12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

سلسلة شرح الأربعون النووية 

2020/10/02 08:34 PM | المشاهدات: 781


سلسلة شرح الأربعون النووية 
آمال عطيه

الحديث الرابع: (إن أحدكم ليجمع خلقه)

 

عن أبي عبد الرحمـن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال : حدثنا رسول الله -ﷺ-وهو الصادق المصدوق قال : ( إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفةً، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يُرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويُؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد.  فوالله الذي لا إله غيره، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة ) رواه البخاري ومسلم .

 

اقرأ أيضاً: الصحة والفراغ

 

هذا الحديث حديث عظيم؛ لأنه يتحدث عن أمر غيبي من أمور الدين، أخبر به النبي-ﷺ- وهو: أطوار خلق الإنسان.

 

قوله الصادق المصدوق: أي: الصادق في قوله، المصدوق فيما يأتيه من الوحي الكريم.

 

مراحل خلق الإنسان: 

 

الإنسان عند خلقه في بطن أمه يمر بعدة مراحل:

 

أولا ً: الإنسان خُلِقَ من مجموع ماءين ماء الرجل وماء المرأة، فيصبح نطفة، والنطفة هي: قطرة من منيٍ يُمنى، وتبقى هذه النطفة ٤٠ يوماً.

 

ثانياً: ثم تصبح النطفة علقة، وهي: قطعة صغيرة جداً من الدم الغليظ المتجمد، وتبقى ٤٠ يوماً.

 

 

ثالثا: ثم تصبح العلقة مضغة، وهي: قطعة لحم صغيرة بقدر ما يمضغ الإنسان، وتبقى ٤٠ يوماً أيضاً.

 

رابعاً: ثم يرسل الملك الموكل، ينفخ الروح في الأرحام بعد ١٢٠ يوماً، فينفخ فيه الروح، فيصبح إنساناً.

 

هذه الأطوار الأربعة من البراهين والدلائل الواضحة على قضية البعث والنشور.

 

اقرأ أيضاً: قيام الليل

 

فحياة الإنسان في رحم أمه تبدأ بعد ١٢٠ يوماً، فنجد الإنسان في بطن أمه جمع له بين موت وحياة.

 

فالإنسان من حيث الموت والحياة له موتتان وحياتان:

 

‐"ميت" في رحم أمه قبل أن ينفخ فيه الروح.

‐ ثم"حي" في رحم أمه بعد نفخ الروح فيه.

- ثم "ميت" في آخر عمره عندما تنزع منه الروح.

‐ثم "حي" إذا نفخ في الصور فيصبح حياً حياة أبدية، إما في نعيم وإما في عذاب.

فالله -سبحانه وتعالى- يقول في سورة غافر، إن الكافرون يقولون: {ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا}.

 

قوله -ﷺ-: 

(فوالله الذي لا إله غيره، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة).

 

تكرار كلمة يسبق عليه الكتاب تدل على: أن قدر الله سابق لكل ما هو كائن، قدر الله سابق بأهل الجنة وأهل النار.

قال تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون}.

أي سبق فيما عَلِمَهُ الله -سبحانه وتعالى- من مآله، وما كتبه الله عليه، وما قدَّره له.

وقد جاء في الحديث: (إنما الأعمال بالخواتيم) والخواتيم هي: ما يختم للإنسان به من أعمال. "فمن كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" 

 

فالناس من حيث البدايات والخواتيم ينقسمون إلى أربع أنواع:

 

١- هناك من بدايته حسنة ونهايته حسنة، وهو من وُلِد ونشأ ومات على الإسلام.

 

٢- وهناك من بدايته حسنة ونهايته سيئة، وهو من وُلِد ونشأ على الإسلام وفي نهاية عمره ارتد ومات على الكفر.

 

٣- وهناك من بدايته سيئة ونهايته حسنة، وهو من وُلِد من أبوين غير مسلمين، ثم هداه الله للإسلام ومات عليه.

 

٤- وهناك من بدايته سيئة ونهايته سيئة، وهو من وُلِد على غير الإسلام، ونشأ ومات على غير الإسلام.

 

فهذا الحديث يدل على أن الإنسان يعمل العمل الذي فيه سعادته أو شقاوته بمشيئته، ولكن هذه المشيئة تحت مشيئة الله-سبحانه وتعالى-.

لذا يقول الله تعالى: {لمن شآء منكم أن يستقيم* وما تشآءون إلا أن يشاء الله رب العالمين}.

فالعبرة بالخواتيم، والخواتيم بالجهاد وتتبع الإخلاص وسلامة القلب، فعلى الإنسان أن يهتم بإصلاح قلبه بالإيمان والاعتقاد الصحيح، وحسن الصلة بالله والثقة به، والتوكل عليه، والاجتهاد في إزالة ما يكون في القلب من أمراض وأسقام.

لذا كان من دعاء -ﷺ-: (اللهم آتِ نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها).

 

اقرأ أيضاً: دقات على أبواب السماء

 

ما يستفاد من الحديث:

 

-بيان أطوار خلق الإنسان في بطن أمه.

-الإيمان بالغيب.

الإيمان بالقدر وأنه سبق في كل ما هو كائن.

-الأعمال بالخواتيم.

-الأعمال سبب في دخول الجنة والنار.