12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

المبشرون من آل البيت

2020/05/01 10:50 AM | المشاهدات: 1057


المبشرون من آل البيت
آلاء محمد حنفي

قال تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}

 

مولاتنا خديجة رضي الله عنها 

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا رسول الله، هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه ولا نصب)).

المبشرة في هذا الحديث النبوي الشريف هي السيدة الجليلة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، سيدة النساء وأصل بيت النبوة، رضي الله عنها وأرضاها، وهي أول من تزوج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من النساء، وهي القرشية التي تجتمع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جده قصيّ، وهي أول من صدق ببعثته مطلقاً وكانت تدعى قبل البعثة بالطاهرة.
وقد رغبت في الزواج من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما حكى لها غلامها ميسرة ما شاهده من علامات النبوة أثناء رحلته مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلي الشام في التجارة، وما سمعه من بحيرة الراهب في شأن علامات النبوة عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وكان عمرها -رضي الله عنها- عند زواجها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعين سنة ومكثت معه أربعاً وعشرين سنة.
وأنجبت منه أرلع بنات كلهن أدركن الإسلام وهاجرن أيضاً، وهن: زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم.
وأجمع العلماء أنها أنجبت منه ابناً يسمى القاسم وبه كان يكنى: أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم- .
ومن أعظم مواقفها مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طمأنتها له في بدء الوحي، وتقوية قلبه عندما جاءه جبريل -عليه السلام-، فرجع ترجف بوادره حتى دخل عليها، فقال: زمِّلوني زمِّلوني، فزملته حتى ذهب عنه الروع، ثم قال لها: لقد خشيت على نفسي، فقالت له خديجة: كلا أبشر فواللّٰه لا يخزيك اللّٰه أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.
فكان موقف زوجه خديجة من أشرف المواقف التي تحمد لامرأة في الأولين والآخرين، طمأنته حين قلق، وأرضته حين جهد، وذكرته بما فيه من فضائل، وبهذا الرأي الراجح، والقلب الصالح، استحقت السيدة خديجة أن يحييها ربها، فيرسل بالسلام مع الروح الأمين جبريل عليه السلام كما جاء في الحديث السابق، وكانت رضي الله عنها فقيهة عالمة ذكية. ولذلك قالت: إن الله هو السلام، وعلى جبريل السلام وعليك السلام ورحمة الله.
فالبشرى للسيدة خديجة من الله عز وجل في علاه،  على لسان جبريل عليه السلام، والمبلغ لذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- ألا ما أعظم هذه البشرى ببيت في الجنة زائد على ما أعده الله لها من ثواب على عملها، ولهذا قال لا صخب فيه ولا نصب.
قال الإمام السهيلي: ونفى عن البيت الصخب، وهو الصوت المختلط المرتفع، ونفى عنه التعب، لأنه -صلى الله عليه وسلم- لما دعا إلى الإسلام أجابت خديجة طوعاً، فلم تحوجه إلى رفع صوت ولا منازعات ولا تعب في ذلك. بل أزالت عنه النصب وآنسته من كل وحشة، وهونت عليه كل عسير، فناسب أن يكون منزلها الذي بشرها به ربها بالصفة القابلة لفعلها؛ فالجزاء من جنس العمل.
وكانت السيدة عائشة تقول: كأنه لم يكن في الدنيا الا خديجة، فيقول صلى الله عليه وسلم: ((إنها آمنت بي حين كفرني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء)).
وكان من وفائه -صلى الله عليه وسلم- ومراعاته لحرمة الصلة بينه وبين السيدة خديجة بعد وفاتها أنه كان إذا أتى بشيء يقول: اذهبوا به إلى فلانة فإنها كانت صديقة لخديجة.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن عائشة عليها السلام قالت: ((جاءت عجوز إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال كيف أنتم؟ كيف حالكم؟ كيف كنتم بعدنا؟ قالت بخير. فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال يا عائشة: إنها كانت تأتينا زمان خديجة وإن حسن العهد من الإيمان)).
فكان هذا الإهتمام والثناء والإهداء لصويحباتها علامة واضحة على استمرار حبه -صلى الله عليه وسلم- لها. رضي الله عن خديجة وأرضاها.