التقوى هي ميزان التفاضل بين الناس، قال تعالى: { إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: ١٣].
وقد أمر الله ‐سبحانه وتعالى- بالتزود من التقوى قائلا: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يآ أُولي الألباب} [البقرة: ١٩٧].
وقد أمر الله -سبحانه وتعالى- أيضا بالتعاون من أجلها، فقال تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: ٢] فهي موصلة لمرضاة الله تعالى.
قيل أن التقوى هي: أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجوا ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله.
حقيقة التقوى:
هي أن لا يراك الله حيث نهاك، ولا يفتقدك حيث أمرك!
فإذا نهاك أن تجلس في مجالس يكفر فيها بأيات الله، ويستهزأ بها، فلا يجدك هناك، وإذا أمرك أن تكون في المسجد والصلوات الخمس والجمعة، فلا يفتقدك هناك.
وقد سأل عمر بن الخطاب أُبي بن كعب ‐رضي الله عنهما‐ عن التقوى؟ فقال: هل أخذت يوما طريقاً ذا شوك؟ قال: نعم. قال: فما عملت فيه؟ قال: تشمّرْتُ وحَذِرْتُ. قال: فذاك التقوى.
وقال ابن مسعود ‐رضي الله عنه- في معنى قوله تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته} [آل عمران: ١٠] "أن يطاع فلا يعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكرفلا يُكفر".
قد أمر الله ‐سبحانه وتعالى‐ بالتقوى ووصى بها في أكثر من موضع في كتابه الكريم، فقال تعالى: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} [النساء: ١٣١].
اقرأ أيضاً: الدعاء يغير الأقدار
وحث النبي -ﷺ- على التقوى، فقال لأبي ذر-رضي الله عنه-: (اتقِ الله حيثما كنت وأتبع السيءة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن).
وقد أوصى النبي -ﷺ- أصحابه بالتقوى حال وداعه، فقال: (أوصيكم بتقوى الله…).
مراتب التقوى:
وللتقوى مراتب ذكرها الله في كتابه، فقال: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير} [فاطر: ٣٢].
أفادت الآية أن للتقوى ثلاثة مراتب هم:
١- الظالم لنفسه
وهو الذي يُقر بالتوحيد، ويصدق بالرسول صلي الله عليه وسلم، ويأتي بأركان الإسلام والإيمان، ولكنه لا يحرص أن يقي نفسه دخول النار، فيفرط في بعض الواجبات، ويفعل بعض المحرمات.
٢- المقتصد
وهو من يتقي كل ما يكون سبباً للعذاب في النار، ولكنه لا يسابق في الخيرات، قال تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيءاتكم} [النساء: ٣١].
٣‐ السابق بالخيرات
وهو خير تلك المراتب الثلاثة، وهو من يفعل الواجبات، ويتجنب المحرمات، ويسارع في الخيرات.
وهذا لا يعني أنه لا يخطئ، فقد قال -ﷺ-: (كل بني آدم خطاء).
وقال تعالى: {إن الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة} [النجم: ٣٢].
اقرأ أيضاً: من وصايا خير البشر
صفات المتقين
وللمتقين صفات يعرفون بها بين الناس، وقد ذكر الله بعضا منها، ومن هذه الصفات:
١- تحري الصدق في الأقوال والأعمال
قال تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون} [الزمر: ٣٣].
٢- تعظيم شعائر الله ومناسكه
قال تعالى: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} [الحج: ٣٢].
ومعنى تعظيم شعائر الله: هو أن يعظم المرء حرمات ربه فلا ينتهكها، ويعظم إوامر الله فيأتي بها على وجهها.
٣- تحري العدل والحكم به
قال تعالى: {ولا يجرمنكم شنءان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} [المائدة: ٨].
٤- اتباع سبيل الأنبياء والصادقين والمصلحين، والسير في طريقهم
قال تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: ١١٩].
هناك بعض السُبل التي توصل إلى تقوى الله تعالى، وهي:
‐طلب التقوى من الله
وذلك بالإكثار من دعاء "اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها".
‐العمل على إصلاح القلب
قال عون بن عبدالله: "فواتح التقوى حسن النية".
-العمل على إصلاح الظاهر
وذلك بموافقة سُنة وهَدي النبي -ﷺ-
- ومن السبل إلى التقوى أيضاً: الصبر، ومحاسبة النفس، والحياء، والكرم، والصوم، وأكل الحلال.
فالخير كله في تقوى الله، كما قال -ﷺ-: (عليك بتقوى الله، فإنها جماع كل خير).
فالتقوى سبب لدخول الجنة والنجاة من النار، قال تعالى: {تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا} [مريم: ٦٣].
وهي أيضاً سبب للسعادة في الدنيا والآخرة، وسبب لسعة الرزق، قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا* ويرزقه من حيث لا يحتسب}.[الطلاق: ٢-٣].