12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

عجباً لأمر المؤمن.

2021/08/11 08:21 AM | المشاهدات: 1211


عجباً لأمر المؤمن.
اسراء أشرف الطنطاوي

روى صهيب الرومي عن رسول الله أنّه قالﷺ: (عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له)، ويدل الحديث على فضل ومكانة خُلقيّ الصبر والشكر، وضرورة تحلّي المؤمن بهما في كل أوقاته، والمُراد بالمؤمن المذكور في الحديث هو المصدّق بقدر الله وقضائه، والراضي بما كتبه الله له، المنتظر لوعد الله وجزائه، فهذا المؤمن إن أنعم الله عليه بالسّراء شكر الله، وإن ابتلاه بالضراء صبر، وفي كلا الحالين فقد نال خيريّ الدنيا والآخرة، ويختصّ ذلك بالمؤمن فقط 

 

إقرأ أيضاً/فضل السعي في قضاء حوائج الناس

 

تنبيه:

يختص الصبر بالبلاء، ويختص الشكر بالنعمة، وقد تكون النعمة فتنة أشد من الضراء، وفي ذلك قال بعض السلف: (الإيمان نصفان: نصف صبر، ونصف شكر)، فهذا هو الدين كلّه، ويعدّ الصبر من نعم الله سبحانه على عباده، وقد أظهر رسول الله تعجبه من ذلك على وجه الاستحباب، أمّا المراد بالخير الذي يحصله المؤمن فهو عظيم الأجر والثواب، ومغفرة الله ورحمته، قالﷻ: (وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم).

 

إقرأ أيضاً/ السبع الموبقات

 

شرح التعريف:

معنى الشكر وفضله:-

يعترف الشّاكر لله بما أنعم عليه من النعم، وبما أسبغ عليه من الفضائل، ويتقرّب إلى الله بالشكر فيزيده من نعمه وأفضاله، قالﷻ: (وَسَيَجْزِي اللَّـهُ الشَّاكِرِينَ)، وقد وردت الكثير من الأحاديث النبوية التي تدلّ على ذلك، منها ما رواه جابر بن عبد الله عن رسول الله ﷺ: (من أُعطيَ عطاءً فوجدَ فليَجْزِ بهِ، فإنْ لَم يجدْ فليُثنِ، فإنَّ مَنْ أثنَى فقَد شكرَ، ومَنْ كتَمَ فقد كَفرَ)، والشكر كفيل لإصلاح الإنسان في قلبه ولسانه وجوارحه، وقد قرن الله الشكر بالذكر فقالﷻ: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)، وجعل الله الشكر أساس بقاء النعمة ودوامها.

 

إقرأ أيضاً/حصنك الحصين

 

يعدّ الشكر أعلى مراتب السائرين في سبيل الوصول إلى الله، وهو أرفع من الرّضا، ويقوم على خضوع العبد لخالقه، وحبه له، والاعتراف بنعمته، والثناء عليه بما هو أهله، واستخدامه للنعمة فيما يرضيه، وللشكر مجموعة من الفضائل، منها:-

ثناء اللهﷻ على الشاكرين، وجعل الشكر صفة من صفات عباد الله الذين اختصّهم به، قالﷻ: (إِنَّ إِبراهيمَ كانَ أُمَّةً قانِتًا لِلَّـهِ حَنيفًا وَلَم يَكُ مِنَ المُشرِكينَ شاكِرًا لِأَنعُمِهِ).

 

اعتبار الشكر الغاية من إنعام الله على عباده بالنعم العديدة، قالﷻ: (وَاللَّـهُ أَخرَجَكُم مِن بُطونِ أُمَّهاتِكُم لا تَعلَمونَ شَيئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمعَ وَالأَبصارَ وَالأَفئِدَةَ لَعَلَّكُم تَشكُرونَ).

 

الوعد بالجزاء العظيم الحسن لِمن يشكر الله، قالﷻ: (وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)، والزيادة في النعم، قالﷻ: (وَإِذ تَأَذَّنَ رَبُّكُم لَئِن شَكَرتُم لَأَزيدَنَّكُم وَلَئِن كَفَرتُم إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ). 

 

قبول الله للعمل مهما كان صغيراً وبسيطاً، وسمّى نفسه الشكور، قالﷻ: (وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّـهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)، وإلهام الله لعباده الصالحين بالتوجه بالشكر لله بمجرد رؤيتهم لنعمه، وذلك مثل ما ورد عن (سليمان عليه السّلام) في قولهﷻ: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ).

 

إقرأ أيضاً/جزاء الحق

 

معنى الصبر وفضله:-

يحرص المؤمن على الرضا بما أصابه من قدر الله والصبر عليه، ثمّ إنّ معرفة العبد أنّ ما أصابه إنّما هو من عند الله الذي لا يأتي إلّا بالخير، يُعينه على الصبر على ما أصابه، وأنّ ما جاء من الله ليس على وجه العذاب، وإنّما هو ابتلاء واختبار منه سبحانه؛ ليختبر به عباده، فمن صبر تفضّل عليه بحسن الجزاء وجزيل الثّواب.

 

وللصبر فضائل عديدة، منها:-

 أمْر الله تعالى به، فمن يحرص على التخلّق به فقد امتثل أمر الله العظيم، قالﷻ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ).

 

نهي الله عن خلافه، قالﷻ: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ)، وثناء الله على الصابرين، قالﷻ: (الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ).

 

محبّة الله للصابرين، قالﷻ: (وَاللَّـهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)، ومعيّة الله لهم، والوقوف معهم، وحفظهم، ونصرتهم، قالﷻ: (وَاصبِروا إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصّابِرينَ)، والصبر هو الخير للعباد، قالﷻ: (وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِلصّابِرينَ).

 

جزاء الله لهم بالجزاء العظيم، قالﷻ: (وَلَنَجزِيَنَّ الَّذينَ صَبَروا أَجرَهُم بِأَحسَنِ ما كانوا يَعمَلونَ)، ومن غير حساب، قالﷻ: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ).

 

بشارة الله لهم، قالﷻ: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)، ونصر الله وتأييده لهم، قالﷻ: (بَلَىٰ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ).

 

أهل الصبر هم أهل العزائم، قالﷻ: (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ).