12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

منحتهُ الحياة ، فمنحني الموت

2020/10/26 02:01 PM | المشاهدات: 512


منحتهُ الحياة ، فمنحني الموت
إسراء نشأت عبد الرازق

لقد بنيته حتى يخلّد إسمي حيًا كنت أو ميتًا ، إنه قصري .. قصري الذي لا تغرب عنه الشمس ..

إنه قصر البارون ، أو بالأحرى قصر الأساطير والغمُوض .. وحتى تعش معي تفاصيل قصتي فعُد معي إلى عام ١٩٠٤ .. 
البارون إمبان ، أو إدوارد لويس چوزيف إمبان .. وهو مهندس بلچيكي الجنسية ، يُحب السفر ومعرفة ثقافات البلاد ، بدأ حياته بمشاركته في العديد من الإنجازات التي تُذكر له فشارك في تطوير سكك حديد باريس بعدما بنى لنفسه شركة هندسية والتي أصبحت فيما بعد البنك الصناعي البلچيكي .. 
وكما ذكرنا عنه أنه كان مُحبًا للسفر والتنقل بين البلدان فقرر أن يُسافر إلى مصر نظرًا لحبه الشديد لها ولتاريخها وآثارها ولكنه لم يأت فقط لمجرد النُزهة وإنما أتى حتى يُصبح له إسمًا لا يُنسى .. فبدأ في ذلك بمشاركته في مسابقة تصميم خط سكة حديد جديد يربط بين مدينة المنصورة والمطرية ، وعلى الرغم من محاولته في الفوز بالمسابقة إلا أن شركته خسرت المسابقة ، والتي كسبتها هي شركة إنجليزية ..
بالطبع .. دار في ذهنك الآن فكرة واحدة وهي أن يلجأ البارون إمبان إلى العودة لبلده ، ولكنه لم يعد وظل في مصر فدعنا نسرد أحداث وإنجازات وأسرار وجوده في مصر .. 
أسس البارون إمبارن شركة في مصر في عام ١٩٠٦ عُرفت بـ واحة هليوبوليس ، وذلك بعدما اشترى منطقة تعتبر صحراوية لا حياة فيها ومساحتها حوالي ٢٥ كم مربع وتحديدًا في شمال غرب مدينة القاهرة ، وكان البارون إمبان عبقريًا حيث قرر أن يجعل من تلك المنطقة ، منطقة مختلفة تمامًا مليئة بكُل أشكال الحياة فأمدها بالمياه ، والكهرباء ، وأنشأ بها الفنادق والملاعب وغيرها من المباني ..
ومن أهم ما قام بإنشائه مترو مصر الجديدة الذي يربط بين القاهرة والمنطقة التي بناها حديثًا ..
كل ما حدث هذا يجعلنا نستنتج شيئًا  واحدًا لا غير ، وهو حبه الشديد لمصر ، والدليل على ذلك وصيته التي كتب فيها أن يُدفن بمصر حتى لو توفى خارجها ..
لكن يجب أن نصل إلى نقطة مهمة الآن ، والتي لا بد أن تكون مرت بذهنك ، وهي : أين سيستقر البارون إمبان ؟ 
فكر في أن يُشيد قصرًا مميزًا لا مثيل له ، وبالفعل قرر أن يذهب إلى مدينة باريس حتى يجد تصميمًا لائقًا بما تخيله مرارًا وتكرارًا فوجد تصميمًا للمهندس ألكسندر مارسيل وكان عبارة عن خليط من الطراز الهندي ، والطراز القوطي .. 
وسبب حبه في تنفيذ هذا التصميم وخصوصًا الهندي بسبب رغبته في رد جميل الهنود عليه حينما أنقذوه يومًا من مرض شديد كان سيصل به إلى الموت فوعدهم أن يبني بيتًا له على طراز المعابد الهندية ، وبالفعل بدأت عملية البناء في القصر وأصبح كاملاً مكتملاً في عام ١٩١١ ..
أما بالنسبة إلى تصميم القصر فصُمم على ألا تغرب الشمس عنه ، وهو عبارة عن دورين و ٧ غُرف ، وأشهر ما عُرف عن القصر هو البرج الذي كان يدور كل ساعة بسبب وجود قاعدة متحركة ، مما يجعل من يجلس به يرى المنطقة حوله من جميع الإتجاهات ..
والآن .. هل قيل يومًا أمامك حكايات غامضة عن القصر ؟
بالطبع نعم فهو قصر الأساطير ، ومن ضمن ما قيل عنه أن البارون إمبان عاش بالقصر مع زوجته ، ويُقال أيضًا أنها أخته هيلانا وبناته ، وفي يوم ما وُجدت هيلانا ملقاة على الأرض واقعة من فوق القصر .. ومن هُنا .. بدأت اللعنة ، فهيا نسردها منذ البداية ، منذ أن بدأت نهاية الحياة بالقصر ..
والآن عزيزي القاريء تخيل معي الحادث الذي أدى لقلب حياة القصر رأسًا على عقب ، كان البارون إمبان جالسًا في البرج ويدور به ناحية الجنوب وإذ به ينظر ويجد أخته أو زوجته هيلانا تقع من غرفتها ، فتوقف البرج بشكل مفاجيء ولم يتحرك منذ تلك اللحظة ، وأسرع البارون حتى يلحق بـ هيلانا فلم يستطع أن ينقذها ..
يُقال أن روح هيلانا سكنت القصر حتى أن البارون نفسه قام بتحضير روح هيلانا حتى يعتذر لها عن عدم قدرته على اللحاق بها .. ولكن هذه التجربة لم تنفع بشيء فأصبحت روح هيلانا أكثر شرًا ، وأصبح الوضع أكثر غرابةً ، وذلك حسب ما قاله السكان حول القصر ..
يُقال أن هناك الكثير من الحرائق التي حدثت بالقصر ، وتُسمع أصوات صراخ وأحيانًا ضحك عالٍ بعد منتصف الليل ، كما كان البارون نفسه يتشاجر مع أخته هيلانا ليلاً .. أخته التي ماتت وما زالت روحها لم تمت في سلام ..
لقد أثرت وفاة هيلانا تأثيرًا كبيرًا على ابنته آن التي كانت في عمر الـ ٨ سنوات وقت وقوع الحادث وحينها كانت هناك فتاة بجانبها في أغلب الأوقات بهدف التحسين من حالتها النفسية ، وهي إبنة الدوق ماريبي الفرنسي الذي ساعد البارون إمبان في خطته لتعمير منطقة مصر الجديدة .. 
ولكن هذه الفتاة كانت من عبدة الشيطان حسب الطقوس المنتشرة في أوروبا حينها ، ونظرًا لضعف حالة آن النفسية فسيطرت على أفكارها وجعلتها تنضم معها لطقوس عبادة الشيطان ، فكان هُناك سرداب أسفل القصر يجلسون به لأداء الشعائر والطقوس ، ولقد بدأت أحوال آن تزداد في السوء يومًا بعد يوم وذلك تحديدًا بعد أن أعطتها تلك الفتاة صليب مقلوب تُعلقه بغرفتها ومات الكثير من الخدم الذين يعملون بالقصر منذ أن عُلق هذا الصليب المقلوب ، وبدأت آن في محاولات الإنتحار الغير مبررة حتى ماتت بالفعل في عمر الـ ١٩ سنة ..
أما السرداب الذي كانت تؤدى به الطقوس والشعائر لعبادة الشيطان الخاصة بإبنته وصديقتها ، فكان يصل بين القصر و كنيسة البازيليك ، وهي الكنيسة التي دُفن بها البارون إمبان ، وهذا السرداب يُقال أيضًا عنه أن جدرانه كانت محاطة بالدماء ، وهذا الدماء إختفى بعد وفاة البارون في عام ١٩٢٨ بالسرطان ! 
ولقد خضع القصر للعديد من الإصلاحات والترميمات حتى يعود لحالته الأصلية ويُصبح مزارًا سياحيًا يفد إليه الناس من كل مكان ..
هُناك الكثير من التفاصيل والأساطير والحقائق والغموض حول هذا القصر ، وعلى الرغم من مدى غرابة الأحداث إلا أنها قد تبدو منطقية بعض الشيء ، ولكن القرار يعود لك عزيزي القاريء هل القصر مر بهذه الأحداث ، أم أنها مجرد أساطير خيالية .. القرار لك والحقيقة للبارون إمبان .