أولاً: بعض الأدلة التصويرية والنصية على وجود (حدائق الحيوان في مصر القديمة : جاءت الرسوم الصخرية في الصحراء الشرقية والغربية دليلاً على قدم تمثيل انات الصيد في مصر القديمة كالأغنام ، والزراف ، والغزلان ، وأحياناً يمثل معها بعض الهيئات الأدمية لصيادين ومن حولها كلاب الصيد ومن أمثلة مناظر الصيد في عصور ما قبل التاريخ في مصر القديمة صلاية الفحل، والأسد والعقبان، والثور ، وسكين جبل العرکی ، و بعض الصور الجدارية من مقبرة أحد النبلاء بالكوم الأحمر.
وقد نجح الرسام في تصوير ملامح الحيوانات وحركاتها أكثر مما نجح في تصوير ملامح الإنسان وحركاته ، كما صور الفنان مناظر الصيد ضمن بيئة الصيد الصحراوية ، وضمن تفاصيلها حيوا سريعة من حيوانات الصحراء والحواف الزراعية أيضا على الصلايات و المقابض العاجية في أوائل الألف الثالث ق.م. حيوانات جبلية رائعة .
إقرأ أيضًا/حب المصري القديم للتسامح والسلام
فمنذ عصور قديمة جلبت الحيوانات كالأفيال ، والزراف ، والنعام ، و القرود وغيرها إلى مصر القديمة كجزء من الجزية الواردة من النوبة أو بلاد الشام والتى كانت في الغالب يتم الاحتفاظ بها من قبل الملوك وعائلاتهم.
ولعل النصوص التاريخية المبكرة التي تذكر تلك الحيوانات الواردة هي نصوص الدولة القديمة ، فقد جاء في حوليات الملك ساحورع ثاني ملوك الأسرة الخامسة مايدل على الاتصال ببلاد بوينة ، والتي قصد بها المصريون منطقة الصومال واريتريا ،وربما ضموا إليها فيما بعد ما يقابلها من الجنوب والجنوب الغربي لشبه الجزيرةالعربية ، وقد استوردت مصر من بلاد بوينة البخور ، والمر ، والصموغ لطقوس المعابد وضرورات التحنيط ، كما استوردت أقزاما، وجلود الفهود ، والنمور والحيوانات النادرة.
كما تصور مناظر المعبد الجنازي للملك ساحورع رحلة الذهاب و العودة من سوريا وإحضار دب سوري إلى مصر القديمة، وتدل حوليات الملك بيبي الثاني الذي ولي العرش طفلا في الأسرة السادسة على أن قائده أحضر معه لبلاط الملك من أسواق الجنوب قزم راقص من بلاد إيام ، كما أحضر من صيد متاجرها و هداياها .
إقرأ أيضًا/سبيل قايتباي بالقدس
وقد استمر الملوك في جمع النباتات والحيوانات الجليبة وخاصة في الدولة الحديثة حيث صورت جدران معبد الملكة حتشبسوت بالدير البحري رحلتها الشهيرة إلى بلاد بوينة للحصول على شتلات من نبات المر للبدء في زراعتها في مصر على الرغم من تكلفته الكبيرة وقد عادت الرحلة بكميات كبيرة من الذهب وثمار البخور الجيد ، و أشجار الكندر، والأبنوس ، والعاج ، وجلود الفهود والنمور ، وكميات من الكحل ، ومجموعة من كلاب الصيد ، و الزراف ، والقرود لحديقة الحيوان الملكية، وكان قد صحب الرحلة فنانون كثيرون قاموا بتسجيل ونقش مناظر الرحلة ومراحلها على جدران المسطح الأول من معبدها في الدير البحري ، وقد صرحت الملكة في حولياتها أنه لم يجل قط ما يشبه هذا من قبل لأي ملك منذ بدء الخليقة ولقد توسعت مصر في عصر الدولة الحديثة نحو الجنوب في النوبة ، ونحو الشرق في بلاد الشام وبلاد النهرين ، وفي عهد الملك تحتمس الثالث توسعت الإمبراطورية المصرية ، وسجلت حولياته أخبار حملاته وفتوحاته، وعلى جدران قاعة الاحتفالات الخاصة به في معبد الكرنك صور ما يربو على ۳۰۰ نوع من النباتات والحيوانات ،مما ينم عن حقيقة وجود حدائق نباتات وحيوانات في مصر القديمة والتي غالبا ماكانت تلحق بالقصر الملكي منذ عصر الدولة القديمة ، وقد احتوت حديقة الملك تحتمس الثالث على أربعة طيور جلبها تعد أول فصائل الدواجن في مصر القديمة.
وقد عكست رسوم ونقوش مقابر عدد من كبار الموظفين في الدولة الحديثة العلاقة الوثيقة بين مصر القديمة و الأقاليم التي تجلب منها الحيوانات الفريدة والغريبة عن البيئة المصرية ، فعلى سبيل المثال مصاحبة (أمون - يم - حب) للملك تحتمس الثالث إلى سوريا وقيامه بصيد عدد كبير من الأفيال ، كما حصل على حيوان من فصيلة الضبع أما رخميرع وزیر تحتمس الثالث فقد صورت على جدران مقبرته بطيبة العديد من الحيوانات الواردة من مناطق عديدة ومنها على سبيل المثال منظر قرد متعلق برقبة زرافة وقد أحتفظ اخناتون بأسد في حديقة قصره ، كما صورت حدائق مسورة تبدو كما لوكانت حديقة الحيوان خاصة بالملك احتوت على غزلان وغيرها ، كما توجد بها بحيرةربما احتوت على أسماك ونباتات مائية ، وزرعت الحديقة بنخيل الدوم ونخيل البلح و أيضا شجر الجميز والزهور واستمر الاهتمام بتلك الحدائق في عصر الأسرة التاسعة عشرة وما تلاها ،وقد اتخذ رمسيس الثاني عاصمته بررعمسيس في شرق الدلتا ، وقد امتلك حديقة حيوانيه ونباتية رائعة مزروعة بنباتات وأشجار العنب والزيتون ، ومما دل على ذلك آنها احتوت على عظام الحيوانات الضخمة كالأسود والأفيال وربما الزراف أيضا وجدير بالذكر أن الحيوانات قد أخذت مكانة كبيرة في النصوص المصريةالقديمة، فقد لعبت حوالي ۸۰۰ علامة هيروغليفية دورا لكتابة اللغة المصرية القديمة منها حوالي ۱۷۹ علامة تمثل حيوانات أو أجزاء من حيوانات، كما يرجع استخدام الحيوان مجازا في الكتابة والأدب على ما يبدو إلى إحساس المصريين بالانسجام بين الطبيعة وتحكم الإنسان فيها .
إقرأ أيضًا/حتشبسوت