أغلب الناس - وهذا أمر مؤسف - يشرعون للإستسلام لليأس في الأربعينات، ويتركون أنفسهم نهباً للأوهام، ويتصورن خطأ أن أجسامهم أصبحت تربة خصبة لأمراض الشيخوخة، وأنه يجب عليهم أن يفكروا جدياً في لبس النظارات، والأسنان الصناعية، وأن عضلاتهم المرتخية لا يمكن أن تسترد قوتها، وأن طاقتهم الجنسية ستتضاءل لا محالة، وأن شبح الذبحة الصدرية وغيرها من أمراض القلق يخيم عليهم ليقض مضاجعهم, ويسبب لهم قلقاً مقيماً.
مما يدعوا للأسف والأسى أن السواد الأعظم من الناس عندما يبلغون خريف العمر، وبعد أن يكونوا قد اساءوا استخدام أبدانهم، وبالغوا في استغلالها، وارهقوها بالعمل المضني وملؤوها بالطعام غير الصحي، وشتى أنواع الأدوية المنشطة والمهدئة، يقولون كلما واجهو تحديات الحياة "لعنة الله على الشيخوخة".. وهكذا يظلمون الشيخوخة إذ يحملونها مسئولية كل ما يعتريهم من كسل وبلادة ومن جمود وفقدان للشعور والإحساس، ومن إنعدام القدرة على الوقوف منتصبين في معترك الحياة.. ومن روح انهزامية قاتلة ما في ذلك ريب.
––––––
اقرأ أيضاً: المدرسة والصحة النفسية للطفل
––––––
أن عيادات الأطباء تغص دائماً بالمرضى الذين يعانون من اضطراب الأعصاب وتوترها، ومن ارتفاع ضغط الدم من جراء التغذية غير السليمة، والتراخي في ممارسة الألعاب الرياضية المناسبة، وعدم الحرص على أن يكون لبدن المرء حق عليه، وعلى أن يناموا ساعات كافية .. وهذا الأدواء كثيراً ما تؤدي إلى الإنهيارات العصبية والوفاة المباغته.
ان الصحف والمجلات في شتى أرجاء العالم تنشر بإستمرار مقالات عن الوسائل الكفيلة بإطالة العمر، وثمة عدد من أعظم العلماء يَجِدون في السعي إلى إطالة الشباب، وإستطاع بعضهم التوصل إلى إكتشافات مثيرة، ولكن لعل أهم الإكتشافات في هذا المضمار هي التي اهتدى إليها العلماء المتخصصون في أمراض الشيخوخة.
ويقول لنا هؤلاء العلماء الأفذاذ ان الشيخوخة لا تعدو ان تكون مرضاً، أو مجموعة من الأمراض وان العوامل الرئيسية التي تؤدي إلى الشيخوخة المبكرة هي الهموم، وتوتر الأعصاب، ووجود جراثيم في الجسم، وعدم ممارسة بعض الألعاب الرياضية، والعجز عن التخلص من فضلات الجسم بطريقة تامة مما يحدث تسمماً مزمناً في الجسم، وهذا يؤدي في النهاية إلى الإضرار ببعض الخلايا الحيوية.
––––––
اقرأ أيضاً:الضحك والبكاء سلاحان لمواجهة الكآبة
––––––
ان هذه الخلايا تستطيع في الشباب ان ترمم نفسها وتتجدد، ولكنها تفقد قدرتها على التجدد، مع انطواء الأعوام، وتمتلئ بالأوساخ وتموت، وينبغي أن يلاحظ في هذا الشأن ان ثمة خلايا لا يمكن تعويضها اذا ماتت، وانه اذا تلفت خلايا أعصاب المخ مثلاً فإن الشيخوخة تجئ بسرعة.
ونحن نسمع الآن في الدوائر العلمية انه اضحى في مقدور المرء أن يطيل حياته الخلاقة بما لا يقل عن خمس وعشرين سنة، فيبدو حين يناهز السبعين من عمره ويشعر كأنه لم يتجاوز الخامسة والأربعين، والوسائل الكفيلة بتحقيق ذلك، أولاً وقبل كل شئ، هي العناية بالغدد الصماء، والدورة الدموية، والمراكز العصبية، وأعضاء الهضم.
فعلى المرء منا إذن أن يدرب نفسه على الخلود إلى الراحة والإسترخاء حتى يسترد الجسم نشاطه وحيويته، وعلى النوم العميق، وعلى إختزان ما يحتاج إليه من طاقة حيوية، وتخليص الجسم من كل الفضلات بشتى الوسائل المتاحة حتى يصبح نقياً من الشوائب، وبذلك تنتظم الدورة الدموية، وتقوم سائر أعضاء الجسم بوظائفها على أتم وجه مستطاع، فيصفو الذهن، ويصبح العقل سليماً مادام الجسم سليماً.