مفهوم رأس السنة الهجرية:
يعتمد المسلمون السنة الهجرية، وتبدأ فيه السنة من اليوم الأول من شهر محرم إلى نهاية شهر ذي الحجة، وسميت بالسنة الهجرية نسبة إلى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة، وكان العرب قديمًا يعتمدون على الأشهر القمرية قبل مجيء الإسلام لتحديد تاريخهم، أما بعد مجيء الإسلام وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أقام المسلمون تقويمًا خاصًّا بههم يوثقون به الأحداث التاريخية وغيرها، وكان ذلك في سنة سبعة عشر للهجرة.
قصة تأريخ السنة الهجرية:
اعتمد المسلمون التقويم الهجري في عهد الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك عندما أرسل له الصحابي أبو موسى الأشعري رضي الله عنه كتابًا يقول فيه "إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ" فجمع عمر رضي الله عنه الناس فقال بعضهم أرِّخ بمبعثه(والمقصود بأرِّخ بمبعثه، أي مبعث النبي صلى الله عليه وسلم) وقال بعضهم أرِّخ بالهجرة، فقال رضي الله عنه "الهجرة فرقت بين الحق والباطل فأرِّخوا بها.
اقرأ أيضًا:|شمس مصر|.. الآداب الخاصة بالدعاء
اتفق المسلمون على التأريخ بالهجرة، فقال بعضهم ابدأوا بشهر رمضان، فقال عمر رضي الله عنه بل بالمحرم فإنه مُنصَرف الناس من حجهم، ويقصد بــ منصرف الناس من حجهم أي أنهم كانوا يعودون من الحج إلى ديارهم في شهر محرم، فاتفق الناس على هذا الرأي.
أهمية رأس السنة الهجرية عند المسلمين:
لا شك أن التاريخ الهجري ذات أهمية عند المسلمين، فهو مرتبط بعباداتهم ومناسباتهم الدينية، وله ذكرى مهمة عن هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة رضوان الله عليهم بما قدموا من تضحيات في سبيل إقامة الدعوة الإسلامية وتبليغها للناس جميعًا، وفي هذا اليوم يستقبل المسلمين عامًا جديدًا تتجدد فيه المواسم والمناسبات الدينية من صيام شهر رمضان، وست من شوال، ويوم عرفة وعاشوراء، ومرتبط بشعيرة الحج لبيت الله الحرام لاعتماده على الأشهر القمرية، قال تعالى ((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ)، فلابد للمسلم معرفة التقويم الهجري، للحفاظ على عبادته وشؤونه الدينية.
اقرأ أيضًا:|شمس مصر|.. التطوع في الإسلام
تعتبر أيضًا هذه المناسبة ذات أثر في تعزيز مشاعر الثقة بالله في نفوس المسلمين، وذلك لكونها تمثل علامة فارقة في بداية التاريخ الإسلامي، حيث نصر الله عز وجل نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وحفظه من أعدائه بالرغم من شدتهم وكثرتهم، وقوة سلاحهم، وكانت بداية لتأسيس مجتمع مسلم كان نواة ومرجعًا لأجيال المسلمين من بعدهم على مرّ العصور وباختلاف الأماكن، كما أنها كانت بداية لتأريخ أحداث، ومعارك، وتغيرات كان لها الأثر الكبير في تشكيل دول المسلمين وثقافتم وسائر مجالات حياتهم.
عادات المسلمين في رأس السنة الهجرية:
يوم رأس السنة الهجرية هو عطلة رسمية في كثير من الدول الإسلامية، يوم فيها المسلمون بالتحدث عن هذه المناسبة العظيمة في خطب الجمعة، ووسائل الإعلام بكافة أشكالها، كما يتم عقد المؤتمرات واللقاءات لتسليط الضوء على هذه المناسبة، وعلى الصعيد الشعبي يتم الإحتفال بهذه المناسبة بأساليب مختلفة ومتنوعة، وفي كثير من الدول الإسلامية يبرز اهتمام الناس واحتفاؤهم بهذه المناسبة من خلال ذهابهم إلى المساجد والمراكز الثقافية والتي بدورها تقوم بعقد المحاضرات والفعاليات لتسليط الضوء على هذه المناسبة؛ فعلى سبيل المثال في مدينة القدس المحتلة يذهب الناس إلى المسجد الأقصى المبارك ليحيوا هذه المناسبة بسماع سلسلة من المواعظ، والدروس، والابتهالات الدينية بحضور شخصيات دينية مقدسية، وكذلك الأمر بالنسبة للمسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.
اقرأ أيضًا:|شمس مصر|.. قصة عرقوب العماليق
كما أن البعض يحتفل بهذه المناسبة من خلال تبادل التهاني وصناعة الحلويات، وتقديمها كما تفعل الأردن، تقوم فيها بصنع حلوى المشبك وتقديمها كنوع من الإحتفال بهذه المناسبة، وفي اليمن يجتمع الناس في هذا اليوم ويعدوا حساءً تراثيًّا خاصًا بهذه المناسبة وسط أجواء من الألفة والمحبة، "الدان الحضرمي" وهو فن غنائي جماعي مع الرقص التقليدي من الرجال من أبناء هذه المنطقة، وفي مصر يقوم المواطنون بإعداد موائد الطعام والعديد من أصناف الحلويات احتفالًا بهذه المناسبة، ويخرج الرجال والنساء والأطفال في كام أناقتهم، ويلتقون في الساحات العامة والمساجد ويتبادلون التهاني بمناسبة العام الهجري الجديد.
