هل يمكن لصدفة واحدة ورؤية واحدة أن تغير نمط حياتك ثانية؟ أن تغير موازين قلبك وتصبح بمثابة آله زمن تعيدك إلى أيام ممزوجة بالمرارة والفرح والألم والاشتياق دفعة واحدة ؟ ما يجعلك تسأل نفسك هل كنت السبب؟ أنا من كنت في داخلي أنتظره ثانية، أنا بداخلي لم أستطع ولم أرد النسيان، أنا بداخلي لم أعط فرصة لنفسي ولم أرد أن أنساه، كنت ظننت إني تغيرت ... كنت ظننت إنني قد نسيت وإستمريت في حياتي.. ولكني كنت أكذب، كانت ذاكرتي كما يقولون تخونني .. أدركت أخيرا إني مازلت واقفة بمكاني من وقتها، مرت الأيام والسنين ومازلت لم أستطع النسيان، وكأن الزمن إتفق معه ولم يتغير منذ تلك اللحظة، ولم أكف عن التفكير ... وها أنا أخسر الرهان ثانية وآتي إلى المكان الذي كنا نجلس به، لم أكن أظن إني سأتي هنا ثانية، ولكن عندما رأيته اليوم صباحًا شعرت بأن تلك السنين وكأنها لم تكن، وكأن أمواج ذكرياتي قد هاجت ثانية حتي أصبحت تضرب بكل قوتها في صخر أيامي لتفتتها وتظهر أيامي الحزينة ثانية ... تماما كهذا البحر الهائج أمامي، صحيح نحن لا نموت عندما تنقضي أعمارنا فقط؛ نحن نموت عندما تتشابه أيامنا ولم يتغير بها إلا زيادة سنواتنا وأوزاننا فقط، عندما تدفن أحلامنا في صحراء حارقة لن تستطيع بها أن تنمو أبدا، وكأن أحلامك لم تزرع قط، وللعجب أنت مازلت واقفًا تنتظر حصادها .. ولكن لعدة ثوان رأيته ثانية قادمًا نحوي ومعه تلك الورود التي إعتاد أن يبتاعها لي، فوجدتني أبتسم، بل تتسع إبتساماتي لتحل تلك الغمازة أسفل وجنتي محل الدموع المتساقطة، وتهتف بداخلي الطبول وهو يقترب أكثر وأكثر، والتي سرعان ما تنقلب لجنازات ثانية بعدما أدركت إني كنت أتخيل هذا .. كما كنت اتخيل وجوده بجانبي طول تلك الفترة؛ ظنا مني إنني هكذا سأتجاوزه، ولكني عرفت اليوم إنني لم أنجح بهذا أبدا وأظنني لن أنجح به، سكت التفكير بداخلي مع زوال صورته التي أخذتها أمواج البحر المضطرب أمامي.
إقرأ أيضًا : اطمن
إقرأ أيضًا : جبر الخواطر
إقرأ أيضًا : إزاي تحقق حلمك