12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

يوليوس قيصر

2020/10/08 12:36 PM | المشاهدات: 1100


يوليوس قيصر
رباب رزق

نشأ يوليوس قيصر في أسرة نبيلة من الطبقة العليا في المجتمع الروماني يمتلكون الشرف و السلطة و الجاه و يُذكر أنه ولد عام ١٠٠ ق.م و قد تعلم يوليوس في دولة اليونان حيث أنها في ذلك الوقت كانت بؤرة العلم و مصدره و كانت العائلات الغنية تبعث أبناءهم إليها للدراسة و من ثم العمل و الترقي فيه شيئا فشئ .

عُرف يوليوس بحبه الشديد للتعلم و العلم و الخطابة و علوم الطبيعة مما ترتب عليه أنه أصبح شخصية مُصقلة بالعلم دونًا عن رفاقه في هذة المرحلة و صار يوليوس شابًا ليس مثل باقي الشباب و لكن منذ صغره و ظهرت عليه مظاهر العبقرية و الذكاء الشديد و قد كان يُنعت بالجُود و الكرم و القوة و الإقدام و قد كان يأخذ المشاكل التي تحدث علي محمل الجد و يتعامل بكل رزانة و إتزان علي عكس رفاقه الذين لم يكونوا علي دراية بما يحدث حولهم .

كان يوليوس متمكن من إنشاء علاقات إجتماعية كثيرة و مختلفة مع أهم رجال روما و من ثم حظي علي حب كبير من أهل روما و كانوا يأملون بأن يكون قائد روما يومًا ما .

• حياته السياسية

روما تُعرف تاريخيًا أنها شهدت ثلاثة أنواع من الحكم ، النظام الملكي ثم الجمهوري و أخيرا الإمبراطوري .

بدأ الحكم الملكي ٧٥٠ ق.م و إنتهي في عام ٥٠٩ ق.م بعدما قامت ثورة أسقطت الحكم الملكي و أقامت الحكم الجمهوري حيث تم العمل به من ٥٠٩ ق.م حتي ٣١ ق.م .

مما سبق نستنتج أن يوليوس قيصر نشأ أثناء الحكم الجمهوري و بدأ نشاطه السياسي تزامنًا مع فترة ضعف و إضمحلال النظام الملكي فما العوامل التي ساهمت في تفكك الحكم الجمهوري و ساهمت أيضًا في ظهور شخصية يوليوس قيصر ؟

حينما نشبت الثورة عام ٧٥٠ ق.م لإسقاط النظام الملكي في روما كانت الغاية إقامة العدل الإجتماعي و المساواة في الحقوق و لذلك تم إقامة الحكم الجمهوري و لكنه عجز عن بلوغ تلك الغاية التي طالما سعي الشعب الروماني لتحقيقها و مع دوام الحروب دون إنقطاع أثناء الحكم الجمهوري و صارت مكانة الأشراف أكبر و خاصة العسكرية و السياسية فطبقًا لسيكولوچيتهم المعهودة لم تتقاضي كل القادة العسكرين و كل المناصب مقابل نظير عملهم بل في معظم الأوقات يبذلون من نقودهم الخاصة مما ترتب عليه إقتصار أهم الوظائف علي طبقة الأغنية الأشراف و لم يتنازع معهم الفقراء فيها و هكذا حدثت خصومة بين الفقراء و الأثرياء .

رغمًا من توسعات روما و أنها صارت المدينة التي تهيمن علي صقلية و مقدونيا و إيطاليا و اليونان في القرن الثاني قبل الميلاد ولا يمنع ذلك التوسع من حقيقة تفتت روما داخليًا و ذلك بسبب الخلافات و التنافس و الخصومة بين عامة الشعب و الأثرياء و قد وصلت هذة الخصومة لقمتها في حوالي ٨٠ سنة من حكم سولا و الذي تولي قيادة حزن السناتو و قرر إستخدام القوة للقضاء علي الشعب حينما علم بأن الشعب ينافسه علي الحكم و قام بإعداد جيش عظيم و غزا به مدينة روما حتي يثير الرعب في نفوس أعداءه .

