12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

غريب في وطني

2020/12/19 04:31 PM | المشاهدات: 1152


غريب في وطني
عبير عبد اللطيف

ما أعظم الشعور بالانتماء وما أجمل أن تكون في وطن تشعر بأنك تنتمي إليه بكل ما في الكلمة من معنى وطن تدافع عنه بروحك وفي مقابل ذلك تشعر بمكانتك فيه ويحافظ على كل حقوقك ويعطيها لك دون النظر إلى مستواك الاجتماعي والمادي ولا لونك ولا ابن من ولا قريب من فقط أنت دون حسابات أخرى أن تشعر بأن هناك دائماً أحداً ما موجود من أجلك .

 

الغربة ليست فقط هجرة وبعد عن الوطن والأهل وحرمان من العيش معهم فالعيش في وطن لا تشعر بالانتماء إليه غربة وهذه الغربة في رأيي أسوء آلاف المرات من الغربة خارجه فالغربة في خارجه يصاحبها اشتياق وحنين إلى شوارع وأشخاص وذكريات أما الغربة داخله لا يصاحبها إلا العجز والقهر وتبلد الإحساس والمشاعر أن يشعر المسافر بالشفقة والخوف على من يعيش في الوطن وليس العكس فهذه مأساة فماذا نفعل بوطن نعيش فيه ولا يعيش فينا .

 

إقرأ أيضًا /ضحايا التنمر

 

هل جربت يومًا شعور الغربة بين أهلك وفي وطنك أن تكون بلا حقوق ليس من حقك الحلم فالحلم فيه شيئاً صعب بل أقرب للمستحيل أن تعمل طوال عمرك وتجتهد لكي تصل إلى شيئاً طالما حلمت به وعندما تصل تجد أن هذا كله سراب فحلمك أخذه من لا يستحقه بطريقة أخرى لن تقدر عليها فليس لك واسطة أو شخصاً يسندك ولا تملك المال لكي تدفع المقابل فشئنا أم أبينا هناك من يستغل منصبه بطريقة غير صحيحة فيكون النتيجة إنسان فاقد الشعور بالانتماء لوطنه لا يحزن لهمه ولا يفرح لتقدمه وإنجازاته ففي كل الأحوال لن يحصل على عائد من هذا التقدم والإنجاز فهو يتحمل الأعباء فقط وكأنها ضريبة للعيش في هذا الوطن أن تكون صادق ولكن الصدق عيب فللأسف أصبح التقدم والعيش يحتاج إلى التملق والنفاق، أن تكون حالم والحلم عار، أن تكون طيب ولكن الطيبة سذاجة فالقوي يأكل الضعيف، يا الله ما أبشع هذا الأحساس أن تبحث عن نفسك في وطنك ولا تجدها أن تقف خارج كل هذا وتنظر إلى حياتك كأنها حياة شخص آخر لا تعنيك في شيء.

 

إقرأ أيضًا /غريب فى عالمى

 

والسؤال هنا هل يكفي فقط الولادة في هذا المكان لكي يطلق عليه وطن ويشعر بالانتماء إذا لم يستطع الإنسان توفير احتياجاته الأسياسية التي تضمن له العيش بكرامة وبطريقة تحافظ على آدميته فكيف يشعر بالانتماء فأبسط الحقوق لا يستطيع توفيرها أن يعيش فقيراً عاجزاً مهموم دائماً لا يحصل على أي حق من حقوقه ولا يملك قوت يومه ويا للعجب الكثير يطلب منه التقشف، أن تحاصره يومياً إعلانات الكومباوند والقرى السياحية والمنتجعات وبأسعار بالنسبة له خيالية ولكنهم يظهروها بأنها شيء بسيط جداً وأنها فرص لا تعوض بينما هو يقف عاجزًا عن توفير مقدم لمسكن متواضع ضمن مشروعات الإسكان الاجتماعي، أن يفقد الأمل في الحصول على العلاج داخل مستشفى تحترم آدميته دون الحاجة للذهاب إلى مستشفى خاص أو عيادة دكتور خارجية، أن يفقد الأمل في الحصول على تعليم جيد يؤهله لسوق العمل دون التفرقة بينه وبين خريجي الجامعات الخاصة واللغات، فبالله عليكم كيف بعد كل ذلك أن تطلب من هؤلاء الشباب الولاء والانتماء لوطن لا يعترف به ولا يعترف بأبسط حقوقه فقد قال سيدنا علي بن أبي طالب عليه السلام (الغنى في الغربة وطن، والفقر في الوطن غربة) .

 

إقرأ أيضًا /يحكى لى جدى

 

عزيزي القارئ إني أرى نفسي عاجزة في اقتراح أي حلول تبعد عنك هذا الشعور ولكن نصيحتي أن تعمل وتجتهد وتصبر فسوف يجزيك الله سبحانه وتعالى خيراً على سعيك، ولكن رسالتي هنا إلى المسؤولين والقائمين على هذا الوطن أن في وطننا شباب قادرين على الارتقاء به والتقدم به إلى الأمام وإلى مستقبل عظيم فابحثوا عنهم وساندوهم وأحنوا عليهم وازرعوا الأمل فيهم ولا تتركوهم فريسة ليأسهم وعجزهم فيلجأوا للبحث عن ذاتهم في أماكن أخرى تكون هي المستفيدة من عبقريتهم والأمثلة كثيرة على ذلك أو قد يحدث الأسوأ ولا تحصروا البحث في طبقة واحدة من طبقات المجتمع فالطبقة المتوسطة وأيضًا الفقيرة فيها شباب رائع وذكي وفيهم عباقرة ولكنهم يحتاجون إلى رعاية اشعروهم بأن الوطن للجميع لا فرق بين وزير وغفير حتى تستطيعوا الاستفادة منهم ويقدموا أرواحهم للوطن ويدافعوا عنه بكل حب .