12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

|شمس مصر|.. شيخ المجاهدين عمر المختار

2021/12/06 03:18 PM | المشاهدات: 1029


|شمس مصر|.. شيخ المجاهدين عمر المختار
آلاء محمد حنفي

° شيخ الشهداء، شيخ المجاهدين، المعروف بأسد الصحراء الذي ناضل من أجل حرية بلده واستقلالها الذي قاوم الإحتلال البريطاني حتى استشهد ودا اللي هنعرفه في المقال دا وهنتكلم عن نشأته، قتاله ضد الطليان، حرب العصابات، مرحله المفاوضات، وقوعه في الأسر، إعدام المختار .

° نشأة المختار°

وُلد عمر المختار في البطنان ببرقة في الجبل الأخضر عام "1862، وقيل عام 1858" كفله والده وأحسن تربيته تربية إسلامية مستمدة من تعاليم الحركة السنوسية القائمة على القرآن والسنة النبوية. توفي والد المختار أثناء ذهابه للقيام بفريضة الحج، وكان المختار كثير التعلق بوالده وتولى عم عمر رعايتهما محققاً رغبة والدهما، فأدخلهما مدرسة القرآن الكريم بالزاوية، ثم ألحق عمر المختار بالمعهد الجغبوبي لينضم إلى طلبة العلم من أبناء الإخوان والقبائل الأخرى.

 مكث عمر المختار في معهد الجغبوب ثمانية أعوام ينهل من العلوم الشرعية المتنوعة كالفقه والحديث والتفسير، ومن أشهر شيوخه الذين تتلمذ على أيديهم: السيد الزروالي المغربي، والسيد الجواني، والعلامة فالح بن محمد بن عبد الله الظاهري المدني، وغيرهم كثير، وشهدوا له بالنباهة ورجاحة العقل، ومتانة الخلق، وحب الدعوة، وكان يقوم بما عليه من واجبات عملية أسوة بزملائه الذين يؤدون أعمالاً مماثلة في ساعات معينة إلى جانب طلب العلم، وكان مخلصاً في عمله متفانياً في أداء ما عليه، ولم يعرف عنه زملاؤه أنه أجل عمل يومه إلى غده.

وهكذا اشتهر بالجدية والحزم والاستقامة والصبر، ولفتت شمائله أنظار أساتذته وزملائه وهو لم يزل يافعاً، وكان الأساتذة يبلغون الإمام محمد المهدي أخبار الطلبة وأخلاق كل واحد منهم، فأكبر الأخير في عمر المختار صفاته وما يتحلى به من أخلاق عالية.

 

إقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. الثائر الهندي المهاتما غاندي

 

°قتاله ضد الطليان°

أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية في بداية عام"1911" وأنزلت قواتها في بنغازي وكان عمر المختار في مدينة الكفرة في زيارة إلى السونوسين وأثناء عودته علم بنزول الطليان وعاد بسرعة إلى زاوية القصور لتجنيد أهلها من قبيلة العبيد لمقاومة الإيطاليين ونجح في تجنيد عدد كبير وأنشأ عمر معسكراً خاصاً به في منطقة الخروبة، ثم انطلق إلى الرجمة وأخيراً إلى بنينه جنوب مدينة بنغازي وأنضم إليه عدد كبير وأصبح المعسكر قاعدة لهم يخرجوا منه يغيروا على الإيطاليين ويعودوا إلى معسكرهم مرة أخرى. 

وكان عمر المختار متزعم الحركة وشهدت هذه الفترة أعنف مراحل الصراع ضد الطليان وقد تركزت غارات وهجمات عمر على منطقة درنة وكان عمر المختار أثناء قتاله مع الطليان كان يتنقل بين منطقة زاوية القصور وتكنس حتى وقوعهما في يد الطليان، وبعد رحيل محمد إدريس لمصر للعلاج عاد عمر المختار قائداً للمقاتلين في برقة، تابع عمر المختار دعوة أهالي الجبل الأخضر للقتال وتجييشهم ضد الطليان، وفتح باب التطوع للانضمام إلى الكفاح ضدهم، وأصبحت معه لجنة فيها أعيان من مختلف قبائل الجبل. واتبع أسلوب الغارات وحرب العصابات، فكان يصطحب معه 100 إلى 300 رجل في كل غارة ويهجم ثم ينسحب بسرعة، ولم يزد أبداً مجموع رجاله عن نحو 1,000 رجل، مسلحين ببنادق خفيفة عددها لا يتعدى 6,000، وقد شكل هذا بداية الحرب الضروس بين عمر المُختار والطليان، تلك الحرب التي استمرت 22 عاماً ولم تنته إلا بأسر المختار وإعدامه.

