12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

البللور الصخري 

2020/12/04 08:19 PM | المشاهدات: 603


البللور الصخري 
ميرنا عبدالوهاب الغنام

هو نوع من الأحجار يشبه الزجاج، ولكنه أشد صلابة من الزجاج، وأكثر جمالًا وهو يشكل ويزخرف بواسطة القطع ولا تزل مصنوعاته تلفت الأنظار بما تمتاز به من صفاء وشفافية ولألأة .

ويبدو أن العناية بالبللور الصخري لم تكن ترجع فقط إلى ما يمتاز به من جمال ، بل كانت ترجع أيضًا إلى ما كان يعتقد فيه من دلالات رمزية وسحرية فقط قيل مثلًا إن الملوك كانوا يؤمنون بفائدة الشرب في الأواني المصنوعة من البللور الصخري ، وكان بعض الناس يتخذونه تمائم لطرد الأحلام المفزعة والسيئة، ولأمر ما لا يزال بعض مدعي علم الغيب يستخدمونه كورًا من البللور الصخري في مزاولة أعمالهم السحرية .

وكانت مصر تستورد حجر البللور الصخري في أول الأمر من بلاد المغرب ، ثم أكتشف أنواع جيدة منه في إقليم البحر الأحمر. 

 

إقرأ أيضاً/قائمة سقارة

 

ولقد أشاد ناصري خسرو بالبللور الصخري الذي أكتشف في إقليم البحر الأحمر وذلك انه أجمل من البللور الذي يستورد من بلاد المغرب. 

ويبدو أن اكتشاف البللور في إقليم البحر الأحمر كان له أثر كبير في ازدهار صناعة البللور الصخري في مصر في بداية العصر الفاطمي. 

ومما يلفت النظر أن معظم التحف البلورية الفاطمية قد عثر عليها في كنائس أوروبية مثل كاتدرائية سان مارك في البندقية وأن كثيرًا منها قد نقل إلى المتاحف الأوربية مثل متحف اللوفر في باريس وقصر بيتي في فلورنسا. 

ومن المرجح أن هذه التحف قد انتقلت إلى أوروبا في العصور الوسطى . وقد أشار المقريزي عند وصفه للمحنة الكبرى التي حلت بخزائن الخليفة المستنصر الفاطمي في سنة ١٠٦٢ م في إخراج عدد كبير من الأواني البلورية قد انتقل بطرق مختلفة إلى خزائن الكنائس والملوك والعظماء بأوروبا حيث اعتبرت من أثمن ما يعتز به من تراث فني.

 

إقرأ أيضاً/معبد الإرخثيون

 

ومما زاد من قيمة هذه التحف أن المسيحيين كانوا يعتبرون البللور رمزًا للنقاء الروحي ، كما حرصوا على أن يحتفظوا في الأواني البلورية بعض تراثهم المقدس من الدم وغيره فضلًا عن أنهم كانوا يجَّملون بقطع من البللور تحفهم الثمينة المصنوعة من مواد أخرى .

وعندما زار الرحالة ناصري خسروا مصر والقاهرة فيما بين ٤٣٩_٤٤١هجرية/١٠٤٦_١٠٥٠ميلادية أعجب بتفوق المصريين في صناعة البللور الصخري أو الكريستال وأشاد بما أنتجوه في مجال هذه الصناعة من تحف جميلة شاهد بعضها في سوق القناديل بالقرب من جامع عمرو بن العاص .

والحث أن ذكره ناصري خسرو عن تحف البللور الصخري المصرية في ذلك العصر وما تمتاز به من دقة الصنعة وجمال المنظر يصدقه ما وصلنا من هذه التحف التي لا تزال تعتبرها متاحف العالم من أثمن كنوزها. 

ولقد ثبتت نسبة هذه التحف إلى مصر الفاطمية بصفة خاصة بفضل ما وجد على بعضها من كتابات أثرية تشتمل على أسماء بعض الشخصيات الفاطمية من خلفاء ووزراء. 

ولقد ساعدنا على نسبة كثير من التحف البلورية إلى مصر الفاطمية العثور على بعض التحف التي تشمل على كتابات يمكن بفضلها تأريخ هذه التحف .

 

إقرأ أيضاً/الشيخ محمد رفعت

 

وربما كان أهم هذه التحف إبريق من البللور الصخري في كاتدرائية سان مارك بمدينة البندقية يمكن أن يوضع في قمة التحف البلورية من حيث دقة الصنعة وجمال الزخارف، ولهذا الإبريق بدن على هيئة الكمثرى يفصله عن الفوهة رقبة قصيرة وله مقبض يتصل بالرقبة ويهبط بإستقامة حيث يتصل بأسفل البدن ، وفي أعلى المقبض تمثال حيوان له قرون طويلة، وتحلى بدن الإبريق زخرفة تتألف من رسم أسدين متماثلتين متقابلين بينهما رسم نباتي محور ذو جانبين متماثلين ، وتتميز هذه الزخارف بأنها تامة البروز ، وقطعها ظاهر في البدن كما يتميز أسلوب الرسوم بصفة عامة بالتحوير، وإن كانت النسب التشريحية للأسدين قريبة من الواقع.