من قلب هذة الأحداث برز يوليوس قيصر السياسي و كان يصاحبه شخص سياسي تربطهم صلة وثيقة و هو قائد روماني يدعي بومبي ، و كان متعاطفًا للغاية مع سولا ضد عامة الشعب علي عكس رفيقه يوليوس قيصر و الذي كان متحدًا مع الحزب الذي أنشاءه عامة الشعب و في عام ٧٩ ق.م استطاع بومبي أن يصل إلي منصب قنصل و تمكن من إحراز مكاسب عسكرية هائلة في شرق البحر المتوسط و لكنه أخطئ حينما قام بفتح سوريا و إعتبارها من ضمن الولاية الرومانية دون سماح السناتو له بذلك و بناءًا عليه لم تقر السناتو بإنتصاراته في سوريا و ما كان عليه إلا أن يلجأ ليوليوس قيصر حتي يتحدوا سويًا أمام السناتو .

لقد تم الإتفاق بين يوليوس قيصر و بومبي في ظروف مهيئة لذلك جدًا حيث أنه بعدما عاد من الحرب عام ٦٠ ق.م و نجح في فتح إسبانيا قابلت السناتو نجاح قيصر بأن كلفه بمنصب الإشراف علي  المراعي و الغابات و هو منصب بسيط غير مناسب لأعمال و عقلية يوليوس قصير و قد كان هذا القرار بمنزلة شن الحرب علي يوليوس قيصر .

و بذلك تم الإتفاق بين أقوي شخصين في مدينة روما و هما يوليوس قيصر و بومبي و قد كان قيصر يوصف بأنه عنيد ولا يهدأ إلا بعد الرد علي هجمة خصمه و أخذ حقه .

و كان يوليوس قيصر واعي بأن الفرص المتاحة للقضاء علي السناتو قليلة فقد كان الإتفاق بين يوليوس قيصر و بومبي مبني علي مساعدة قيصر لبومبي للإقرار بمجهوداته في الشرق و أن يهب الأرض لجنوده و لكن لن يتم ذلك إلا عندما يصل قيصر لمنصب قنصل ، و لكن كان ينقصهم شخص آخر يعينهم بالأموال فما كان علي قيصر إلا أنه قام بالإستعانة بكراسوس و هو صديق قديم له ، فقبل كراسوس الإتفاق و أُطلق علي هذا الإتفاق ( الإتفاق الثُلاثي ) و بالفعل أصبح يوليوس قيصر يشغل منصب القنصل و ذلك بعد حدوث إنتخابات و قد وفي بوعده حيث أعطي كراسوس مجموعة من الإعفاءات و التسهيلات الإقتصادية و أعطي الأراضي لبومبي و أقرر بفتوحات بومبي في الشرق ثم تجنب أعداءه و منافسيه بأن قام بنفيهم ورمن ثم فرغ و خصص وقته للقيام بإصلاحات تشريعية و إدارية .

قام يوليوس قيصر بإعداد جيش خاص له و كان هذا الجيش عنوان النجاح الذي حقق يوليوس قيصر من خلاله تفوق عسكري هائل جعله في أذهاننا حتي الآن .

في بادئ الأمر ذهب يوليوس قيصر لبلاد الغالة ( فرنسا القديمة ) حتي يجعلها تحت سيطرة روما و قبل أن يرحل عن المدينة وعد شعبه بأن يبعث لهم كتابات عما يحدث في فرنسا و هذة الكتابات صارت مشهورة فيما بعد باسم ( مذكرات قيصر عن الحروب الغالية ) و قد نالت هذة المذكرات إعجاب و إنبهار شعب روما و يرجع ذلك لإتقان يوليوس قيصر الكتابة .

عندما وصل يوليوس قيصر بلاد الغالة بدأ بفحص المكان و بدأ يدرس البلاد و أهلها تفصيلًا و من ثم أعلن عليهم الحرب بمجموعة هجمات متفرقة لاقت أغلبها نجاح كبير و بعد كل هجمة كان يبعث لأهل روما كتابات تنقل صورة حسية لما حدث و كانت تجعل الرومان في كل مرة يشعرون بالمجد الذي يجعله قيصر مقترنًا بالاسم الروماني .

