اطّلاع النبي محمد على بعض الأمور الغيبيّة التي كشفها الله عز وجل له، فرآها بعينه، وسمعها بأذنه، ثم بيانه هذه الأمور للمسلمين؛ مما أدّى إلى زيادة الإيمان في قلوب المسلمين، وتبصيرهم في أمور دينهم، وبيان أهمية الصلاة في حياة الفرد المسلم، فهي الشعيرة العظيمة التي ينبغي على المسلم أن يصوغ حياته وِفْقها.
اقرا ايضا |شمس مصر|.. اغواء بني ادم
شرح التعريف:-
ماذا رأى الرسول فى السماوات السابعه:-
السماء الاولى:-
بدأت رحلة المعراج العظيمة، من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا في صُحبة ملك الوحي "جبريل"، وكان جبريل يطلب الإذن بالدخول عند الوصول إلى كل سماء فيأذن له وسط ترحيب شديدً من الملائكه بقدوم سيد الخلق وإمام الأنبياء.
إلتقى النبي، في السماء الدنيا "السماء الأولى"، بآدم عليه السلام، فتبادلا السلام والتحيّة، ثم دعا آدم له بخيرٍ، وقد رآه النبي جالسًا وعن يمينه وشماله أرواح ذريّته، فإذا التفت عن يمينه ضحك، وإذا التفت عن شماله بكي، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عن الذي رآه، فذكر له أنّ أولئك الذين كانوا عن يمينه هم أهل الجنّة من ذرّيّته فيسعد برؤيتهم، والذين عن شماله هم أهل النار فيحزن لرؤيتهم.
كان من المشاهد التى رأها رسول الله كذلك ثلاثة أنهار عظيمه " النيل، الفرات، الكوثر"، يقول أنس بن مالك:- فإذا هو فى السماء الدنيا بنهرين، فقال رسول الله ماهذين النهرين ياجبريل، قال هذا النيل والفرات عنصرهما"، ثم مضى به فى السماء فإذا هوا بنهر أخر عليه قصرً من لؤلؤً وذبرچد، فضرب يديه فإذا هو من مسك أغفر، فقال ماهذا "ياجبريل" فقال هذا نهر الكوثر الذي خصّه الله لك وأكرمك به، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (بيْنَما أنا أسِيرُ في الجَنَّةِ، إذا أنا بنَهَرٍ، حافَتاهُ قِبابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلتُ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ).
السماء الثانية:-
عُرج النبي صلي الله عليه وسلم إلى السماء الثانيه بصُحبه سيدنا جبريل عليه السلام، والتقى بسيدنا عيسى ويحيى عليهما السلام، فاستقبلاهُ أحسن استقبالٍ وقالًا: "مرحبًا بالأخ الصالح والنبيّ الصالح"، وهذة هي السماء الوحيدة التى رأى فيها رسول الله بإثنين من الأنبياء دفعة واحدة.
السماء الثالثة:-
صعد جبريل بالنبي إلى السماء الثالثة ؛ فإستفتح
"قيل: من هذا، قال: جبريل، قيل: ومن معك، قال: محمدً عليه الصلاه والسلام، قيل: وقد أرسل إليه، قال: نعم، قيل: مرحبآ به فنعم المجيء جاء".
ففتح لهما قال جبريل لرسول الله هذا يوسف فسلم عليه فألقي رسول الله التحيه، ثم رد يوسف قالآ: "مرحبآ بالأخ الصالح والنبيّ الصالح"، قال عليه الصلاةُ والسلامُ: "وكان يوسُفُ أُعْطِى شَطْرَ الحُسْنِ يعني نِصْفَ جَمَالِ البشَرِ الذي وُزِّعَ بينهم"، ومن قبيل التعجب لرؤيهة قدرة الله تعالي فى خلق يوسف عليه السلام وحسن تصويره حتى إن الله عز وجل قال فى كتابة الكريم على لسان نسوة المدينه: (وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ).
السماء الرابعة:-
صعد جبريل بالنبي محمد حتى أتي السماء الرابعه، وكان فى إستقبال رسول الله صلى الله عليه وسلم نبى كريم على الله عز وجل وهو سيدنا "إدريس عليه السلام"، وعلى الرغم من أننا لا نعرف كثيرآ عن سيدنا إدريس، فإنا الله سبحانه خاصة برفعة متميزة، وهذا ما نبهة إلية رسول الله عندما قرأ لنا الأية الكريمة: (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) أى: رفع الله ذكره فى العالمين، ومنزلته بين المقربين، فكان عالى الذكر، عالى المنزلة".
اقرا ايضا |شمس مصر|.. حامل المسك ونافخ الكبر
السماء الخامسة:-
عُرج بالنبي إلى السماء الخامسة بُصحبه حبريل عليه السلام، فإستفتح "قيل: من هذا، قال: جبريل، قيل: ومن معك، قال: محمدً عليه الصلاه والسلام، قيل: وقد أرسل إليه، قال: نعم، قيل: مرحبآ به فنعم المجيء جاء".
