كم أغضبتني هذه الكلمة وأنا أناقش أحد زملائي فأنهاه عن منكر ما، فيسوّغه لنفسه مستدلا بهذه الكلمة التي لا مستند لها من النقل أو العقل أو العرف ...
إن معظم الشباب يقولون هذه الكلمة وفي رؤوسهم أنها دليل شرعي، ومسوغ لما يفعلون من ذنوب.
وهذا ما يخالف القرآن والسنة والعقل والعرف والواقع ...وكل الاعتبارات
أما القرآن فقال:
"...وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا"
في آيات كثيرة جدا تدل على أن المرء محاسب عن كل ما اقترفت يداه وجنته نفسه عليه، والصغيرة قبل الكبيرة كما في الآيات...
اقرأ أيضا: أعمال تنفعك في حياتك وبعد مماتك
وأما السنة، ففي صحيح مسلم من حديث حنظلة بن حزيم الحنفي قال، فقال رسول اللّٰه ﷺ "وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ إنْ لو تَدُومُونَ علَى ما تَكُونُونَ عِندِي، وفي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ المَلَائِكَةُ علَى فُرُشِكُمْ وفي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ثَلَاثَ مَرَّاتٍ"
هذا الحديث ليس فيه أن ساعة لقلبك أبدا، بل يقصدﷺ بساعة وساعة؛ ساعة للذكر والقيام والعلم، وساعة للأهل والزوجة والأولاد...
وأما العقل فيقول: لا يكون الشيء أبدا محرما لذاته في وقت محللا لذاته في وقت آخر، بل ما يحرم هذه الساعة يحرم في كل الساعات، والمجرم يعاقب على إجرامه في أي ساعة كانت، وحتى القانون يعاقب، ولو كان الأمر كذلك ما عوقب مجرم قط، ولقال كل مجرم: كان هذا الجرم في الساعة التي كانت لقلبي، وبهذا لا ينتصف لمظلوم من ظالم أبدا، فيعم الفساد وتنتشر الفوضى وتُضيّع الحقوق، ولا حول ولا قوة إلا باللّٰه.
اقرأ أيضا: سلسلة 🔗 أمهات المؤمنين رضي الله عنهم
وأما العرف: فلا يرضى أن يجد من يفسد في الأرض ثم يقول: دعه هذه الساعة؛ فإنها ساعة قلبه، ودعه حتى تأتي ساعة ربه فنحاسبه فيها.
ثم إن هذا أيضا مخالف للواقع، لأن الواقع إذا اخذنا بما في لسان أولئك الشباب فهذا يعني أنهم يقسمون يومهم نصفين، نصف لعبادة ربهم، ونصف لما تهوى أنفسهم، وهذا لا يحدث أبدا...
بل هذه الساعة التي تكون للّٰه شبه منعدمة إذا بحثنا عنها، لا تأتي أبدا إلا كبيضة الديك!
ثم، أما يخشى أن يكون ذلك شركا، كأن تعبد اللّٰه ساعة، وتعبد هواك ساعة!؟
قد يبدو اللفظ ثقيلا، ولكن، هذه هي الحقيقة، وبعض الناس يعبد هواه، يتخذه إلها من دون اللّٰه.
قال تعالى:
"أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ"
فهناك من الناس من يعبدون أهواءهم ويتخذونها آلهة، فاحذر أخي المسلم -مهما كنت- أن تكون منهم، ولتتق اللّٰه ربك، ولتسر على صراطه المستقيم أبدا، وإياك والمعصية فإنها شؤم عليك وعلى ذريتك ومجتمعك، وخف من اللّٰه إن عصيته، ولا تأمن عقابه فتخسر وتندم، وأسأل اللّٰه أن يهديني وإياك، والحمدللّٰه رب العالمين.