كانت مِصر غنية بالأسماك التي تعيش في مياهها .. حيثُ كانت الأسماك من أهم مصادر الثروة المائية مُنذُ العصر الحجري الحديث .. عندما استوطنَ المِصريون القدماء بالقُرب من مياه النيل الذي كان يمُدهم بالكثير منها وخاصةً في فَصل الفيضان .
اقرأ أيضاً سليمان خاطر
يستهلك المِصريون كثيراً مِن أنواعِها المُختلِفة .. كما هو واضح مِن نقوش المَقابر وما ذَكره المؤرخون .
كانت الأسماك من الأطعمة الشهية عند المُترفين من الناس ، بل كانت جزءاً مِن الطعام الرئِيسى للعامة ..
وما يُلفت النَّظر أن مُعظم «قوائم الطعام» المِصرية القديمة .. كانت تخلو مِن السمك ولم يظهر علي موائِد القُربان إلا نادراً .. ومِن الغريب أن أحد المِلوك كان يقف بعيداً عن النَّاس الذين يأكلون السمك ..
ونَري على جُدران مَعبد الدير البَحري بطيبة رسوم الأسماك النيلية بطريقة تَفيضُ بالحياة إلي درجة تُثير الدهشة ومن هذه الأسماك ما يُمكن تمييزه بسهولة مِثل : ( البياض).
وقد ظهرت الأسماك في كثير مِن المَناظر من العَصر الإغريقى الرومانى .. ويُلاحظ أن تصوير السمك في الفنَّ القِبطى .. يُعد امتِداد لمَناظر الصيد في مِصر القديمة .. إذ أن هُناك تشابهاً كبيراً بينهما ، فنرى السمك في الماء والقارِب و الصياد مُنهمكاً في الصيد .
اقرأ أيضاً الرياضة عند المصريين القدماء
** تقديس الأسماك**
كان بعض المِصريين يُقدِسون الأسماك ويعتقِدون أنها روح طَيبة مِن أرواح الماء .. بينما يعدُها البعض الآخر غير طاهرة .
ومما تجدر مُلاحظتُه أن المِصريين كانوا لا يأكلون أي نوع من الأسماء في مُقاطعة «البهسنا» وغيرها من المُقاطعات التي تحت حِمايتها ..
وكان الكهنة مُحرماً عليهم أكل السمك .. ويَعتبِرون لحمه نجساً ويُحرمونه أمام أبواب منازلهم في اليوم التاسع من الشهر الأول من السنة ( توت) - وهي السنة الزراعية القديمة المعروفة بالسنة القبطية - علي حين أن كل مِصرى كان يتحتم عليه - طِبقاً للعقيدة الدينية - أن يأكُل سمكاً مَشوياً أمام باب مَنزله ..
وقد ذَكر ( هيرودوت ) أن العُمَّال كان يُوزَع عليهم كمية مِن السمك .. يَبلُغ وزنها نحو 91 جم ..
وفي (متون الأهرام) كان القوم يتجنبون نَقش العلامات التي تُمثل السمك .
وقد جاء في فصل التعاويذ السِحرية من (كتاب الموتيٰ) أنه لا يحق أن يتلوه إلا رجل طاهر لم يكن قد أكل لحماً أو سمكاً ..
كما جاء في بردية «سالييه» أو نتيجة الأسرات أن أكل السمك كان مُحرماً في بعض أيام خاصة مِن السنة .. ولعلهم أرادوا بذلك إفساح المجال ليتكاثر السمك في النيل .. حيثُ تَقِل الأسماك في وقت إنخفاض الماء ..
وقد ورد في أحد المِتون نص يقول : « لا تأكُل السمك في هذا اليوم ن إذ فيه الكفرة الكفرة يصيرون سمكاً في الماء » .
وذلك في يوم 22 توت و 28 كيهك و 25 برموده وفي 29 كيهك .. يُنصح بطرد العامة الذين أكلوا سمكاً ( من المعابد).
ومِما هو جدير بالذِكر أن مَنع السمك - الذي حرَّمه الناس من أحد الأطعمة الرئيسية .. لم يكُن عاماً يتحتم علي الجميع إتباعه ، وأغلب الظن أنه يُشبه إلي حد كبير ما هو مُتبع عِند المَسحيين الشرقيين في الوقت الحاضر .. عندما يحرمون أكل السمك في بعض الأعياد الدينية لأنهم يعدونه نوعاً من أنواع اللحوم بينما يسمحون بأكله في الأعياد الأخرى .
اقرأ أيضاً نصوص التوابيت
ملحوظة : انتظروا الجزء الثاني من الأسماك في مصر القديمة في مقال آخر .