12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

كيف تتخلص من الهموم.

2021/04/22 08:16 PM | المشاهدات: 775


كيف تتخلص من الهموم.
اسراء أشرف الطنطاوي

الهم والحزن فى حياة العبد:-

 لا بدّ أن يُصاب العبد في الحياة الدنيا بشيءٍ من الهمّ والحزن والضيق، حيث قال اللهﷻ: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ)، فالحياة الدنيا ليست مكاناً ومستقراً للسعادة والحياة الهانئة، فمهما نال العبد من المال أو الجاه في الحياة الدنيا إلّا أنه يبقى متعباً، فالدنيا ليست الحياة الكاملة المثاليّة، ففيها العديد من النقائص والأمور غير الكاملة، حيث قال الله ﷻ: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ)، ومع ذلك فإنّ الطمأنينة تحلّ في قلب العبد بقدر إيمانه وهدايته، فإن قوي الإيمان في قلب العبد واستقرّ واهتدى على الصراط المستقيم؛ اطمأن قلبه وسكن، وإن كان في الحقيقة مصاباً بالهموم والأحزان والشقاء والأكدار، حيث قال الله ﷻ: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فالإيمان يُزيح عن قلب العبد المؤمن الهموم والأحزان.

 

إقرأ أيضًا/أصحاب الكهف

 

تنبيه:

أدعية لإزاله الهم:-

قال ﷺ: (دعَواتُ المكرُوبِ: اللهُمَّ رحمتَكَ أرجُو، فلَا تكلْنِي إلى نفسِي طرْفَةَ عيْنٍ، وأصلِحْ لِي شأنِي كلَّهُ، لا إلهَ إلَّا أنتَ). قال ﷺ: (إذَا نَزَلَ بِكُمْ كَرْبٌ أوْ جَهَدٌ أوْ بلاءٌ فقولَوا: اللهُ اللهُ ربُنا، لا شريكَ لَهُ).

قال ﷺ: (اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والبُخْلِ، والجُبْنِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجالِ). قال ﷺ: (أنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كانَ يدعو ويقولُ عِنْدَ الكَرْبِ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأرْضِ وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ).

قال ﷺ: (ما أصابَ أحدًا قطُّ همٌّ ولا حَزنٌ فقال: "اللَّهمَّ إنِّي عَبدُك، وابنُ عبدِك، وابنُ أمتِك، ناصِيَتي بيدِكَ، ماضٍ فيَّ حكمُكَ، عدْلٌ فيَّ قضاؤكَ، أسألُكَ بكلِّ اسمٍ هوَ لكَ سمَّيتَ بهِ نفسَك، أو أنزلْتَه في كتابِكَ، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أو استأثرتَ بهِ في علمِ الغيبِ عندَك، أن تجعلَ القُرآنَ ربيعَ قلبي، ونورَ صَدري، وجَلاءَ حَزَني، وذَهابَ هَمِّي" إلَّا أذهبَ اللهُ عزَّ وجلَّ همَّهُ، وأبدلَه مكانَ حَزنِه فرحًا).

قال ﷺ: (إذا أصاب أحدَكم غمٌّ أو كَربٌ فليقُلِ: اللهُ، اللهُ ربِّي لا أُشرِكُ به شئ).

قال ﷺ: (دعوةُ ذي النُّونِ إذ دعا وهو في بطنِ الحوتِ لا إلهَ إلَّا أنتَ سبحانَك إنِّي كنتُ من الظالمينَ فإنَّه لم يدعُ بها رجلٌ مسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلَّا استجاب اللهُ له).

 

إقرأ أيضًا/إياكم والبدع

 

شرح التعريف:

علاج الهم:-

يجب على المسلم أن يحرص على أن يبقى قلبه عامراً بالإيمان واليقين، ومن الوسائل والطرق التي تُخرج العبد من الهمّ والحزن:-

 

إن صبر المسلم على ما يصيبه من الهموم والأحزان والأكدار؛ من الأسباب التي ينال بها الأجر العظيم والثواب الجزيل من الله تعالى، كما أنّ الهموم والمصائب التي تقع للعبد من الوسائل والطرق التي تكفّر بها ما يرتكبه من الذنوب والمعاصي، وتزيد من الحسنات والأجور، وقد كان السلف الصالح يفرحون بالبلاء الذي يصيبهم؛ لما يتوقّعونه من الأجر الذي يحصلون عليه جزاء صبرهم على المصائب والابتلاءات، حيث ورد عن أحدهم أنّه قال: (لولا المصائب لوردنا يوم القيامة مفاليس).