و بالرغم من النتائج الإيجابية لهذة المذكرات علي الشعب فكان علي النقيض جانب سلبي و هو إثارة الغيرة في نفوس كراسوس و بومبي بسبب أعماله العظيمة التي لم ينالوا منها سوي قراءتها  كباقي الشعب ، و نتيجة ذلك أن أخذ بومبي  يفعل لمصلحته دون كراسوس و قيصر .

عاد قيصر لروما حتي يحتوي الأمر و قد فلح في ذلك عندما عقد مؤتمر لوكا في إيطاليا سنة ٥٦ ق.م و من ثم يعيين بومبي و كراسوس كقنصليين سنة ٥٥ ق.م و أن يعود قيصر لبلاد الغالة ليقضي هناك خمسة أعوام و قد تم و نجح قيصر في وضع الكثير من الأراضي الإنجليزي تحت هيمنة روما و بذلك نجح في تثبيت حكمه .

شرع يوليوس في تحقيق عدة إنتصارات متتالية جعلت المؤرخين يتسألون عن سبب كثرة إنتصاراته و هناك من قال أن السبب قدرته العسكرية و عبقريته و حُسن تفكيره و قدرته علي وضع الخطط و إيضًا استخدامه الشفرات العسكرية ، و تِبعًا لبعض المؤرخين فقد قال أن يوليوس قيصر كان يستخدم شفرة معقدة أساسها مسح ٣ حروف من الرسالة و قد كانت هذة الشفرة آمنة لحد كبير و ناجحة جدًا و الدليل علي ذلك أن منافسيه شديدي العداء له كانوا يجهلون القراءة و الكتابة ، فلم يكونوا علي دراية بما يحدث أو يفكر به قيصر .

لم يلبس علي مرور الإتفاق سنة و مات كراسوس سنة ٥٤ ق.م و روما صارت في يد بومبي و من هنا بدأ الصراع حيث أن بومبي كان يرغب في نقض إتفاقه مع يوليوس و الإنفراد بروما وحده .

بدأ الصراع و الخلاف يشتد يومًا بعد يوم خاصة بعد تأييد حزب السناتو و قد كان يدعم قيصر الشعبيين ، مما ترتب علي نشوب حرب أهليه في روما سنة ٤٩ ق.م .

أعد قيصر جيشه و جهزه بكل المعدات العسكرية اللازمة حتي يجتاز هذة هذة الأزمة العصيبة و يحص علي روما مرة أخري .

تحرك قيصر و جيشه لروما و وصل بسرعة فائقة أبهرت من كان يجول في نفوسهم التردد لإنضمامهم للعدو و أنضموا لقيصر و فاز قيصر في الحرب ، و فاز في إنتخابات القنصلية التي جرت سنة ٤٦ ق.م أيضًا ، و شرع في التخلص من كل فرد كان قد أنضم لجيش بومبي حتي لا يفكرون  في تكرار هذة الحرب مرة ثانية .

فلقد قابل يوليوس قيصر برفقه جيشه جيش بومبي عند فارسالوس و تم الإشتباك بينهم ، و تمكن يوليوس من الإنتصار فهرب بومبي إلي مصر ، فذهب وراءه و عندما وصل علم بمقتل بومبي عن طريق الغدر و هو في طريقه لمصر هاربًا .

زيارة يوليوس لمصر لم تكن سريعة بل تم فيها الكثير من الأحداث الذي لا يزال التاريخ يذكرها .

جاء يوليوس قيصر مصر في ١٢ أكتوبر ٤٨ ق.م ، قام رجال القصر الملكي في الأسكندرية بإحضار رأس بومبي ظنًا منهم أنه سيسعد و يميزهم عن دونه و لكنه بكي و نزل في شوارع الأسكندرية عاصمة مصر وقت حكم البطالمة .

عرف بالخلاف بين كليوباترا السابعة و أخيها بطليموس الثالث عشر و رجال القصر ، فقد كانوا يتنافسون علي الحكن و قد تمكن بطليموس الثالث و رجال القصر من إبعاد كليوباترا عن الأسكندرية .

