12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

الصديق الصالح والصديق الطالح.

2020/09/28 08:00 AM | المشاهدات: 570


الصديق الصالح والصديق الطالح.
إهداء شعبان

حثنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على حسن اختيار الصديق، وألا تكون تلك الصداقة قائمة على مصلحة أو منفعة مرجوة، وإنما هو حب وأخوة في الله، يقول صلى الله عليه وآله وسلم: ‏"‏المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل‏"‏‏.‏

ينبغي علينا أن نحسن النظر فيمن نختاره للصداقة والخُلة، فالمراد بالنظر هنا التدقيق في اختيار الأصدقاء والرفقاء والجلساء؛ لأن الإنسان يُوزن بميزان من يخالطه .

 

والصديق الصالح هو الذي يرشدك إلى طاعة الله تعالى، فالمتّقون يجتمعون على طاعة الله تعالى ويفترقون على طاعة الله تعالى لا يغش بعضهم بعضًا، ولا يخون بعضهم بعضًا، ولا يدل بعضهم بعضًا إلى بدعة ضلالةٍ أو فسقٍ أو فجورٍ أو ظلمٍ، لقد اجتمعوا على محبة بعضهم في الله تعالى، وهذا هو الصدق في المحبة.

 

ثم إن حصل من أحدٍ معصية ينهاه أخوه ويزجره؛ لأنه يحب له الخير.

 

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المؤمنُ مِرءَاةُ أخيه المؤمن".

الرسول صلى الله عليه وآله وسلم شبَّه المؤمن بالمرءاة، معناه يدل أخاه لإزالة ما فيه من الأمر القبيح، يقول له: اترك هذا الفعل القبيح، لا يتركه على ما هو عليه بل يبيّن له الجليس الصالح كحامل المسك إن لم تصب من عطره أصابك طيب ريحه.

 

علامات الصديق الصالح..

الصديق الصالح هو الذي يذكرك بربك متى غفلت عن ذكره، ويعينك ويشاركك: إذا كنت في ذكر لربك. قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ) - وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ . متفق عليه .

 

قال النووي رحمه الله :

 

" صَرِيح فِي تَعْظِيم حُقُوق الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض، وَحَثّهمْ عَلَى التَّرَاحُم وَالْمُلَاطَفَة وَالتَّعَاضُد فِي غَيْر إِثْم وَلَا مَكْرُوه "

 

الصديق الصالح هو الذي لا يطلب عثرات إخوانه ولا يتتبعهم، وإنما يطلب ما يقيلهم .

 

قال ابن مازن : "المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم" .

الصديق الصالح من سلم المسلمون من لسانه ويده، كما قال النبي ﷺ في وصف المسلم .

 

وقد قال أبو الفيض بن إبراهيم المصري : "عليك بصحبة من تسلم منه في ظاهرك، وتعينك رؤيته على الخير، ويذكرك مولاك.

 

وقال الفضيل بن عياض : " الفتوة الصفح عن عثرات الإخوان "

 

وعن أبي موسى الأشعري (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) أن النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم) قال: "إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير. فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة" (متفق عَلَيْهِ).

يحذيك: يعطيك.

 

وقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

 

( أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا ، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ . قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا ؟ قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ) .

 

 عن مُعَاذ بْن جَبَلٍ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ ) . صححه الألباني في "صحيح الترغيب" .

 

 

إقرأ أيضا..الصلاة على النبي ﷺ

 

مواقف من حياة الصحابة..

 

صحابة رسول الله ﷺ كانوا خير صُحبة فلم يتركوا طريقا من طريق الخير إلا وتنافسوا فيه.

 

في غزوة تبوك وأثناء تجهيز المسلمين لها، كان الصحابة يتنافسون ويسارعون إلى بذل ما يستطيعون من مال، فقد جاء عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى النبي ﷺ بألف دينار، أما أبو بكر رضي الله عنه فجاء بكل ماله، وعمر بن الخطاب بنصف ماله.

 

 

عن عمر رضي الله عنه قال: "أمرنا رسول الله ﷺ أن نتصدق، ووافق ذلك عندي مالاً، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا، قال: فجئت بنصف مالي.. فقال رسول الله ﷺ : ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله.. وأتى أبو بكر بكل ما عنده.. فقال: يا أبا بكر؟ ما أبقيت لأهلك؟، فقال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسبقه إلى شيء أبدًا"، رواه الترمذي، وأبو داود.

 

وفي يوم آخر، يستمع أبو بكر وعمر إلى ثناء الرسول ﷺ على قراءة ابن مسعود: "من سره أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل فليقرأه من ابن أم عبد". فبادر عمر ليلاً لينقل البشرى لابن مسعود، فقال ابن مسعود: ما جاء بك هذه الساعة؟ قال عمر: جئت لأبشرك بما قال رسول الله ﷺ، قال ابن مسعود: قد سبقك أبو بكر رضي الله عنه. قال عمر: إن يفعل فإنه سباق بالخيرات، ما استبقنا خيرًا قط إلا سبقنا إليه أبو بكر.

 

أقرأ أيضا..صلة الرحم

 

مكانة أبو بكر وعمر بن الخطاب في قلب النبي ﷺ، فعن أنس رضي الله عنه قال: "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يخرج على أصحابه من المهاجرين والأنصار وهم جلوس فيهم أبو بكر وعمر فلا يرفع إليه أحد منهم بصره إلا أبو بكر وعمر؛ فإنهما كانا ينظران إليه، وينظر إليهما، ويتبسمان إليه، ويتبسم إليهما".

وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم، كما ترون النجم الطالع في أفق السماء، وإن أبو بكر، وعمر منهم وأنعما".

 

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قيل له صلى الله عليه وآله وسلم:"... أفلا تبعث أبا بكر، وعمر فهما أفضل؟ قال: إنه لا غنى بي عنهما، إنهما من هذا الدين بمنزلة السمع والبصر من الرأس".

 

 

حبهما للنبي صلى الله عليك وسلم وعدم ترك النبي ﷺ في شدته ومحنه، وهذا من علامات الصديق الصالح.

 

 قال خليل بن أبيك الصفدي: "ومن الذين ثبتوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم حنين حين فر الناس عنه تسعة، وهم: أبو بكر، وعمر، وعلي، والعباس، وأبو سفيان ابن الحارث، وابنه الفضل، وربيعة بن الحارث، وأسامة بن زيد، وأيمن بن أم أيمن بن عبيد، وفتل يومئذ، وبعض الناس يعد قثم بن العباس، ولم يعد أبا سفيان رضي الله عنهم أجمعين ..".

 

 

وقال ﷺ عن أبي بكر: "إن أمن الناس علي في صحبته وماله أبي بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً لاتّخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام".