويدافع عنه، ويستمد منه الحاكم شرعيَّة الحكم وقُدسيَّة حكمه، والتجأ إلى الحيوانات المختلفة المحيطة به وتعبد إليها حتى يضمن سرعة مساعدتها له، أو ربما لأنه كان يخاف قسوة الانتقام. وبهذا تكون عند المصرى القديم ما يمكن أن نسميه بالالهة الصغرى. اعتقد ملوك مصر أنهم من نسل الآلهة، وأنهم ممثلوهم على الأرض، واعتقد المصريون بأنهم مدينون بكل شيء للآلهة التي منحتهم مصر بما فيها من خيرات ونعم.
اقرأ أيضًاشمس مصر : متحف شعر البنات .
ويمكن تصور المعبد المصري في بادئ الأمر على أنه منزل بدائيا. فقد اعتقد المصري بأنه لا بد للإله وجود منزل يسكنه، ويقدم له فيه ما يحتاجه من مأكل ومشرب، كما تقام له فى اعياده ويؤدون له الطقوس والشعائر ولهذا أطلق علىٰ المعبد بعد ذلك اسم"حوت نثر" أى بيت الإله ثم أصبح للإله خدم، أطلق على الواحد منهم "حم نثر" أى خادم الإله بمعنى الكاهن. وهناك صورة تمثل المعبد البدائي نراها واضحة علىٰ بطاقة خشبيَّة، وجدت في أبيدوس، وترجع إلى عصر الملك حور عحا من ملوك الأسرة الاولىٰ. والصورة تمثل معبدًا به وسقفه المقبي من اعواد عبارة عن كوخ صغير، أقيمت جوانبه وسقفه من النباتات، ربما البوص المتعاشق، أمام هذا الكوخ ساحة غالبا ما تحاط بسور منخفض، وكان يوضع في وسط هذه الساحة ،او هذا الفناء الرمز الخاص بالمعبود المحلى والذي يمثل هنا الإله" نيت"، وعند مدخل هذا الفناء نرى قائمين من الخشب ينتهي كل منهما عند طرفه الأعلىٰ بقطعة من القماش يحتمل أنها تمثل نفس العلامة التى أصبحت فيما بعد المخصص لكلمة الإله.
اقرأ أيضًا|شمس مصر...| الخليفة المفترىٰ عليه.
هذان القائمان يمثلان المدخل المؤدي إلى المكان المقدس، أو الأرض المقدسة، أو ما اصطلح علىٰ تسميته بعد ذلك بقدس الأقداس. كانت معابد هذه الفترة تشيَّد من الأخشاب والنباتات، ولهذا فقد اندثرت ولم يبقى منها شيء سوى ما نجده على اللوحات الخشبيَّة والعاجيَّة وما شابه، أو من المخصصات التى ترسم مع الكلمات التي معابد الشمال أو معابد الجنوب. ومن هذه الرسومات والنقوش يتضح أن معبد أو هيكل الجنوب كان معبدا من الخشب ومغطىٰ بالحصير، من اعواد النباتات المضفرة، وكان يوجد في أحد جانبيه باب كبير مقوس في أعلاه، وباب آخر في نهاية أحد جانبيه الطويلين.