12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

|شمس مصر|.. الخطبة الموحدة في المسجد

2022/08/12 03:02 AM | المشاهدات: 299


|شمس مصر|.. الخطبة الموحدة في المسجد
آلاء محمد حنفي

الخطبة الأولى:-

الحمد لله الذي نسب المساجد إليه تشريفاً وتعظيماً, وأذن أن ترفع تبجيلاً وتكريماً, وجعلها أحب البقاع إليه لعظمة وظائفها تعبداً وتربية وتعليماً, شهد لعمَّارها بالإيمان, وكافأهم على عمارتها بالجنان, وأشركهم في ثواب روادها من البر والإحسان, أهوى إليها أفئدة المؤمنين وأقر فيها عيون المتقين, وجعلها مثابة للراكعين الساجدين

, ومنتدى للتشاور في أمور الدنيا والدين, فكم عقد في ساحاتها من ألوية ظافرة, وكم بويع على منابرها لملوكٍ لدين الله ناصرة, ولعدوها قاهره, وكم انتظم في جوانبها من حلقات بفنون العلم عامرة, ولأطراف الأرض بأنوارها غامرة, وكم خرج من زواياها من عالم جليل, شهير, وقائد كبير, وطبيب  جدير.

الحمدلله القائل(*" إنما يعمرو مساجدُ اللهِ من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسىٰ أولئك أن يكونوا من المهتدين"*)، والصلاة والسلام على من أولى المسجد كل عناية, وخصه بجزيل الرعاية, وبلغ في الإهتمام به إلى أبعد غاية, قدّم بناه على داره, وألصق بيته بجداره, واختصه من بين البيوت بقربه وجواره, ورغب في بنائه وتعميره, وأمر بنظافته وتطييبه وتطهيره, وشرع من الأحكام والآداب ما يحفظ مكانته العالية, ومنزلته السامية, صلى الله عليه وعلى آله ذوي القدر العلي, والفخر الجلي, والصراط السوي, وعلى أصحابه عمار المساجد, والقدوة الصالحة لكل عابد وزاهد, وداع إلى ربه ومجاهد, وعلى التابعين لهم بإحسان من كل مهتد وراشد,. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

إقرأ أيضاً|شمس مصر|.. خطورة السب واللعن

 

عباد الله أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله عز وجل ولزوم طاعته امتثالاً لأمر ربنا جل في علاه_ إذ يقول ("يا أيُّها الناس اتقوا ربكم إن زلزلةَ الساعةِ شئ عظيم* يوم ترونها تذهل كلُ مرضعةٍ عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها  وترى الناس سُكارى وما هم بسُكارى  ولكن عذاب الله شديد").. وأحذركم ونفسي من مخالفة أمره وعصيانه، لقوله عز من قائل-: (*وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديدُ العقابِِ*)

 

أما بعد: 

فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ رسولِ الله  صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار، ولا أمنَ بلا إيمان، ولَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ، وَلَا دِينَ لِمَنْ لَا عَهْدَ لَهُ.

وبعد:

فسوف أتحدثكم اليوم عن المسجد ومكانته العظيمة ودوره في المجتمع، في خطبة تحت عنوان "المسجد مكانتهُ، ورسالتهُ، فإنَّ للمسجدِ في الإسلامِ أهميةً عُظمَى، ومكانةً كُبرى، فهو أحبُّ البقاعِ إلى ربِّ العالمين، وبيتُ الأتقياءِ الصالحين، وقد أضافَهُ الحقُّ سبحانَهُ إليهِ إضافةَ تشريفٍ وتكريمٍ، حيثُ يقولُ سبحانَهُ: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)، ويقولُ نبيُّنَا (صلَّى اللهُ عليه وسلم): (أَحَبُّ البِلَادِ إلى اللهِ مَسَاجِدُهَا)، ويقولُ (صلَّى اللهُ عليه وسلم): (المسجدُ بيتُ كلِّ تقيٍّ).

كما حذر سبحانه وتعالى من الظلم العظيم في غلق المساجد ومنع أهلها منها إذ قال سبحانه *"ومن أظلم ممن منع مساجد الله ان يذكر فيها أسمه وسعى في خرابها"* ذلك لعدم المسجد ودوره الفعال في المجتمع الإسلامي.

 

إقرأ أيضاً ..|شمس مصر|.. فضل بر الوالدين

 

فالمسجدُ أيها الأحبة مدرسةٌ جامعةٌ تتغذَّى فيهَا الأرواحُ بالذكرِ وتلاوةِ القرآنِ الكريمِ، وتُبنَى فيها العقولُ على أساسٍ من الوعْيٍ الرشيدِ، ويتربَّى النشءُ على القيمِ النبيلةِ والأخلاقِ الفاضلةِ، وعمارةُ المساجدِ  أيها الاحبة – مبنَى بتشييدِ البنيانِ، ومعني ببناءِ العقولِ المستنيرةِ– أجرُهَا عظيمٌ عند ربِّ العالمين، حيثُ يقولُ الحقُّ سبحانَهُ: ﴿فِی بُیُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَیُذۡكَرَ فِیهَا ٱسۡمُهُۥ یُسَبِّحُ لَهُۥ فِیهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡـَٔاصَالِ  رِجَالࣱ لَّا تُلۡهِیهِمۡ تِجَـٰرَةࣱ وَلَا بَیۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِیتَاۤءِ ٱلزَّكَوٰةِ یَخَافُونَ یَوۡمࣰا تَتَقَلَّبُ فِیهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَـٰرُ  ﴾، ويقولُ نبيُّنَا (صلَّى اللهُ عليه وسلم): (مَن غدَا إلى المسجدِ أو راح، أعدَّ اللهُ له نُزُلًا مِن الجنَّةِ كُلمَا غدَا أو راح)، فهنا يعظم الله درجة الذاهب للمسجد لقضاء الصلوات وذكر الله وتعلم العلوم الإسلامية بمختلفها ويقولُ (صلَّى اللهُ عليه وسلم): (مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ)، وهنا توزع الهدايا العظيمة على من يجلس في حلقة علم وسط قوم اي مجموعة أو جماعة طيبة يتلون كتاب الله ويتدارسون تفسيره ويتعلمون ويحفظون الأحاديث الشريفة، وهنا توزع الهداية، تنزل عليه السكينة، والرحمة ايضاً وتحفهم الملائكة وتجالسهم، ويذكرهم الله في الملأ الأعلى انت يامسكين ياضعيف يذكرك الله؟  نعم يذكرك الله بسبب جلستك هذه، وفي نهاية المجلس*"أن قوموا مغفوراً لكم قد بُدلت سيئاتكم حسنات".

 

اقرا ايضا|شمس مصر|.. الفرق بين الحلم والرؤيا

 

هَدايا عظيمة أيها الأحبة، هل يوجد في الارض من يستطيع أن يذهب بسيئاتك ليعود بها حسنات؟

لذلك رغبَ الشرعُ الحنيفُ في بناءِ المساجدِ وصيانتِهَا والمحافظةِ عليها، حيثُ يقولُ نبيُّنَا (صلَّى اللهُ عليه وسلم): (مَن بَنَى مَسْجِدًا بَنَى اللَّهُ له مِثْلَهُ في الجَنَّةِ)، والقائمونَ على ذلكَ هُمْ أهلُ المنازلِ العاليةِ، ولا أدلَّ على ذلك مِن تَفقّدِ نبيِّنَا (عليه الصلاةُ والسلامُ) أحوالَ المرأةِ التي كانتْ تقُمُّ أي (تكنسُ) مسجدَهُ الشريف، وصلاتُهُ عليها بعدَ موتِهَا إشارةٌ إلى عُلوِّ قدرِهَا عندَ ربِّ العالمين.

وللمسجدِ آدابٌ ينبغِي أن تُراعَى، منها: القدومُ عليهِ في أجملِ هيئةٍ، وأحسنِ ثوبٍ، وأطيبِ رائحةٍ، تتناسبُ  مع قداسةُ المكانِ؛ فإنَّمَا يُناجِي المصلّي في المسجدِ ربَّهُ، والمسجدُ موضعُ اجتماعِ الصالحينَ، وتنّزُلِ الملائكةِ المقربينَ، فينبغِي أنْ يكونَ المصُلّي في أحسنِ صورةٍ، حيث يقولُ سبحانَهُ: (يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ)، ويقولُ نبيُّنَا (صلَّى اللهُ عليه وسلم): (اللَّهَ أحقُّ من تزَّيَّنَ لَه)ُ.

ومنها: المشيُ إلى المساجدِ بخشوعٍ وسكينةٍ، حيث يقولُ نبيُّنَا (عليهِ الصلاةُ والسلامُ):  (إذا سمعتُم الإقامةَ فامشُوا إلى الصلاةِ وعليكُم السَّكينةَ والوقارَ)، فالمساجدُ محلُّ الطمأنينةِ والسكونِ، ولذلك وردَ النهيُ عن رفعِ الأصواتِ في المسجدِ، يقولُ نبيُّنَا (صلَّى اللهُ عليه وسلم):  (إِنَّ الْمُصَلِّي يُنَاجِي رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلْيَنْظُرْ مَا يُنَاجِيهِ ، وَلَا يَجْهَرْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقُرْآنِ)، كما وردَ النهيُ عن البيعِ والشراءِ في المسجدِ، يقولُ (صلَّى اللهُ عليه وسلم) عن المساجدِ: (إنَّما هي لِذِكْرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، والصَّلاةِ وقِراءَةِ القُرْآنِ).

 

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم؛ 

توبوا إلى الله.

الخطبة الثانية:

الحمدُ للهِ الذي هدى من هدى بفضله وكرمه، واضل من ضل بحكمته وعدله، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، المبعوث رحمة للعالمين  سيد الأولين والآخرين . محمدٍ (صلَّى اللهُ عليه وسلم)، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.

وبعد:-

يقول عز من قائل: *"سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آيتنا إنه هو السميع البصير"*

 

 

إقرأ أيضاً ..|شمس مصر|.. رأس السنه الهجرية

 

 

لم يقل الله سبحانه وتعالى *سبحان الذي أسرى "بنبيه" إنما "بعبده" لتشريف العبد بعبودية الله وحده ولما يقل أسرى بعبده من مكة إلى القدس وهما مدينتين مشرفتين بل ذادهما تشريفاً بذكره المسجد لعظمته ومكانته فقال سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ... أي من المسجد إلى المسجد ذلك.أيها الأحبة 

للمسجدِ دورٌ هامٌّ ورسالةٌ عظيمةٌ، سواءٌ في مجالِ التعليمِ والتثقيفِ ونشرِ صحيحِ الدينِ، وتصحيحِ المفاهيمِ الخاطئةِ، أم في بناءِ القيمِ الإيمانيةِ والروحيةِ، ونشرِ مكارمِ الأخلاقِ، وبيانِ أسسِ المعاملةِ السويةِ بينَ الناسِ، القائمةِ على الحقِّ والعدلِ، وعدمِ الغشِّ أو الجشعِ أو الاحتكارِ أو الاستغلالِ، مع تحرِّي الحلال والبعدِ عن كلِّ ألوانِ الحرامِ وعن الفواحشِ ما ظهرَ منها وما بطن.

 

كما أنَّ للمسجدِ دورًا مجتمعيًّا لا يقلُّ أهميةً عن دورهِ الروحِيّ والتوعويِّ، فمِن خلالِهِ يمكنُ أنْ يتعاونَ الناسُ على ما ينفعُ البلادَ والعبادَ، في جوٍّ مِن التكافلِ والتراحمِ، وتفريجِ الكرباتِ، وجبرِ الخواطرِ، ومواساةِ الفقراءِ والمساكين، وتوثيقِ الروابطِ الإنسانيةِ بينَ قلوبٍ متفتحَةٍ للإيمانِ، متطلعةٍ إلى فضلِ الرحيمِ الرحمن، تحققُ معنى الجسدِ الواحدِ، حيثُ يقولُ نبيُّنَا (صلَّى اللهُ عليه وسلم): (مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ. مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى)، ويقولُ (صلَّى اللهُ عليه وسلم): (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ).

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن للمساجد أوتاداً. لهم جلساء من الملائكة فإن غابوا سألوا عنهم وإن كانوا مرضى عادوهم وإن كانوا في حاجة أعانوهم" [أحمد (2/418) وقال الألباني: حسن صحيح].

 

ومع كل ما ذكرنا حول مكانة المسجد العظيمة؛ أرى اليوم هذه المكانة تندثر في قلوب الشباب مكانة المسجد التي كان يخرج منه رجال الرسول المجاهدون المناصرون أره الآن يُهجر ... واتخذنا المقاهي والملاهي بديلاً، آراه يساق إليه بالصوت المرتفع في اللغو والبيع والشراء، يهجر ويقفل ولا ارى صوت مدافعاً ولا نفساً مضحية للحفاظ على هذه المكانة العظيمة، عندما افكر في المساجد يبكي قلبي حسرة على ما يحدث فيها الأن ... أحبانا علموا أولادكم ان المساجد عظيمة وهي خير البقاع وأنفع المدارس وليست ساحة للعب واللغو عن ذكر الله ... وحتى لا يطول حديثنا ونظل ملتزموت بأدآب الخطبة الموحدة، ندعو الله في هذه الساعة علها تكون ساعة إجابة.

نسأل الله أن يجعلنا أنصاراً لدينه وخداماً لبيوته وأن يستعملنا في طاعته ويجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين.

اللهم اجعل مساجدنا مفتوحة دائماً للركع السجود، نتقرب فيها إليك يارب  يامعبود، ونعمل على ما أمرتنا من الأوامر و الحدود، طامعين أن ننال ما وعدتنا به في اليوم الموعود.

نسأله -سبحانه وتعالى- أن يوفقنا للقيام بأدوارنا في إحياء المساجد وإعمارها وأن يجعل مساجدنا على الوجه الذي يرضى به عنا وأن يجعلها شامخة دائماً وأبداً شاهدة لنا لا علينا إنه ولي ذلك والقادر عليه، عبدالله وأقم الصلاة *"إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا"*

 

قوموا ألى صلاتكم يرحمكم الله.