12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

الاستعمار في صورة أخرى

2021/04/22 01:33 AM | المشاهدات: 956


الاستعمار في صورة أخرى
أماني أيمن السروجي

مجموعة رموز صوتية وإشارات وحروف اختلفوا من دولة لأخرى ومن مكان لآخر أتفق عليها أفراد المجتمع الواحد وأصبحت تعبر عن ثقافتهم وهويتهم وأعتز بها متحادثيها لسنوات بل لقرون فكان من النادر أن تجد من يتحدث لغة أخرى غير لغته، ويظهر أيضاً مدى اعتزاز الشعوب بلغتهم في كونهم يريدون أن تصبح لغتهم هي اللغة الأولى في العالم. لذلك كان من الصعب تخلي أي مجتمع عنها فهي بمثابة تاريخ وتراث.

 

اقرأ أيضاً/مقابر ملعونة أم مفخخة

 

نشاهد أبنائنا وبناتنا الآن يُدخلون كلمات من لغات أخرى على كلامهم حتى كادوا ينسون أصل الكلمة التي استبدلوها، نجد لديهم رغبة قوية وملحة في السفر لبلاد معينة فيبدأوا بوصف جمال هذه البلاد ويتحدثون عن تطورها ومميزاتها بل يكادوا يميزونها عن بلدهم، وأيضاً نجد انحيازهم لشراء منتجات الدول الأخرى دون منتجات بلدهم 

 

حيث أنهم يرونها أكثر جودة وأفضل صنعاً. ولم يتوقف الأمر هنا بل أيضاً أخذوا يستبدلون عادتهم بعادات هذه البلاد.

 

اقرأ أيضاً/إعداد قائد

 

ولكن كيف حدث هذا؟ كيف استطعنا تجاهل عادتنا وثقافتنا واتجهنا لتطبيق عادات الدول الأخرى؟

 

كلما فكرنا بالأمر لا نصل إلى السبب الأساسي هل هو بسبب المسلسلات التابعة للدول الأخرى التي نشاهدها باستمرار، أغلبنا غير مدرك كم يبقى من الوقت في مشاهدة المسلسلات التركية والهندية والكورية وغيرها وكلما شاهدنا أكثر كلما تعلقنا بهم أكثر وأكثر فنريد تعلم لغتهم وارتداء أزياءهم حتى أن البعض من كثرة ما شاهده أصبح لا يستطيع تقبل واقعه والمجتمع الذي يعيش به وأصبح كل ما يتطلع إليه هو متى يصبح جزء من هذه البلاد.

 

فالواقع كل دولة أرادت أن تصبح رائدة في العالم سعت أولاً إلى نشر ثقافتها والمتمثلة على الأغلب في نشر تعليم لغتها في البلاد فانتمائك لأي دولة وحبك لها يبدأ بتعلمك لغتها، فكلما استطاعت دولة ما أن تجعل أكبر عدد من الدول ناطق بلغتها كلما استطاعت تطبيق نوع آخر من الاستعمار وهو الاستعمار اللغوي.

 

اقرأ أيضاً /اللغة العربية تختنق

 

بالطبع التطلع على الثقافات الأخرى والتعرف عليها وتعلم اللغات شيء مفيد وممتع، ولكن لكل شيء حدود تعلم الكثير من اللغات ولكن لا تنسى ماهي لغتك الأصلية بإمكانك الإعجاب بالدول الأخرى وعادتها لكن لا تتخلى عن هويتك وثقافتك وعاداتك.

 

يوجد في العالم الآن أكثر من سبعة مليار إنسان ويتحدثون بالكثير والكثير من اللغات المختلفة فيوجد الآن أكثر من 7000 لغة. لا بأس أن تتعلم من اللغات ما تريد كما تريد فقد خلقنا اللَّه بلغات وثقافات مختلفة لنتعرف على بعض ونتواصل،

 

{ومِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمواتِ وَالارْضِ وَاخْتِلافُ الْسِنَتِكُمْ وَالْوانِكُمْ انَّ في ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلعَالِمِينَ}.

 

قبل أن ترى جمال اللغات الأخرى ابحث عن الجمال في لغتك وثقافتك واسعى لجعلها اللغة الأولى كما يسعى الآخرين لنشر لغتهم.