12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

كيف يسامحني ربى

2021/01/16 09:17 PM | المشاهدات: 616


كيف يسامحني ربى
اسراء أشرف الطنطاوي


لا بدَّ للعبد مهما بلغ إيمانه وتعلّقه بالله أن يقع بالذنوب والخطايا والآثام، وهذه الذنوب تتفاوت في درجتها بين القوة والضعف، فربما بعض الذنوب تسبّب بُعد المرء عن الله وتحمُّل وزر ذنبٍ عظيم، كأن يُشرك بالله غيره من الخلق بقصدٍ أو بغير قصد، ومثل الذنوب التي يقترفها الإنسان في حياته اليومية أثناء تعامله مع الناس ومحادثته لهم، وما يجلبه له لسانه إذا نطق بما يوقعه بالحرام، أو نظر إلى مُحرَّمٍ، أو عاون ظالماً على ظلمه وهكذا، وإنّ هذه الذنوب صغيرها وكبيرها يجب على المسلم أن يتوب منها، ويستغفر الله لوقوعه فيها، ويطلب منه أن يُسامحه عليه، ومنها الحديث القدسي عن اللهﷻ: ﴿يا عبادي، إنكم تُخطئون بالليلِ والنهارِ، وأنا أغفرُ الذنوبَ جميعاً، فاستغفروني أغفرُ لكم﴾، وفيما يلي بيان كيفية مسامحه الله للعبد.

اقرا يضافضل لا حول ولا قوة الا بالله

تنبية:
يبقى العبد المسلم رغم حبه لله تعالى وبحثه عن مرضاته في حياته مخلوقاً ضعيفاً يقع في مواطن الشبهات والخطايا حيناً بعد حين، ويصدق ذلك قول النبيﷺ: (كلُّ بني آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطائينَ التوابون)، وكلّ بني آدم مهما بلغت ذنوبه كثرة أو عِظماً، فإنّ الله قادرٌ على مغفرتها، وفي الحديث القدسي قال اللهﷻ: ﴿يا ابنَ آدمَ، إنَّك ما دعوتَني ورجوتَني غفرتُ لكَ على ما كانَ منكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ، لوْ بلغتْ ذنوبُك عنانَ السماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ، لوْ أنَّك أتيتَني بقُرَابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشركْ بي شيئًا لأتيتُك بقرابِها مغفرةً﴾، فحينئذٍ تُمحى ذنوبه من صحيفة سيئاته.

اقرا ايضابشائر الصبر على المصيبة

شرح التعريف:
يجب على المسلم إذا طلب من الله أن يسامحه ثم استغفره من المعاصي والذنوب التي ارتكبها، فإنه ينبغي عليه أن يبتعد عن تلك الذنوب، ويعزم ألا يعود إليها أبداً، وأن يبتعد عن كل ما يجعله يقترب منها، وعن مسبباتها التي تجعله يفكر بذلك، فإنّ ذلك من أفضل ما يوصله إلى محبة الله ومسامحته له، ويحقق له المطلوب من استغفاره والمرجوَّ منه، قال اللهﷻ: ﴿إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾، وإن البعد عن شهواتِ الدنيا ومَلذّاتها التي كان المسلم يقع بها بعد التوبة ليس بالأمر الهيِّن.

اقرا ايضاالغفلة
الإبتعاد عن المعاصى والأثام:
يجب على إلانسان أن يستعين بالله سبحانه وتعالى، ويبعد نفسه من تفكيرٍ بالمعاصي، ويصبر على ما يقع له من البلاء والاختبار نتيجة البعد عن المعصية التي كان يتنعم بها ظاهراً، قال اللهﷻ: ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾.

أن يتوجه إلى الله بين الفترة والأخرى بالتوبة الصادقة، ويستعين على ذلك بكثرة الدعاء، وأن يسأل الله سبحانه وتعالى أن يقرّبه مما يُحبه، وأن يُبغّضه فيما يؤدّي به إلى الوقوع بالمعصية، وألا يُحوجه للتفكير بها، فإن المسلم يتردد بين المعصية والطاعة، ويتقلب بين الخوف والرجاء، وكثرة التوبة تجعله متعلّقاً بالله متمسكاً به، ومن صدقت توبته فإن الله سيعلّق قلبه به، ويحفظه من الزيغ بعد الهداية، وقد قال النبيﷺ: (ما مِن قلبٍ إلَّا بَيْنَ إصبَعَيْنِ مِن أصابعِ الرَّحمنِ إنْ شاء أقامه وإنْ شاء أزاغه)، وكان رسولُ اللهِ يسأل الله أن يثبّت قلبه على الحق بعيداً عن الزيغ والهوى فيقولﷺ: (يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّتْ قلوبَنا على دِينِكَ)، ويقول عليه السّلام أيضاً: (والميزانُ بيدِ الرَّحمنِ يرفَعُ قومًا ويخفِضُ آخَرينَ إلى يومِ القيامةِ).

أن يؤدّي المسلم ما افترضه الله عليه من الفرائض، المتمثّلة بالصّلوات الخمس وغيرها والتقرُّب إليه بالنوافل، فإن ذلك أدعى للوصول إلى حب الله ومسامحته. الاستعانة بالرفقة الصالحة التي تُعين العبد على القيام بما يرضي الله من القول والعمل والبعد عن أسباب المعاصي، فقد قال النبي ﷺ: (المرءُ على دينِ خليلِه، فلينظُرْ أحدُكم من يَخالُّ).

الإكثار من تلاوة القرآن الكريم قراءةً وفهماً وحفظاً وترتيلاً وتفسيراً، والمواظبة على الأذكار اليوميّة التي تجعل العبد أقرب من الله، وتزيد اتصاله به، حتى يصل إلى المسامحة التي يرجوها من الله.