هنعرف سبب احتراقها وكيفية ظهور المسيحية وانتشارها
وإذا تحدثنا عن مكتبة الإسكندرية فمن الجدير بالذكر أن نقول أنها كانت قبلة للعلم والعلماء خلال تلك الحقبة الزمنية، وبنيت في عهد الملك بطليموس الأول، ثم جاء بعده بطليموس الثاني فيلادلفوس ليكمل ذلك الصرح العلمي العظيم وضمت المكتبة عدد كبير من الكتب، اختلف العلماء حول تقديره، ويذكر البعض أنه بلغ مابين خمسمائة وسبعمائة ألف كتاب أو مخطوط، وكان بها كتالوجات مفهرسة في مائة وعشرون لفافه، وهذا عدد ضخم بالنسبة لهذا العصر الذي لم تعرف فيه الطباعة بعد، بل كان الاعتماد الأساسي على النسخ بالأيدي.
اقرأ أيضًا:|شمس مصر|.. أدوات التزيين في مصر القديمة..
ولكن للأسف الشديد احترقت هذه المكتبة خلال الاضطرابات التي سادت مدينة الإسكندرية أثناء وجود يوليوس قيصر بمصر في النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد عام ٤٨ق.م ، وكان قد جاء إلى مصر لينضم إلى كليوباترا السابعة في صراعها ضد أخيها بطليموس الثالث حول العرش، ولكن خصوم كليوباترا قد ناضلوا ضدها بشدة وضد حليفها يوليوس قيصر، وكادوا أن يحققوا النصر ويستولوا على السفن الموجودة بالميناء، لذلك سارع يوليوس قيصر بأشعال النيران في هذه السفن حتى لا تقع في أيدي أعدائه، ولكن النيران إمتدت إلى الحي الملكي الذي ضم المكتبة فاحترقت، وأكلت النيران كل الكتب الموجودة بها.
اقرأ أيضًا:|شمس مصر|.. عودة الملكية في فرنسا.
ونظرًا لحب كليوباترا للكتب ولحزنها الشديد على حرق المكتبة، أهداها زوجها أنطونيوس مكتبة أخرى هي مكتبة برجاموس، التي اغتنمها أثناء حروبه في آسيا الصغرى،ووضعت هذه المكتبة في السيرابيوم وبذلك ظلت الإسكندرية منارة للعلم والعلماء.
اقرأ أيضًا:|شمس مصر|... أبو بكر الصديق"رضي الله عنه".
وبعد ظهور المسيحية بمصر وانتشارها وثبوت أقدامها في القرن الخامس الميلادي، قام المسيحيون بحرق المكتبة مرة أخرى على أساس أنها تراث وثني ومعقل للكفر والخلاعة، فتوجه البطريرك ثيوفيل ورهبانه في عام ٣٩١م بمهاجمة السيرابيوم مستعينًا بالجيش البيزنطي.
في عهد ثيودوسيوس الأول (٣٧٨-٣٩٥م) الذي جعل المسيحية دينا رسميا للإمبراطورية، وأمر ثيوفيل بتدمير المعبد وإشعال النيران فيه، فأتت على مكتبته التي كانت تضم آلاف الكتب.
ويعد هذا دليل قاطع على براءة المسلمين الفاتحين لمصر من تهمة حريق مكتبة الإسكندرية أثناء الفتح سنة ٦٤١م ، كما هلك أثناء هذه الحملة مكتبات المعابد الأخرى، وقد نجا من هذا الحريق بعض الكتب مما جعل مكتبة الإسكندرية ومتحفها مركزًاللمعرفة والتعليم حتى الفتح العربي الإسلامي.