لقبه المؤرخون بـ«خائن بك»، فهو خاير بن ملباي المحمودي من المماليك الجراكسة، ولد في بلدة صمصوم ببلاد الكرج بجمهورية جورجيا حاليا، أحضرة والده إلى السلطان قايتباي وصار من مماليكه، وفي أيام السلطان قنصوه الغوري أصبح حاجب الحجاب (كبير الحجاب) ونال لقب أمير.
تولى منصب نائب السلطان في حلب واستمر فيه حتى قدوم العثمانيين إلى الشام ومصر سنة 1516.
كان لهذا الأمير دور مهم في مساعدة العثمانيين على غزو مصر وسقوط دولة المماليك، فعندما قام السلطان الغوري بملاقاة العثمانيين على تخوم الشام في مرج دابق، انسحب هذا القائد الخائن بقواته التي كانت تشغل الجبهة اليسرى في قوات المماليك بقيادة الغوري مما تسبب في انكسار هذا الجيش، بل وسقط السلطان الغوري نفسه صريعاً تحت سنابك الخيل، ولم يعثر لجثته على أثر بعد ذلك.
استمر خاير بك في هذا الدور بعد معركة مرج دابق، فقد عمل على بث روح الهزيمة ونشر بذور الفتنة بين قواد المماليك، مما تسبب في السقوط المروع لدولة المماليك نهائياً بعد موقعة الريدانية.
كان له دور في دفع السلطان سليم الأول إلى إعدام آخر سلاطين المماليك الأشرف طومانباي، بعد استيلاء سليم الأول على القاهرة سنة 1517، بل أنه دفع السلطان العثماني إلى إراقة الكثير من دماء المماليك، وهم بني قومه ولكنها الخيانة، وكانت المكافأة هي حكم مصر لمدة خمس سنوات وثلاثة أشهر، فكان بذلك أول من تقلد ولاية مصر تحت الراية العثمانية عام 1517.
اشتهر حكمه بسفك دماء المصريين، وكما ذكر ابن إياس أنه اخترع طريقة جديدة في القتل عن طريق إدخال الخازوق في الأضلاع وكان يسميها «شك الباذنجان»، وكرهه العامة واحتقروه فقد أتلف نقود الديار المصرية، وعزل القضاة الأربعة، وزادت كراهيته لرجال العلم والفقهاء، مما زاد من مساوئه، وكان سببا في خراب مصر.
مرض في آخر أيامه مرضا لم يعرف له علاج قط فكان يوزع المال ليدعوا له العامة بالشفاء حتى أصيب بالشلل ومات بعدها في عام 1521، ودفن الخائن في تربته التي بناها بباب الوزير.
يقول ابن زنبل الرمال على من يمر بقبره: "يمر عليها الباشات والصناجق والأغوات عند ذهابهم وإياهم، فلم يلتفت إليه منهم أحد، ولا يترحم عليه ولا يقرأ له الفاتحة، مع أنها تربة مليحة المنظر، ومع ذلك صد الله عنه قلوب الخلق لأنه كان سبباً في هلال ألوف مؤلفة من الجراكسة والأروام والعرب وغيرهم".. وكان موته عبرة لمن اعتبر.