12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

الجاليه اليونانيه بالإسكندرية

2020/09/19 04:48 AM | المشاهدات: 1697


الجاليه اليونانيه بالإسكندرية
سميحه عبد الناصر

الجاليه اليونانيه بالإسكندرية "مقابر اللاتين"

داخل مقابر الجالية اليونانيه بمنطقه الشاطبي في الاسكندريه تشعر وكأنك سافرت عبر الزمن الي اثينا بوجود تماثيل الملائكة التي تجعل من المكان أشبه بمتحف مفتوح عوضا عن كونه مكان لدفن الاموات .

تاريخ المقابر :
هرب العديد من اليونانيين أو انتقلوا إلى الإسكندرية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. جاء البعض هربا من الحروب والفقر. انتقل آخرون على أمل بدء حياة جديدة أكثر ازدهارًا.
لذلك قام محمد على باشا بمنحهم قطعه كبيره من الأراضي لإنشاء مقابر لهم، وشيدت على أعلى مستوى، بتبرعات أبناء الجالية خاصة الأغنياء، وتزينت بالتماثيل الرخامية، والنقوش البديعة، لتترك انطباعاً عن محبتهم للأرض التى استقبلتهم بعدما هجروا بلادهم.
تحمل هذه المقابر تاريخ أكثر من 400 سنة، حيث سكن اليونانيون الإسكندرية، واختلطوا بأهلها وصاروا جزءاً منهم، وتشهد على عظمة أبناء هذه الجالية وفنها وإبداعها، وأيضاً حرصهم على ترك إحساس بالراحة فى نفوس كل من يقترب منهم، سواء كانوا أحياءً أو أمواتاً، وتجلى ذلك فى الموعظة التى كتبت على الواجهة لتستقبل الزوار، والتى تقول "هذا الذى ترهب الألباب سطوته ويصدع الذكر منه قلب جلمود.. من لم تفده من الأحياء موعظة يصغى أوعظ من الأموات والدود.. كونوا دائماً مستعدين لئلا يفاجئكم ذلك اليوم وأنتم غافلون".

وصف للمقابر :
مع أول خطوة داخل مقابر اليونانيين، ستسكنك حالة من المحبة والسلام، وربما الافتنان بروعة البنيان وجمال النحت، فأول ما يقابلك تماثيل ملائكة ترفرف بأجنحتها وكأنها تُبشر الزائرين بأن الأجساد، التى رقدت تحت التراب، تهنأ الآن بالخلود، وإلى جانبها تمثال امرأة غاية فى الجمال، وبالقرب منها تمثال آخر لرجل يحتضن امرأة وتبدو عليه علامات التعاطف معها وكأنه يواسيها ويؤازرها.

تنقسم المقابر الي جزئين :
القسم الاول ويضم:
 المقبرة الأولى تم دفن جورج أﭬيروف، والتى أصبحت فارغة اليوم لأنه من المعروف أنه تم نقل رفاته إلى المقبرة الأولى بأثينا، وهو الذى جمع فى مصر مالا طائلا، ثم أقبل يوزعه على أعمال الخير فى اليونان ومصر على السواء فأما فى اليونان، فقد أنشأ لأهل أثينا كلية هندسة كبرى ومؤسسات خيرية أخرى، أما فى مصر فقد بنى مدرسة ووقف عليها 1160 فدانا. 

 وتوجد أيضاً المقبرة العائلية الخاصة بالشاعر اليونانى المعروف كونستانتينوس بيترو كفافيس، وهو أحد أعظم شعراء اليونان المعاصرين، وهو مصرى يونانى، غير نمطى، يعبر فى شعره عن التلاقى المشترك لعالمين: اليونان الكلاسيكية، والشرق الأوسط القديم، وتأسيس العالم الهللينستى، والأدب السكندرى الذى كان مهادًا خصبًا لكل من الأرثوذكسية والإسلام، والسبل التى تدفع بشعوب المنطقة على اختلاف أساليبها  نحو الكمال الإنسانى.

 ويجاوره قبر جورج أنطونيادس، الذى وهب حديقته  ومنزله لمحافظة الإسكندرية، ويتنزه بداخلها المواطنين، وتحتوى على زهور ونباتات نادرة، وأيضًا قبر "كوتيسكا" مؤسس المستشفى اليونانى التى صارت الآن تحمل اسم "جمال عبد الناصر".

 وحين تسير قليلًا تكتشف كيف كان لليونانيين تاريخا عظيما فى تجارة الخشب، حيث قبر ابنة أشهر تجار الخشب فى الإسكندرية حينها "زورفاداكى"، والذى يحكيه تمثال قبرها الممثل لملاك يضع إصبعه أمام فمه، ليخبر زائريها بضرورة الصمت فى رحاب جثمان هذه الفتاة.

 كما تجد مقابر لكبار محسنى الجمعية اليونانية بالإسكندرية مثل  الدكتور  أنستاسى ، سالفاجون ، زيرفوذاكى ، كازولى ، رالى ، روذوكناكى ، كاسذالى وآخرين.

 القسم الثاني و يضم :
 المقبرة الثانية تم تشييد نصب تذكارى لحوالى 100 من رفات الجنود اليونانيين التابعين لسلاح الجو، والذين سقطوا فى الشرق الأوسط أثناء فترة الحرب العالمية الثانية.

تحيط بهذه الأضرحة مساحات خضراء كبيرة، تتزين بالزهور والورود المزروعة بعناية ولها ألوان وروائح مختلفة، تترك عطرها ينتشر فى الجو تلقائياً.

الطقوس المتبعه في المقابر 
تشبه طقوس زيارة اليونانيين لقبور موتاهم طقوس المصريين إلى حد كبير، حيث يهتمون بتنظيف هذه المقابر بأنفسهم ووضع الورود عليها، و«الاختلاف الوحيد أنهم يضعون صورة المتوفى على المقبرة، وفى اعتقادهم إن ده تقدير له، وعشان اللى يزور يبقى عارف هو بيزور مين وتفضل صورته محفورة فى ذهن الزوار».

 

الجاليه اليونانيه بأعين حارسها 
"المكان هنا شبه القصر أو المتحف، يفتن ما به من جمال، وهذا يجبرنا طول الوقت على الاهتمام به، والحفاظ على طرازه" هكذا قالصبحي محمد المعروف ب عم صبحي حارس المقابر ، كما أضاف :
"أنا وواحد زميلى مسئولين عن المقابر دى من زمان نحرسها وننضفها ونهتم بيها، وبقينا عارفين كتير عن تاريخهم وبنتعامل مع اليونانيين على طول عشان بييجوا زيارات لأهاليهم اللى ماتوا" ، واضاف :
"اليونانيون يشبهون المصريين فى طقوس الزيارة.. "وبيحبونا علشان بنحافظ على آثارهم فى مصر"
واضاف :" قال إن الطلاب اليونانيين لا يزالون يأتون لزيارة هذه القبور، ثم الصلاة لموتاهم داخل الكنيسة التى بُنيت داخل المقابر ليصلى فيها الزوار."
ويقول «عم صبحى» إن «بعضاً من أبناء الجالية يأتون على فترات كبيرة للزيارة، ويضعون المياه على القبور، ثم يوقدون الشموع داخل الكنيسة ويدعون للمتوفى، ويرددون بعض الترانيم الخاصة بهم، ويشعلون البخور لتعطير المكان».
 ويضيف «صبحى» أن الشعب اليونانى كان من أكثر الشعوب تعاوناً وقرباً للشعب المصرى، حيث اختلطوا بنا واندمجوا معنا وشاركونا فى بعض العادات والتقاليد «اليونان بيحبونا أوى عشان بنحافظ على آثارهم ومقابرهم وده بيمثل لهم مكانة كبيرة جداً عشان كده السائح اليونانى لما بييجى مصر لازم يزور المقابر ويشكرنا على الاهتمام بيها».

 ومن أجل الثلاث مقابر التابعة للجمعية اليونانية بالإسكندرية تم إعداد مخطط على مدار ثلاث سنوات لإصلاح الأضرار الموجودة بها، وقام قسم الإليكترونيات ومعمل تطبيقات العلوم بكلية الأثار التابعة للمؤسسة التعليمية التكنولوجية بمدينة لامياء باليونان وبالتعاون مع الجمعية اليونانية بالإسكندرية، بتدوين ودراسة وصيانة الأضرحة الرخامية التابعة لمقابر الجمعية اليونانية بالإسكندرية.

 هذا المكان له سحر خاص ،فاثناء التجوال بالمكان سيمنحك حينئذ الشعور بأنك متواجد في أثينا . بالاضافه اللي الشعور بالهدوء و الراحه النفسيه والتماثيل الرخاميه المتنوعه و دقه التفاصيل المنحوته بها تجعلك في حاله من الانبهار .