12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

عاقبة جحود النعمة

2021/02/20 04:47 PM | المشاهدات: 1370


عاقبة جحود النعمة
وليد سيد حسن

بسم الله والحمدلله والصﻻة والسﻻم على سيدنا رسول الله ﷺ
فإن الناظر المتأمل فى حياة الإنسان يجد أن الله فضل بنى آدم على سائر البشر وأمدهم بالنعم فقال تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ۗ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ} [لقمان20] ،فقد سخر الله عزوجل جميع المخلوقات للإنسان  قال تعالى: {اللّهُ الّذِي خَلَقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السّمَآءِ مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثّمَرَاتِ رِزْقاً لّكُمْ وَسَخّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخّرَ لَكُمُ الأنْهَارَ ۝ وَسَخّر لَكُمُ الشّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخّرَ لَكُمُ الْلّيْلَ وَالنّهَارَ ۝ وَآتَاكُم مّن كُلّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنّ الإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ} [سورة إبراهيم:32-34
فتأمل حال خلقك أيها الإنسان ما هي بدايتك نطفة قذرة فى حصن حصين ومكان أمين تنمو شيئا فشيئا فهل تفكرت كيف كنت تتغذى وتتنفس ﻻ شك أنك ﻻ تعرف من ذلك شيئا فلما تمت مدتك وحانت ساعة وﻻدتك يسر لك الخروج قال تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (20)فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (21)إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22)فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسﻻت 22:20]

ولدتك أمك يا ابن آدم باكيا والناس حولك يضحكون سرورا
فاحرص على عمل تكون اذا بكوا فى يوم موتك ضاحكا مسرورا
خرجت إلى الدنيا إنسان سويا لكنك لا تملك من أمرك شيئا ﻻتجيد إﻻ الصراخ إذا عطشت أو جوعت أو مرضت وما زالت نعم الله عليك تتوالى حتى إذا ما اشتد عودك وأصبحت إنسانا قويا جحدت نعم الله عليك، قال تعالى: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (17) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمََّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ (22)} عبس 

اقرأ أيضاالفرق بين جبر الخواطر والنفاق.

=======================
ومن الناس من أضاع أمر موﻻه فترك ما فرض عليه وفعل ما نهى عنه، ولكن ﻻ تغتر فإن الله يمهل وﻻ يهمل قال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} [إبراهيم : 42-43].
وتأمل حال الذين جحدوا نعم الله عز وجل قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ(28) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا ۖ وَبِئْسَ الْقَرَارُ(29) وَجَعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّوا عَن سَبِيلِهِ ۗ قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (30)} [إبراهيم] ، فهذا حال من جحدوا النعم ولم يحافظوا عليها بالشكر للمنعم عزوجل وهم أهل مكة الآمنة المطمئنة فى بداية الدعوة وكيف أنهم أوردوا أنفسهم وأتباعهم جهنم، فقص علينا الله حالهم ليكون لنا عبرة وعظة وكيف تبدل حالهم وهم أهل الحرم الآمن حتى أن الرجل يلقى قاتل أبيه أو أخيه فلا يؤذيه بسوء حتى يخرج من الحرم قال تعالى: {اوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67)} [العنكبوت]
وقال تعالى: {وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ۚ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(57)} [القصص]  ،وكانت كل النعم تأتى اليها فلا خوف فيها وﻻجوع كما وصف الله حالهم
( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
(لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) (4)[قريش]، وذلك استجابة لدعوة الخليل ابراهيم قال تعالى : {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة126]


اقرأ أيضاالتوبة وشروطها

=======================
ومع كل هذه النعم لما جاءهم رسول من أنفسهم وهو النبى محمد ﷺ الذى يعرفونه بصدقه وأمانته كذبوه وكفروا بنعم الله عليهم فبدل الله حالهم من العز إلى الذل ومن الأمن إلى الخوف وتلك عاقبة الكافرين قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (113) فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُون(114َ)} [النحل] ،فهذا هو جزائهم بكفرهم وعنادهم قال تعالى: {ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الانفال 53] ،فانتبهوا واتعظوا من حالهم ولا تكونوا مثلهم وهذا هو جزائهم فتفكروا فى نعم الله عليكم وكلوا من رزقه واشكروا له تلك النعم، إن الإيمان يأتى بالخير كله والكفر يأتى بالشر كله قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96)} [الأعراف] ،وقال تعالى: {وأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا(16)} [الجن]
اقرأ أيضا ذو القرنين

======================
وهذا هو الحال مع كل الأمم الذين كفروا وكذبوا وجحدوا نعم الله عليهم قال تعالى: {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا (8)  فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا (9) أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ قَدْ أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (10)} [الطﻻق]
أما كيفية شكر الله عز وجل على نعمه التى ﻻ تعد وﻻ تحصى فهذا ما سنعرفه فى المقال القادم بإذن الله تعالى
اللَّهُمَّ إِنّا نعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوّلِ عَافِيَتِكَ، وَفجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.