في الخامسة رأى النبي رجل كهل أبيض الرأس وعظيم اللحية، لم أرى كهلًا أجمل منه قال: "قلت من هذا يا جبريل؟ قال هذا المحبب في قومه هارون بن عمران فسلم عليه، فسلمت عليه فرد ثم قال: مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح".
السماء السادسة:-
صعد النبي إلى السماء السابعه بعد أن أستفتح له، فالتقى النبي بسيدنا موسى عليه السلام، وبعد السلام عليه بكى موسى فقيل له: "ما يبكيك؟"، فقال: "أبكي لأن غلامًا بُعث بعدي، يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتى".
السماء السابعة (الأخيرة):-
واصل النبي محمد رحلة الإسراء والمعرج حتى وصل إلى السماء السابعة والأخيرة، ثم كان لقائة بخليل الرحمن إبراهيم عليه السلام، قال: مرحبآ به فنعم المجىء جاء، وكانَ أشْبَهَ الأنبياءِ بسيدنا محمد من حيث الخِلْقَةُ، ثم دخل رسول الله إلى البيت المعمور " كعبة أهل السماء" الذى يدخله كل يوم سبعون ألفًا من الملائكة لا يعودون إلية أبدًا، وهناك إستقبل نبى الله ابراهيم سيدنا محمد، ودعا له، ثم قال: "يا محمد، أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها : سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.
ثم شم رسول الله محمد رائحة ذكية تملأ السماء، ولما سُأل جبريل عن أصل هذة الرائحة الطيبة، قال إنة قبر ماشطة بنت فرعون، ثم رأى رسول الله الملك جبريل ف صورتة التى خلقه الله عز وجل عليها، فهو مخلوقً عظيم له ستمائة جناح، كل جناح منهما حجمة مد البصر يتساقط منه الدر والياقوت، وقد رأه النبي على صورته الحقيقية مرتين، حيث رأها فى "الأفق الاعلى وعند سدرة المنتهى".
سدرة المنتهى شجرة عظيمة فى السماء السابعة، قال رسول الله: (ورُفِعَتْ لي سِدْرَةُ المُنْتَهَى)، وهي شجرة عظيمة القدر، كبيرة الحجم، أوراقها مثل أذان الفيلة، ومن تحتها تجرى الأنهار، وهنا فرض الله على أمة رسولنا الكريم خمسون صلاةً فاليوم والليلة، حتى أصبحت خمس صلوات.
اقرا ايضا |شمس مصر|.. اسماء يوم القيامة
واصل الرسول إستكمال رحلته فرأى شجرة الزقوم وهي " الشجرة الملعونه" فقال سبحانه وتعالى-: (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ).
رأى رسول الله أيضآ مالكً خازن النار وهوا صاحب النار، فإطلع على بعض أحوال أهل النار فرأى رجالًا لهم مشافر كمشافر الإبل، في أيديهم قطع من نار كالأفهار "حجر على مقدار ملء الكف" يقذفونها في أفواههم، فتخرج من أدبارهم، فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال "جبريل" هؤلاء أكلت أموال اليتامى ظلمًا، ثم قال مرَرْتُ ليلةَ أُسرِيَ بي على قومٍ تُقرَضُ شِفاهُهم بمَقاريضَ مِن نارٍ، قال: قلتُ: مَن هؤلاءِ؟ قالوا: خُطَباءُ أمَّتِكَ.
قال ثم رأيت رجالًا لهم بطون لم أرى مثلهما قط بسبيل آل فرعون يمرون عليهم كالإبل المهيومة (العطاش) حين يعرضون على النار، قال: "قلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء أكلة الربا، ثم قال رأيت نساء معلقات بثديهن، فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء اللاتي أدخلن على رجال من ليس من أولادهم، ثم قال: (لما عُرِجَ بي مررتُ بقومٍ لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخْمِشون وجوهَهم وصدورَهم، فقلتُ: من هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحومِ الناسِ).
رأي نبي الله محمد الجنة: وهي فوق السموات السبع فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سَمِعَتْ ولا خَطَرَ على قلب بشر مما أعدّه الله للمسلمين الأتقياء خاصة، ولغيرهم ممن يدخل الجنة نعيم يشتركون فيه معهم، أيضا العرش: وهو أعظم المخلوقات، وحوله ملائكة لا يعلم عددهم إلا الله، وله قوائم كقوائم السرير يحمله أربعة من أعظم الملائكة، ويوم القيامة يكونون ثمانية، والعرش هو سقف الجنة وهو مكان مشرف عند الله.
هنا حانت أسعد اللحظات إلى قلب النبي حينما تشرّف بلقاء الله والوقوف بين يديه ومناجاته، لتتصاغر أمام عينيه كل الأهوال التي عايشها، وكل المصاعب التي مرّت به، وهناك أوحى الله إلى عبده ما أوحى، وكان مما أعطاه خواتيم سورة البقرة، وغفران كبائر الذنوب لأهل التوحيد الذين لم يخلطوا إيمانهم بشرك..