يعتبر المحراب من أهم العناصر المعمارية بالمسجد ، وهو جوفة لصلاة الإمام نصف دائرية أو مثمنة تتوسط جدار القبلة ، وتتسع لصلاة الإمام إذ هو يركز اتجاه القبلة ، ويذكر بعض المؤرخين أن أول محراب في مساجد الإسلام كان حنية في حائط القبلة بمسجد المدينة أقامه عمر بن عبدالعزيز والي المدينة في عهد الوليد بن عبدالملك ، أما المحراب الثاني الذي اتخذ شكل حنية في جدار القبلة بجامع عمرو بن العاص فقد أقيم في زيارة قرة بن شريك والي مصر عام 94-92هجرية / 710-712ميلادية في عهد الخليفة الوليد بن عبدالملك بالجامع المذكور .
وفي العصر الفاطمي صنعت بمصر محاريب خشبية متنقلة من أمثلتها محراب الخليفة الآمر بأحكام الله بالجامع الأزهر ، وكذلك المحراب الخشبي بمشهد السيدة نفيسة ، وإن كان بجامع القيروان محراب أقدم من هذين المحرابين.
وكذلك وجدت محاريب جصية يرجع تاريخها إلى العصر الفاطمي ، واستخدم الرخام الملون في بعض الأحيان في تكسية المحاريب، كما استعملت أيضًا الفسيفساء الرخامية في عمل زخارف هندسية ونباتية بديعة داخل جوفة المحراب ، وعلى الحائط وجهة وباطن القبة التي تتقدمه هو جامع قرطبة .
وقد تعددت المحاريب في بعض المساجد بجدار القبلة ، ولعل السبب في هذا يرجع إلى تخصيص محراب لكل مذهب سائد حيث أنه من المعرف أن تقى الدين بن مراجل ناظر المسجد الأموي بدمشق قام بعمل محرابين جانبين في عام 728هجرية /1328ميلادية لكل من المذهبين الحنفي والحنبلي ، وربما يرجع السبب في إقامة محرابين ثانويين إلى يمين المحراب ويساره إلى إحداث تأثير جمالي عن طريق تطبيق فكرة التوازن .