|شمس مصر | ..الإسلام لم يأتي بنظام تعدد الزوجات و الاقتصار على زوجة واحدة هو الأقوى
لا تزال قضية تعدد الزوجات من أكثر القضايا إثارة للجدل، فقد كان أمر شائع قبل ظهور الإسلام، كما أنه مباحًا في الجاهلية بعدد غير محدد، و مسألة تعدد الزوجات أمر يتعارض مع الطبيعة، فلا نجد امرأة ترضى أن تشاركها في زوجها أخرى، ولا تجد رجلاً يقبل أن يشاركه غيره في محبة امرأته.
إقرأ أيضًا/|شمس مصر|..الانكسار عند المرأة.
و إذا تأملنا في النصوص القرآنية نجد أن الإسلام يتيح التعدد في إطار الحظر، خاصة و أنه ليس تشريعًا إسلاميًا، فالإسلام لم يأتي بهذا النظام، بل هي أحد الأمور التي واجهها الإسلام بتشريع متدرج، و بمجموعة من الشروط التي تجعل إباحته حالة استثنائية و بمبررات قوية، كما أن تلقين الاقتصار على زوجة واحدة هو الأقوى.
إقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. الحل الأمثل لعلاج ألم الرقبة
و من هنا نجد أن العادات القديمة هي التي أثرت بشكل أو بآخر على فكرة تعدد الزوجات، و هذا ما نجده أيضًا في الدين المسيحي، فلم يرد في أسفار الإنجيل نص صريح يدل على تحريم التعدد، كما أنه لم يكن نظام وحدة الزوجية نظامًا جاء به الدين، إلا أن معظم الأمم الأوروبية الوثنية القديمة التي انتشرت فيها المسيحية في أول الأمر - و هي شعوب اليونان و الرومان - كانت تقاليدها تحرم تعدد الزوجات، ثم سار ما وجدوا عليه آباءهم، و استقرت النظم الكنسية المستحدثة على هذا النظام، و أصبح من تعاليم الدين.
إقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. الاكتشاف المبكر لأورام الثدي.
و لنرى في البداية ما يتطلبة الإسلام بالنسبة لإنشاء العلاقة الزوجية، ليتضح لنا موقفه من التعدد، فقد اشترط بالنسبة للزواج عدة أمور:
أولاً: الإحصان:
إن هدف الزواج أن يحصن صاحبه من إنسياقه إلى الشهوات، و هذا للراغب في التعدد منتفيًا، حيث روى عن الرسول(ص)قوله: "لعن الله الذواقين و الذواقات"أي الذين يكثرون من التزوج طلبًا للشهوة لا غير، لأنه يتنافى مع استقرار الأسرة.
ثانيًا: إنجاب الذرية:
فأحد أهداف الزواج هو الإنجاب في إطار أسري محدد.
ثالثًا:الباءة:
و هي مقدرة الرجل على تحمل جميع أعباء أسرته ماديًا و نفسيًا و تربويًا، و في حالة التعدد فيجب على الزوج توفير تلك السُبل من رعاية كاملة و مودة و بر و عطف لأسرتين أو أكثر بدرجة متساوية.
رابعًا:حق الزوجة في الطلاق:
الرابطة الأساسية للزواج في الإسلام هي المودة و الرحمة من أجل السكينة، على عكس ذلك فقد يهدد استقرار الأسرة، و هذا يتنافى مع هدف الزواج، و لذلك شرع الله الطلاق لتحقيق الإستقرار، و ليتخلص الزوجان من المفاسد و الشرور التي تترتب على بقاء حياة كريهه.
كما أن الإسلام أكد على العدل بين الزوجات في أدق الأمور، حيث قال الله تعالى: "فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" سورة النساء:الآيه ٦٦ ،و مما يؤكد أن القرآن أحاط إباحة التعدد بالكثير من التحفظات، فنجده منع التعدد لمجرد الخشية من عدم العدل و هذا في قوله تعالى:"و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم فلا تميلوا كل الميل" سورة النساء:الآيه ١٢٩
و قد نوضح موقف "سيدنا محمد" عليه الصلاة و السلام، عندما رفض أن "علي" رضي الله عنه، يتزوج على ابنته "فاطمة"، بالرغم من أنه حلال شرعًا، و الرسول (ص) لا يحل حرامًا ولا يحرم حلالًا، ولكنه وجد أن هذا الأمر قد يؤذي ابنته إيذاءً قد يفتنها في دينها، فخَيّر "علي " رضي الله عنه بين ابنته فاطمة وبين أن يتزوج من ابنه هشام بن المغيرة، فاختار فاطمة، ولم يتزوج عليها حتى وفاتها.
و من هنا نجد أن التعدد محصورًا في حالات استثنائية، منها أن تكون الزوجة عاقرًا أو مريضة، و بمبررات قوية، فالفهم الصحيح للشرع يؤكد أن تعدد الزوجات تقرر لحكمة، وبدون أن يهدد استقرار الأسرة عن طريق العدل و الرعاية النفسية للزوجة و الأبناء، فيجب الحفاظ على روح الشريعة الإسلامية التي تعتمد على المودة و الرحمة.