12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

الصحة والفراغ

2020/10/01 01:09 PM | المشاهدات: 565


الصحة والفراغ
أحمد ناصر علوان

حديث شريف ضمن سلسلة "كل أسبوع حديث" الهدف منه تحذير النبيﷺ من الانخداع في نعمتي الصحة والفراغ...

*نص الحديث:* 

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله ﷺ: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ"

 

 *التخريج:* 

أخرجه الإمام البخاري -رحمه اللّٰه- في صحيحه حديث رقم "٦٤١٢"

اقرأ أيضا: قيام الليل

 *راوي الحديث:* 

هو الصحابي الجليل عبد اللّٰه بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، ابن عم رسول اللّٰهﷺ العباسِ بن عبد المطلب الصحابي المشهور.

وعبد اللّٰه -رضي اللّٰه عنه- ولد قبيل هجرة النبيﷺ وهاجر للنبي مع أبيه وهو صغير فلزمه وأخذ عنه ودعا له النبيﷺ أن يفقهه اللّٰه في الدين ويعلمه تفسير القرآن، فلا جرم فقد صار من أعلم الصحابة بالقرآن وأكثرهم فتوى، حتى أنه في عصر عمربن الخطاب -رضي اللّٰه عنه- كان مستشارا له على صغر سنه، وبعثه عثمان ليحج بالناس سنة خمسة وثلاثين من الهجرة، وكان بجانب علي بن أبي طالب -ابن عمه- في مواقفه أثناء خلافته، وآخرها النهروان، وهو صاحب المناظرة المشهورة مع الخوارج، وقد هدى اللّٰه على يديه منهم خلقا كثيرا بفضله ومنته.

ثم كان من الناصحين للحسين بن عليّ ألا يخرج إلى الكوفة، وامتنع عن مبايعة أحد أثناء الفتنة حتى أتاه اليقين نحو سنة ثمان وستين من الهجرة، فرحمه اللّٰه ورضي عنه وعن الصحابة أجميعين.

اقرأ أيضا: دفاتر على أبواب السماء

 

 *غريب الحديث:* 

مغبون: اسم مفعول من الفعل "غُبن" ومعانيه كلها تدور حول الخيبة والخسران والنقص والخديعة والضعف والنسيان والغفلة ...الخ

 *شرح الحديث:* 

النبيﷺ هو الصادق الأمين، والناصح المشفق الذي ما ترك من خير إلا دل الأمة عليه، وما ترك من شر إلا حذر الأمة منه، وقد نبهناﷺ إلى نعمتين يُغبن فيهما كثير من الناس، ينخدعون فيهما إلى أن يخسروهما فحينئذ يندمون أو لا يشعرون فلا يندمون.

النعمة الأولى هي الصحة، والصحة تاج لا يشعر بها إلا من حرم بها، ولتشعر بها أيها الصحيح دونك المستشفيات؛ إن زرتها وجدت فيها من هو في نفس سنك ولا يتمتع بهذه الصحة التي تتمتع بها، ولعله يودّ من داخل نفسه أن يدفع كل ما يملك من مال لأجل استرداد بعد صحته.

فالإنسان الذي يتمتع بالصحة ولا يشكر اللّٰه عليها بلسانه وحاله باستخدامها في طاعته فهو إنسان مغبون ومخدوع وخاسر، وتلك مصيبة.

والمصيبة الأكبر أن يسعى الإنسان لتدمير صحته بيديه اتباعا لهواه كمتناولي المخدرات والتدخين وما شابه، وما ناله منها إلا الضرر، فهذا في عقله شيء.

والنعمة الثانية هي نعمة الوقت الذي أعطاه اللّٰه لجميع الخلق على السواء، كل الناس له في يومها ساعات يتساوى فيها الأمير مع الفقير والحر مع العبد والرجل مع المرأة.

والنعمة الأهم من الوقت أن يُوفق العبد إلى استغلاله استغلالا أمثلَ.

كم استغله من أقوام فحازوا به الشرف في الدنيا والآخرة، وكم من أقوام تهاونوا في استغلاله فتوشحوا الضعف والعجز والكسل العقلي والبدني فخرجوا من دنياهم بلا شيء، وكأنهم لم يكونوا شيئا، فهل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا...

وكأن هذا الحديث بمثابة التنبيه إلى أن يستغل كل منا وقته وصحته فيما يفيده ويرفع درجته في الدنيا والآخرة، فلا تهاونوا ولا تضعفوا ولا يثنينكم أي ظروف عن بلوغ أهدافكم، وأسأل اللّٰه لي ولكم التوفيق والقبول، والحمدللّٰه رب العالمين.