12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

القسوة الرحيمة

2021/02/09 01:00 PM | المشاهدات: 766


القسوة الرحيمة
رنا عصام

في مشهد يتكرر في جميع العائلات مع اختلاف طبائعها وزمنها تشاهد دائماً الأب يصرخ بصوت عالٍ والابن يجلس وهو حقاً لا يستمع لما يقوله والده، يتجاهل الأمر بشكل لا يصدق يشعر أن والده لا يعرفه إنه فقط يقول له ما يريده هو وليس ما يريد أن يسمعه الابن، يشعر الابن أن آباه يريد جعله آلة لتحقيق أحلامه فيه، صنعت هذه الفجوة بين كل من الآباء والأبناء واستمر اتساعها يزداد مع التقدم التكنولوجي الذي نعاصره الآن، للأسف دائماً نرى في المناقشات العائلية يتحدث الأب ويسمع الابن وهذا ما يجعلنا نرى دائماً أبناء ضعاف الشخصية، هل نستطيع تقليص هذه الفجوة التي دائماً ما وُجدت بين الآباء والأبناء؟

 

 

 

إقرأ أيضاً /الحرية فى حياة الإنسان

 

 

 

 

نسمع معظم الأبناء يقولون لن نكون مثل آبائنا ونحن نربي أبنائنا، والمضحك في الأمر أننا جميعاً نصبح مثلهم، هل سألت نفسك لما ظلت الفجوة تتسع على الرغم من كوننا أردنا ألا نكون مثلهم؟ عندما نصبح آباء نحمل المسؤولية وهذا طبيعي جداً، لأنك وبكل بساطة ستصبح مسؤولاً عن بيتك عن تربية ابنك الذي تحبه كثيراً كيف لك أن تراه وهو يفعل شيء خاطئ أو على الأقل خاطئ من وجهة نظرك ولا توقفه، هذه هي النقطة التي يجب أن يفهمها الأبناء لكي يعذروا آباءهم، يجب أن يرى الأبناء أن تصرفات آبائهم ناتجة عن خوف وقلق عليهم وليس عن تعسف وشدة، يجب أن يعلم الأبناء أن هذا الغضب عند فعل شيء خاطئ ليس إلا حب وقلق عليهم لا يريد الأب رؤية ابنه ينهار أمام هذه الحياة وهو يقف مقيد لا يستطيع فعل شيء لذلك يحاول بكل جهده أن يرجع ابنه إلى الصواب.

 

 

 

 

إقرأ أيضاً /عالم مزيف

 

 

 

 

ندرك الآن أن الآباء يفعلون هذا من حبهم وقلقهم على أبنائهم، لكن يجب أيضاً على الآباء فهم أنه يجب على ابنك أن يخطئ حتى يتعلم الصواب، يمكنك تحذيره ولكن لا تعنفه لا تجعله يكره أن يشارك فعاليات حياته معك، أليس من المفترض أن تصبح الأم هي أول صديقة لابنتها أو يكون الأب هو الصديق المقرب إلى ابنه، لماذا تجعلون أبناءكم يحتاجون إلى أشخاص من الخارج لكي يساعدونهم على اتخاذ قرارهم؟ لماذا تشعرون أبناءكم أنهم دائماً مخطئون؟ لو تدبرنا في الأمر قليلاً فقط سيدرك الآباء أن خوفهم يمثل سجن لأطفالهم، هذا الخوف اللعين يجعل أبنائهم غاية في البعد عنهم، من المؤسف قول هذا لكن أكثر من ٥٠٪ من الآباء لا يعرفون أبناءهم بشكل صحيح، لا يعرفون ما يحب أن يفعل، ماذا يريد أن يكون حقاً، بعض الرياضيين أو الفنانين يصرحون برفض أهلهم لما يفعلونه، هذا حقاً أكثر شيء مؤلم في الموضوع أن تريد أن تفعل شيء لأنك تحبه ولكن أقرب الناس إليك يمنعونك.

 

 

 

إقرأ أيضاً/المطلب الذى لا يطلب

 

 

 

 

أعتقد أن هذه الفجوة ستظل موجودة بين الآباء والأبناء طالما يشعر الآباء بالمسؤولية تجاه أبنائهم، طالما سيرفض الأبناء البوح بما في نفوسهم بلا خوف لوالديهم، لا يمكننا التخلص من هذه الفجوة ولكن يمكننا تقليصها، يمكننا أن نسيطر عليها حتى لا يبتعد الأبناء عن آبائهم بصورة كبيرة، يمكننا أن نحافظ على علاقة الأب بابنه، أتمنى أن يتفهم الأب ابنه وطموحه وانطلاقه، ويفهم الابن خوف أبيه وحبه له، عندما يفهم كل منهم الآخر واثقة أن هذه الفجوة ستتقلص تدريجياً.