°حرب العصابات° 

وجد عمر المختار نفسه قد تحول من معلم للقرآن إلى مجاهد يقاتل في سبيل دينه وبلاده لدفع الاحتلال عنها وكان قد اكتسب خبرة كبيرة في أساليب وتكتيكات الحروب الصحراوية فقد كان عالماً بكل شيء في الصحراء وهذا ما ساعده على حرب الطليان فاستغل هذه المعرفة وتلك الخبرة ليحصل على الأفضلية دوماً عند مجابهته الجنود الإيطاليون غير العارفين بحروب الصحراء وغير المعتادين على قيظها وجفافها، أخذ المختار يقود رجاله في حملات سريعة على الكتائب العسكرية الإيطالية، فيضربوهم ضربات موجعة ثم ينسحبون بسرعة إلى قلب الصحراء، عمل المجاهدون الليبيون على مهاجمة الثكنات العسكرية الواقعة على أطراف الصحراء، وإيقاع الرتل وراء الرتل في كمين، وقطع طرق المواصلات والإمدادات على الجيش الإيطالي، وقد أصابت هذه الهجومات المسؤولين العسكريين الإيطاليين بالذهول .

 أقام شيخ وقائد الحركة السنوسية إدريس السنوسي صلحاً مع إيطاليا، وقد غضب عمر المختار وباقي شيوخ القبائل وقادة الحركة عند علمهم بذلك، فقدموا إليه وثيقة يبايعونه فيها زعيماً لهم، شريطة أن يكون ذلك للجهاد ضد الطليان فقط، لكن بعد رحيل إدريس ومع اندلاع الحرب مجدداً في المنطقة أصبحت مسؤولية القيادة كلها ملقاة على عاتق عمر المختار، فأصبح هو زعيم الحركة الجهادية في منطقة الجبل الأخضر، وبات يجمع المال والسلاح ويحرض القبائل ويترأس الغارات والهجمات ضد الطليان في برقة، وعندما ذهب المختار إلى مصر حاولت إيطاليا بواسطة عملائها بمصر الاتصال بعمر المختار وعرضت عليه بأنها سوف تقدم له مساعدة إذا ما تعهد بإتخاذ سكنه في مدينة بنغازي أو المرج، وملازمة بيته تحت رعاية وعطف إيطاليا، وأن حكومة روما مستعدة بأن تجعل من عمر المختار الشخصية الأولى في ليبيا كلها وتتلاشى أمامه جميع الشخصيات الكبيرة التي تتمتع بمكانتها عند إيطاليا في طرابلس الغرب وبنغازي. 

 

إقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. المومياء المقيدة بالحبال

 

وقد كرر الإيطاليون عرضهم على عمر المختار عدة مرات حتى بعد خروجه من مصر وعودته إلى برقة لكنه كان يرفض في كل مرة ويصر على الجهاد وقتال المحتل الأجنبي، كان المختار قد اتفق مع الأمير إدريس أثناء وجوده في مصر على تفاصيل الخطة التي يجب أن يتبعها المجاهدون في قتالهم الطليان على أساس تشكيل المعسكرات، واختيار القيادة الصالحة لهذه الأدوار، وأن تظل القيادة العليا من نصيب عمر المختار نفسه، وزوده الأمير بكتاب يتضمن هذا المعنى. 

°مرحله المفاوضات°

اجتمع عمر المختار مع مندوب الحكومة دودياشي في منزل علي العبيدي كما تم الاتفاق، وحضر الاجتماع عدد كبير من مشايخ البلاد وأعيانها، ثم أجلت المُفاوضة إلى الأسبوع التالي، وانعقد اجتماع آخر في سانية القبقب ولم يستطع المتفاوضون التوصل إلى نتيجة مريضة، عاد المختار واجتمع مع باريلا في الشليوني في الجبل الأخضر في يوم 6 أبريل ولم يصل المتفاوضون إلى نتيجة، وفي 20 أبريل عادت المباحثات في بئر المغارة بوادي القصور بحضور عدد من الأعيان والأكابر، وخلالها خير مفوض الحكومة الإيطالية عمر المختار بين ثلاثة أمور: °الذهاب إلى الحجاز، أو الذهاب إلى مصر، أو البقاء في برقة 

فإذا رضى بالبقاء في برقة أجرت عليه الحكومة مرتباً ضخماً وعاملته بكل احترام، ولكن المختار رفض هذه الشروط رفضاً قاطعاً وتمت العديد من المفاوضات غير تلك ولكن كان يرفضها المختار، ولكن تم عقد هدنة بين الطرفين، وبعد إنتهاء الفترة حدثت عدة معارك، وقد تكلفت الحكومة الإيطالية 20 مليون فرنك إيطالي حتى تمكنت من مد الأسلاك من حدود البحر المتوسط إلى ما بعد الجغبوب، لكنها بالمقابل، وكما ذكر غراتسياني في مذكراته، أدت النتيجة المرجوة، فحرمت الثوار من الإمدادات التي كانت تأتيهم من مصر عن طريق المهاجرين.

