12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

|شمس مصر|.. خطبة إبليس اللعين.

2022/01/26 12:17 AM | المشاهدات: 342


|شمس مصر|.. خطبة إبليس اللعين.
اسراء أشرف الطنطاوي

أنزل الله هذا الكتاب العظيم فبهر الألباب وسلب العقول والأبصار لما فيه من حق وجلال، فآمنت بعض النفوس، وعاند بعضها شقاءً، إلا أن كل واحد من هذين الفريقين وقف مبهورًا من بيان القرآن وعظمته، والإعجاز التعبيري في القرآن الكريم يتمثل أمام العينين وفي المخيلة مشاهد حية ومتحركة للأحداث التي تسردها الآيات، ومنها هلاك الأمم التي أغواها الشيطان.

 

 اقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. إذا عصفت الرياح

 

تنبيه:-

الأثر الذي يتركه القرآن في نفوس سامعيه ذكر الله طبيعته ليخاطب الناس جميعًا، فقالﷻ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)، فهو إذن موعظة من شأنها إذا استقرت في قلب سليم فإنها تهزه هزًا عنيفًا.

 

اقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. الراحمون يرحمهم الرحمن

 

شرح التعريف:-

خطبة إبليس:-

إن إبليس يقف يوم القيامة خطيبًا في جهنم على منبر من نار يسمعهُ الخلائق جميعًا، يخطب خطبته هذه بعدما يسمع أهل النار يلومونه ويقرعونه على أن أغواهم حتى كان مصيرهم جهنم، وذلك أنهم تشاورا فيما بينهم واتفقوا على محاسبته ومطالبته بتنفيذ وعوده؛ فتدافعوا كالموج يطالبون الشيطان أن يبرر لهم هذا المستقر الذي آلوا إليه وصرخوا بملء أفواههم:

أيها الشيطان: أين ما وعدتنا؟! أين ما زينت لنا؟! أين ما أقسمت لنا من صدق القول، وصواب الحديث؟!

إنهم يصطرخون فيها، إما أنهم أخذوه ودفعوه دفعًا حتى أقاموه فوق منبر من نار، وإما أنهُ تصاغر وأطلق كلماته هذه محاولًا قدر استطاعته لكي يُخفي خزيه وعاره، ولم يبق له عذر فقد قضي الأمر ونزل الناس إلى منازلهم هو وحزبه في النار والمؤمنون الذين اتبعوا الرُسل في الجنة.

 

اقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. ما أجمل الرفق بالحيوان!

 

تفسير الخطبة:-

يخبر الله تعالى عما خاطب به إبليس أتباعه بعدما قضي الله بين عباده فأدخل المؤمنين الجنات، وأسكن الكافرين الدراكات من النار، فقام إبليس لعنة الله عليه يومئذ خطيبًا ليزيدهم حزنًا إلى حزنهم وغبنًا إلى غبنهم وحسرة إلى حسرتهم، فقال في قولهِ تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

(إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقّ) أي: وعدكم على ألسنة الرسل والأنبياء في اتباعهم للنجاة والسلامة، وكان وعدًا حقًا وخبرًا، وأما أنا فوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ، ثم قال: (وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ) أي ما كان لي عليكم فيما دعوتكم إليه دليل ولا حجة فيما وعدتكم به (إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) بمجرد ذلك هذا وقد أقامت عليكم الرسل الحجج والأدلة الصحيحة على صدق ما جاءوكم به فخالفتموهم فصرتم إلى ما أنتم فيه (فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) فإن الذنب لكم فخالفتم الحجج واتبعتموني بمجرد ما دعوتكم إلى الباطل (مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ) أي: بنفعكم ومنقذكم ومخلصكم مما أنتم فيه (وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ) أي: بنافعي وبإنقاذي مما أنا من العذاب والنكال (إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) أي كفرت بإشراككم لي مع الله في الطاعة، (إِنَ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) أي أن المشركين لهم عذاب مؤلم، هكذا يكشف إبليس عن عداوته لابن آدم ويعترف بخذلانه له ليزيده حسرة وندماً.

إن ربناﷻ حذرنا من هذا العدو الغرور، فهلا اتعظنا عباد الله بواعظ القرآن ونذير الرحمن، إنه كلام علام الغيوب، الله رب العالمين، وليس على كلام الله مزيد بيان.

«اللهم إنا نعوذ بك أن نظل أو نُظل أو نزل أو نُزل، اللهم إنا نعوذ بك من شرور أنفسنا ومن همزات الشيطان».