12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

الملك الذي تزوج أمه

2021/02/23 07:51 PM | المشاهدات: 1603


الملك الذي تزوج أمه
وروف احمد

 

عندما ولد لايوس إبنه و الذي كان ملك مدينة طيبة "ثيفا" وقتها، ذهب لايوس ليستشير عرافة في معبد دلفي، حيث كان من عادة اليونانيين قديما أن يستشيروا العرافين في المعابد في أمور حياتهم، حيث اعتقدوا أن المعابد تحتوي علي اسرار العالم، و كشفت له العرافة سر خطير أن لايوس سيلد مولودا و سوف يقتله و يستولي علي عرشه، فغضب لايوس عندما سمع تلك النبوءة غضبا شديدا، و عزم علي قتل ابنه، و وضع في قدميه الأصفاد، و أمر زوجته جوكاستا بقتله، و لكن جوكاستا لم تقدر علي الاقدام بفعل ذلك، و أمرت أحد خدامها أن يقتل المولود، فأخذه الخادم و وضعه علي قمة جبل، و من ثّم يأتي راعي و يري الرضيع علي قمة الجبل (و في روايات أخري أن الخادم هو من اعطي الرضيع للراعي)، و يطلق الراعي إسم اوديب علي الرضيع، و الذي يعني باليونانية القديمة المصفد بالاغلال، أو ذو القدم المتورمة، و يعطي الراعي الرضيع للملك بيلوبس ملك مدينة إيليا، و الذي لم يقدر له الانجاب له هو و زوجته، و يقوم الملك بتربية اوديب، و مع الأيام يكبر اوديب، و يصبح شابا، و ذات يوم يخبره رجل مخمورا أمرا خطيرا، و هو أن بيلوبس و زوجته ليسا والديه الحقيقيين، و يفزع اوديب عند سماع ذلك، و يهرع إلي عرافة معبد دلفي، و يستشيرها في أمره، و تخبره أنه مقدر له أن يقظر والده و يتزوج امه، و تعرض عن الإجابة عن سؤاله الأصلي، و يقلق اوديب و يضطرب عند سماع ذلك، و يقرر ان يترك بلده و يذهب إلي طيبة لتجنب هذا القدر الشنيع، و لكن و هو في طريقه إلي طيبة، يحدث شجار بين مجموعة من الرجال علي من يحق له أن يمر بمركبته أولا، و كان هؤلاء الرجال هم شيخ و من حوله حاشيته، و في أثناء الشجار، يدفع أوديب الشيخ و يقع علي الأرض و من ثّم يقتله عن طريق الخطأ، و تمر السنين، و يصبح أوديب ملك طيبة، و لكن في زمن ما يصيب طيبة الطاعون و تكابد البلد المشقة، و يسود الفوضي و الدمار، و ينزعج اوديب من هذه الحالة انزعاجا شديدا، و يرسل صهره إلي عرافة معبد دلفي يستشيرها في أمر البلاد، و تخبره أن هذه لعنة غضب الآلهة، حيث تم قتل الملك من عدة سنوات علي يد رجل ما، و لم يتم القبض علي هذا الرجل حتي هذا الوقت.

عندما يسمع أوديب بذلك، يقترح عليه القوم أن يخضر عرافا آخر و يحضره أوديب و يخبره العراف أنه هو ذات المجرم الذي يبحث عنه.

بعد ذلك يسأل اوديب زوجته جوكاستا عن شكل الملك لايوس، و عندما استمع لها اضطرب و أصابه القلق حيث كان يوجد تشابه كبير بين وصفها للملك و الرجل الذي قتله عند مفترق الطرق.

بعدها أمر بإحضار الرجل الناجي الوحيد من شجار مفترق الطرق، و الذي يعمل راعيا الآن.

في تلك الاثناء يحكي أوديب لزوجته جوكاستا عن هذا الشجار الذي تعرض له و قتل فيه شيخا من حوله حاشيته، و أن مواصفات هذا الشيخ مطابقة لمواصفات الملك لايوس علي حسب ذكرها لها.

في نفس المشهد، يأتي رسول ما يحمل خبرا إلي أوديب، و قد كان قادما من البلد التي نشأ فيها أوديب و هرب منها فيما بعد، يخبره أن أباه قد مات، و كان يقصد بذلك الملك "بيلوبس" الذي رباه، و يظن حينها أوديب أن النبوءة خاطئة، فإذا كان أبوه مات فهو لن يقتله، و لكن يخبر الرسول أوديب فيما بعد بأنه ليس عليه أن يقلق، فإن بيلوبس و زوجته لم يكونا والديه الحقيقيين، بل هما من ربياه، و يتضح بعد ذلك أن ذلك الرسول هو نفسه الراعي الذي عثر علي أوديب رضيعا فوق قمة الجبل، و هو الذي أعطاه للملك الذي لم ينجب ليربيه، و أن من وضع أوديب علي قمة الجبل هو راعي آخر من أسرة لايوس، و أن هذا الراعي هو أيضا الناجي الوحيد من شجار مفترق الطرق الذي قتل فيه لايوس علي يد أوديب.

في تلك الاثناء تدرك جوكاستا الحقيقة الشنيعة، و أنها قد تزوجت أبنها، و أن ابنها هو من قتل زوجها، و تترجاه أن يتوقف عن طرح الأسئلة و محاولة اكتشاف الحقيقة.

و عندما يعلم أوديب الحقيقة، يلعن نفسه، و يلعن القدر الذي أوصله إلي تلك الحياة الملعونه.

و جوكاستا تنهي حياتها، لتخلص نفسها من تلك اللعنة التي حلت عليها و علي أسرتها، و تلك الحياة البشعة، يراها أوديب معلقة من عنقها بالحبل، يتدلي جسمها في مشهد شديد الفظاعة، فيهرع يفك الحبل عنها، و هو منهار يبكي، و يأخذ المشابك الذهبية من شعرها يدفعهم إلي عينيه و هو يصيح في حالة من اليأس و يتحدث إلي عينيه قائلا:

"ستظلان في الظلمة، فلا تريان من كان يجب ألا ترياه، و لا تعرفان من لا أريد أن اعرف بعد اليوم، حتي لا تري الشمس المقدسة إنسانا فعل أكثر الجرائم بشاعة.."

يخرج أوديب من القصر متوسلا أن يتم نفيه بعيدا حتي لا يراه أحدا بعد اليوم، طالبا من صهره أن يعتني بابنتيه/ شقيقتيه، آسفا أنهما ولدتا في تلك الأسرة الملعونة، و أن يتم دفن زوجته/ والدته، في قبر مناسب، و يعيش أوديب طريدا بين الأرض و السماء، ملعونا من الآلهة و من نفسه...