وفي "11 سبتمبر من عام 1931" توجه عمر المختار بصحبة عدد صغير من رفاقه، لزيارة ضريح الصحابي رويفع بن ثابت بمدينة البيضاء وكان أن شاهدتهم وحدة استطلاع إيطالية، وأبلغت حامية قرية السلنطة التي أبرقت إلى قيادة الجبل باللاسلكي، فحرّكت فصائل من الليبيين والإرتريين لمطاردتهم وإثر اشتباك في أحد الوديان قرب عين اللفو، جرح حصان عمر المختار فسقط إلى الأرض وتعرف عليه في الحال أحد الجنود المرتزقة الليبيين فيقول المجاهد التواتي عبد الجليل المنفي، الذي كان شاهداً على اللحظة التي أسر فيها عمر المختار من قبل الجيش الإيطالي جيء بعمر المختار إلى قاعة الجلسة مكبلاً بالحديد، وحوله الحرس من كل جانب، وأحضر أحد التراجمة الرسميين ليتولى الترجمة للمختار وللقضاة، فلما افتتحت الجلسة وبدأ استجواب المختار، بلغ التأثر بالترجمان، حتى جعله لا يستطيع إخفاء تأثره وظهر عليه الارتباك، فأمر رئيس المحكمة باستبعاده وإحضار ترجمان آخر فوقع الاختيار على أحد اليهود من بين الحاضرين في الجلسة، فقام بدور المترجم، وكان عمر المختار جريئاً صريحاً، يصحح للمحكمة بعض الوقائع، خصوصاً حادث الطيارين الإيطاليين أوبر وبياتي، الذين أسرهما المجاهدون قبل ذلك وبعد استجواب المختار ومناقشته، وقف المدعي العام بيدندو، فطلب الحكم على عمر المختار بالإعدام. 

°إعدام عمر المختار° 

في صباح اليوم التالي للمحاكمة، أي الأربعاء في "16 سبتمبر 1931"، اتخذت جميع التدابير اللازمة بمركز سلوق لتنفيذ الحكم بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشيا والطيران، وأحضر 20 ألف من الأهالي وجميع المعتقلين السياسيين خصيصاً من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم وأحضر المختار مكبل الأيادي وفي تمام الساعة التاسعة صباحاً سلم إلى الجلاد، وبمجرد وصوله إلى موقع المشنقة أخذت الطائرات تحلق في الفضاء فوق ساحة الإعدام على انخفاض، وبصوت مدوي لمنع الأهالي من الاستماع إلى عمر المختار إذا تحدث إليهم أو قال كلاماً يسمعونه، لكنه لم ينبس بكلمة، وسار إلى منصة الإعدام وهو ينطق الشهادتين، وقيل عن بعض الناس الذين كان على مقربة منه أنه كان يؤذن في صوت خافت آذان الصلاة عندما صعد إلى الحبل، والبعض قال أنه تمتم بالآية القرآنية: «يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً» وبعد دقائق كان قد علق على المشنقة وفارق الحياة.

سبق إعدام المختار أوامر شديدة الحزم بتعذيب وضرب كل من يبدي الحزن أو يظهر البكاء عند تنفيذ الحكم، فقد ضرب جربوع عبد الجليل ضرباً مبرحاً بسبب بكائه عند إعدام عمر المختار ولكن علت أصوات الاحتجاج ولم تكبحها سياط الطليان، فصرخت فاطمة داروها العبارية وندبت فجيعة الوطن عندما علا المختار مشنوقاً، ووصفها الطليان "بالمرأة التي كسرت جدار الصمت". 

 

إقرأ أيضًا/|شمس مصر|.. أحد السجناء في عصر لويس الرابع عشر

 

وفي نهاية مقالنا عن الرجل الشجاع الذي عاش كالأسد ومات كالأسد فخر الأمة العربية والإسلامية البطل الشهيد عمر المختار وأختم برثاء الشاعر احمد شوقي له بقوله: 

إفريقيا مهد الأسودِ ولحدها ضجَت عليك أراجِلا ونساء

والمسلمون على اختلاف ديارهم لا يملكون مع المصاب عزاء

والجاهلية من وراء قبورهم يبكون زيد الخيل والفلحاء

في ذمة الله الكريم وحفظه جسد ببرقة وسد الصحراء....