 

التوكّل على الله تعالى، حيث قال الله ﷻ: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)،فالله تعالى يكفي عبده من جميع الهموم، سواءً أكانت متعلّقةً بالحياة الدنيا أمّ بالحياة الآخرة، تلاوة آيات القرآن الكريم بتدبّرٍ وخشوعٍ، فقد جاء في قول الله ﷻ: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا).

 

الإيمان والعمل الصالح؛ حيث إنّ الله تعالى وعد عباده المؤمنين والعاملين صالحاً بالحياة الهانئة السعيدة، حيث قال الرسول ﷺ: (عجباً لأمرِ المؤمنِ؛ إنّ أمرَه كلَّه خيرٌ، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمنِ؛ إن أصابته سراءُ شكرَ، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراءُ صبر، فكان خيراً له العلم بأنّ الحياة الدنيا ليست خالدةً، وإنّما حياةٌ فانيةٌ، والنعم التي فيها لا تصفو لأيّ أحدٍ، حيث قال الله ﷻ: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)، فالمؤمن الحقيقيّ لا يلتفت إلى ما يقع به ويصيبه من الهموم والغموم؛ لأنّه يعلم أنّ الحياة الدنيا فانيةٌ لا تدوم.

 

 الحرص على جعل الحياة الآخرة هي الهمّ الوحيد الواجب على العبد السعي لأجله، فالهموم التي تحصل في الحياة الدنيا تشتّت النفس، وتكدّر صفوها، وإن سعى العبد إلى الآخرة هدأت نفسه واستقرّت واطمأنّت. 

 

الدعاء والإلحاح على الله تعالى بتفريج الهموم والكروب، وتنفيس الابتلاءات، حيث قال الله ﷻ: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، كما أنّ النبيّ ﷺ كان يستعيذ بالله عزّ وجلّ من الهمّ والحزن، ويجب أن يحرص العبد على أن يكون دعاؤه بحضور القلب، وإخلاص النيّة، وأن يسعى في تحصيل الأسباب الموجبة لاستجابة الدعاء.

 

إقرأ أيضًا/ليلة القدر

 

أصول السعادة:- 

 

الأصل الأول: عبادة الله تعالى وحده، وعدم الشرك به، مع الخضوع والذلّ والانكسار له، والاعتراف بأنّه مُلكٌ لله تعالى، وهو الذي يدبّر أموره، والمتصرّف بجميع شؤونه، فكلّ الخَلق مملكون لله تعالى، فلا مالك إلّا هو، ولا خالق إلّا هو، ولا مدبّر لأمورهم إلّا هو، وبناءً على ذلك فالواجب على العبد المسلم أن يخضع ويذّل وينكسر لله تعالى. 

 

الأصل الثاني: الإيمان بالقضاء والقدر، فما شاءه الله تعالى واقعٌ لا محالة، وما لم يشأه لن يقع، فلا معقّب لحكم الله تعالى، ولا رادّ لأمره وقضائه، حيث قال اللهﷻ: (مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)، فالله تعالى يحكم بالأمور التي يشاؤها ويريدها دون تعقيبٍ أو ردٍّ لما أمر به، فمهما فعل العبد من الأمور التي يظنّ أنّها تمنع وقوع أيّ أمرٍ من الأمور، إلّا أنّ ما حكم به الله تعالى وأراده لا يردّ ولا يعقّب عليه، والواجب على العبد أن يؤمن بما قدّره الله تعالى له.

 

الأصل الثالث: الإيمان بأسماء الله تعالى الحسنى، وصفاته العليا الواردة في القرآن الكريم، أو في السنّة النبويّة الشريفة، حيث قال اللهﷻ: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فمعرفة العبد بأسماء الله تعالى وصفاته العليا من الأسباب التي تزيد خشيته من الله تعالى، وخوفه منه، وترفع من إحساسه وشعوره بمراقبة الله تعالى له، والبعد عن الوقوع في المعاصي والذنوب.

 

 الأصل الرابع: العناية بالقرآن الكريم، وذلك بتلاوة آياته، وحفظها، وتدبّرها، وتطبيقها في الحياة العمليّة، فذلك من أعظم الأسباب التي تشرح الصدر، وتُزيل الهمّ، وتنفّس الكرب.