"ضلال مُبين"
ما معنى الحبُ في القرآن ومتى يكون الحبُ ضلالًا مبين ومتى يكون هبة ربَّ العالمين؟
ربنا قال عن حب سيدنا يعقوب لسيدنا يوسف بلسانه إخوته
﴿قالوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفي ضَلالِكَ القَديمِ﴾
[يوسف: ٩٥]
ضلالِك وكلمة ضلالِك مقصود بها حُبكَ
أي بعد طول تلك السنوات مازلت تحبَ يوسف، وتتذكر رائحته..
ليه ربنا وصف حب سيدنا يعقوب لسيدنا يوسف بضلال؟
مع أنه حب حلال ليس به ذنب، ولكن والله أعلى وأعلم أن سيدنا يعقوب قد أفرط في حبه لابنه حتى ذهبت عيناه من الحزن عليه فأصبح -أشبه- بضلال.
اقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. الصحابي جليبيب رضي الله عنه
في نفس السورة كان هناك ضلالًا وذُكر باسم الحب أيضًا
﴿وَقالَ نِسوَةٌ فِي المَدينَةِ امرَأَتُ العَزيزِ تُراوِدُ فَتاها عَن نَفسِهِ قَد شَغَفَها حُبًّا إِنّا لَنَراها في ضَلالٍ مُبينٍ}
"إنا لنراها في ضلالٍ مُبين"
قد شغف الحب امرأة العزيز حتى أعماها، وأضلها عن الحق، حتى همت به! ما أتسعها قد أحبت يوسف حتى فقدت نفسها، وهيبتها بين النساء، عُميا قلبها بالحب حتى أودت يوسف بالسجن، وبقيت هي معذبة طوال وحياتها بحبٍ -لم تنله-
إذًا ما رأيتُ أتعسَ من الذين أضلهم الحبُ فأعمى أبصارها، علقهم ببعض الأشخاص حد الموت!
ولا يُسمى ذلك حبًا -حاشا لله-
اقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. مواقف من حياة الرسول ﷺ مع الصحابة عليهم رضوان الله
- هل هذا يعني أن لا نُحب؟
- وكيف وهل قلوبنا بأيدينا لنحب من تشاء وتكره من تشاء؟!
لا لم أقصد هذا يا عزيزي القارئ، ولكن لا تفرط بحبِكَ فتضلْ!
بل ويحترقُ قلبُكَ إن فارقت من أحببت..
إذا كيف نحب وكيف يكون الحب هبة ونجاة لا هلاكًا وضلال مُبين؟
١)تدرب كيف تعلق قلبك بالله، وتُهِّملُ الناس للناس..
٢)تعلم من القرآن معاني الرحمة، وهي أنقى وأجمل وأجلُ من الحب
(ا) مع زَوجِكَ وسكنُ ضلعك
{جعل بينكم مودة ورحمة}
مودة: تعني محبة، إخلاص، وفاء..
رحمة: أي لا قسوة لا جفاء معاني أجل وأطهر من أن تُسمى بالحب فقط فهي أرتقت لتصبح هي سكنٌ لكَ وأنتَ
سكن لها، لباسٌ لكَ وأنتَ لباسٌ لها.
ومما لا شك فيه أنا أتكلم عن -العلاقات المحللة- فإن كانت علاقة أخرى غير التي شرعها الله
" فأنتَ معذبٌ بها"
حتى وأن وقع في قلبك ما وقع أما أن تظله وتتوجه بالحلال وأما أن تضمره وتبتعد عنه فإنه لن يجلب لك سوى العذاب..
والدليل عن رسول الله صل الله عليه وسلم قال
( لم ير للمتحابين مثل النكاح )
-صحيح ابن ماجه
اقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. أسباب صلح الحديبية
(ب) حين تكلم الله عن باقي علاقتك بالمؤمنين عامة وبوالديك خاصة
- عن المؤمنين {واخفض جناحك للمؤمنين}
- أمَّا والدايك فترتقي علاقتك بهما فترحمها كما ربياكَ صغير
"وتخفض لهما جناحَ الذلِ من الرحمة"
والذل هنا لا يعني من الإهانة ولكن يعني الارتقاء فكلما رحمتهما رحمك الله.
اقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. الإيمان بالله الأصل الأعظم من أصول الدين
لذا انظر معي كيف ذكر الله الحب فالقرآن..
كيف علمنا متى يكون الحبُ مودةً ورحمة، ومتى يكونُ ضلالًا وشقاءً! إن أفرطت فيه فأصبح شقائك، وأعلم أنك ما أفرطت يوما في إحاكمي شيء ألا عُدتَ فارغ الأيدي مخذول..
وإن فهمتَ معاني القرآن للحبِ الصحيح المُستحق ألا وما ارتقت نفسكَ في الدنيا والآخرة به.
فالحب الذي ينير لا يُظلم، ويسعدُ لا يشقى، ويفرحُ فلا يُبكي، سقى الله ظمأ أرواحكم حبًا حلال، وأبعدنا اللهم عن الضلالِ المبين.