12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

الجار قبل الدار .

2020/12/06 12:18 PM | المشاهدات: 675


الجار قبل الدار .
عبير عبد اللطيف

منذ صغري كنت أسمع دائمًا من والدي مقولة اختار الجار قبل الدار فعندما تريد التنقل من مكان لآخر فلا تبحث عن مواصفات هذا المكان ولا ثمنه ولكن أبحث عن الجار الذي سوف يجورك فإذا كانوا أشخاصا صالحين ذو خلق فلا تترد من اقتناص الفرصة أما إذا كانوا فاسدين فلا تسكن بجورهم حتى إن لم يكلفك السكن شيء ولو كان ببلاش كما يقولون .

 

إقرأ أيضاً/ضحايا التنمر

 

كان الجيران من قديم الأذل كالأخوة في ترابطهم ومودتهم وحبهم لبعضهم، كانوا مع بعض دائمًا في الأحزان قبل الأفراح وفي المرض قبل الشدة فعندما يكون عند أحد الجيران فرح أو خطوبة فجميع الجيران موجودة النساء تساعد في تجهيز الطعام و الحلو للضيافة بل تجلب معهن الأطباق والكأسات اللازمة في كثير من الأحيان والرجال تعمل على تجهيز مكان الاستقبال والترحيب بالضيوف وكأنهم عائلة واحدة، وإذا كان هناك عزاء فتخرج الصواني المليئة بالأطعمة المختلفة من بيوت الجيران إلى بيت المتوفي لعائلته وأيضا للذين يقومون بواجب العزاء وليس ليوم واحد بل لثلاثة أيام التي يقام فيها العزاء، وعندما يكون هناك مريض يكون الجميع حوله يسهرون على راحته، كانوا عندما يقع فرد منهم في مشكلة ويستغيث يلبوا جميعًا الاستغاثة في الحال ويقفون بجوار بعض في الأزمات، كان هناك أحترام للكبير فالجميع يسمع كلامه ويستشريه فهو أباهم جميعًا لا فرق بينهم، كان هناك أمان في الشوارع فلا يجد شاب ينظر نظرة سيئة لبنت الجيران بل كانت كأخته يحافظ عليها ويحترمها بل ويحرسها في الكثير من الأحيان إذا رأها تخرج في وقت متأخر من الليل لقضاء شيئ كان يذهب وراها لحمايتها أو يقضي هذا الشيء بدلاً منها ويمنعها من الخروج، من منا لا يذكر ذلك الطبق في رمضان والذي يدور بين الجيران بالأطعمة والحلويات المختلفة حتى لا تستطيع تحديد من هو صاحب ذلك الطبق، كانت هناك دائمًا مقولة الجيران لبعضيها فلا يوجد حقد ولا حسد ولا مؤامرات ولا يوجد بينهم أسئلة مثل لماذا هو يملك وأنا لا ؟، ولا لماذا خطبت بنت الجيران وأبنتي لا ؟، كانوا يشعرون بالفرح لبعضهم من أعماق قلوبهم وليس بتلك الأبتسامة الصفراء التي لا قيمة لها حيث تداري وراءها كم هائل من الحقد والغل والحسد .

 

إقرأ أيضاً/ عند التلاتين

 

 

ولكن وللأسف الشديد أصبح الجيران في وقتنا الحالي لا يقفون بجوار بعضهم بل أصبح البعض منهم مصدر خطر على الأخرين، فالجار الذي كان على أستعداد أن يضحي بحياته لينقذ جاره من الأذى أصبح يردد إذا كان الخطر والأذى بعيدًا عنا فلا يوجد هناك داعي لتدخلي حتى لو قُتل جاره أمامه يأخذ دور المشاهد بل يردد لا أرى لا أسمع لا أتكلم، أصبح الجيران عبارة عن شقق مترصة جوار بعضهم لا يسألون على بعضهم ولقد سمعنا أن هناك الكثير من الأشخاص الذي يعيشون بمفردهم يتوفهم الله ولا يعلم أحد بوفاتهم الا بعد فترة فلا أحد يسأل عنهم ولقد قرأت منذ فترة أن هناك سيدة توفت في شقتها ولم يكتشوفوا الوفاة الا بعض ثلاثة أشهر فلا جيران ولا أبناء فكروا أين أختفت هذا السيدة طوال هذه المدة وكأننا أصبحنا بلا شعور وأحساس، وأصبح أبن الجيران الذي كان مصدر حماية مصدر قلق وتحرش لفظي، أصبح هناك غل وحسد وحقد بينهم فكل واحد منهم غير راضي عن حاله وينظر إلى جاره في رزقه وحياته وكأنه ملك الدنيا وما فيها فكم مرة سمعنا أنه هناك جار خطف بنت جاره لطلب فدية أو للحصول على قطعة ذهبية كانت معها أو للأعتداء عليها وفي جميع الأسباب تتنتهي بقتلها، كنا زمان لا نسمع أن هناك جار تحدث عنه جار بسوء ولكن وللأسف في زماننا أصبحت سيرة الجيران بين بعضهم مثل برنامج حدث في هذا الصباح فالجميع يتحدث والجميع يحقد والجميع يسيء ولو بالباطل إلا من رحما ربي .

 

إقرأ أيضاً/ يحكى لى جدى

 

 

أخيرًا أني لا أعلم سبب هذا الأختلاف بين الماضي والحاضر قد يكون سببه البعد عن الدين أو الفساد الأخلاقي والعادات السيئة التي يتعلمها الأفراد من المسلسلات والأفلام ولكن ما أعلمه جيدًا أن زمان كان أفضل بجميع المشاعر التي كانت منتشرة فيه وكأن لايوجد هذا الكم من الجرائم والحسد والحقد المنتشر حاليًا فارجعوا إلى ديننا و وصايا رسولنا الكريم فأصلحوا علاقاتكم مع جيرانكم تصلح حياتكم واختاروا الجار قبل الدار .