في بادئ الأمر فكر يوليوس في إحضار بطليموس الثالث عشر و كليوباترا و الإصلاح بينهم و لكن سارعت كليوباترا بالذهاب إلي متنكرة ملفوفة بسجادة حتي يدعمها و بالتالي تتولي حكم البلاد و بسهولة ، عندما وقعت عيون يوليوس قيصر علي كليوباترا أنبهر بجمالها و دهائها و حازت علي دعمه و لكن غضب بطليموس الثالث عشر و نشبت حرب بينهم ، مما تسبب في حريق مكتبة الأسكندرية و فازت كليوباترا في تلك الحرب بفضل دعم و مساندة يوليوس قيصر و بالفعل تولت الحكم و معها أخيها بطليموس الرابع عشر في سنة ٤٧  ق.م .

أمضي يوليوس قيصر الشتاء في مصر برفقة كليوباترا السابعة و ذهبوا لصعيد مصر عن طريق النيل .
يذكر أن كليوباترا أنجبت ولد من يوليوس قيصر يدعي بطليموس قيصر أو بطليموس قيصرون .

عاد يوليوس قيصر لروما في خريف ٤٧ ق.م و قد أحدث أنصار بومبي الكثير من الفوضي و الشغب لكن قيصر قضي عليهم .

في سنة ٤٦ ق.م قام يوليوس قيصر بدعوة كليوباترا لزيارة روما هي و قيصرون مما أثار كره الرومان لها و خاصة عندما ظهرت بعض الأقاويل التي ترجح تغيير العاصمة الرومانية و نقلها للأسكندرية مما زاد غضبهم و كان سبب في قتله .

• إصلاحات قيصر 

خصص يوليوس قيصر وقته لقيامه بمجموعة من الإصلاحات الإدارية علي سبيل المثال جعل السلطة المركزية هي السلطة الأقوي و علي كل أطراف الإمبراطورية و أنشئ خطط إنشائية و معمارية متوسطة للغاية حتي يقوم بإنشاء مدن جديدة .

تم في عهدة إصلاحات تشريعية علي سبيل المثال القيام بتطوير مجلش الشيوخ للسماح بمن يمثلون المقاطعات المحلية الإنضمام ، و أيضًا تم وضع قواعد قانونية لكيفية التعامل بين طبقات الشعب و ساند الفقراء و وهبهم القمح و الحبوب بدون مقابل ، و أقام أو مكتبة بروما و بني المعابد و خصص جرنال يومي ليعرض فيه إصلاحاته .

أما العمل الأكثر خلودًا له فهو ترك العمف بالتقويم الروماني المكون من 355 يوم و أخذ التقويم المصري المكون من 365 و جعل السنة بدايتها شهر يناير بدلًا من مارس و جعل الشهر الذي ولد فيه اسمه يوليو و هذا العمل ما زال قائما حتي يومنا هذا .

•  إغتيال قيصر

رغمًا من التطورات التي تمت في عهد قيصر و لكن أعضاء السناتو كانت نفوسهم مليئة بالغل و الكُره رغبة منهم في رجوعهم للحكم كما كان في السابق ، كما أنهم يرهبون إنتقال العاصمة الرومانية للأسكندرية ، و تم الإتفاق علي قتل يوليوس قيصر عن طريق طعنة غادرة أودت بحياته من صديقه بروتس .

بعدما قتل يوليوس علي يد بروتس تم التدخل الخارجي في الشئون الداخلية لدولة روما ، و خاصة الشئون العسكرية ، مما أدي إلي حدوث معركة أكتيوم .
وقفت كليوباترا بعيدًا تري أحوال البلاد المتدهورة ، و تري الخلاف الناشب بين بروتس و كاسيوس و بين أوكتافيوس بن يوليوس قيصر بالتبني و ماركوس أنطونيوس كبير الفرسان و لبيدوس يزداد يومًا بعد يوم .
كان آخر هذا الخلاف أن أنتصر أوكتافيوس و أنطونيوس و لبيدوس سنة 42 ق.م ، و من ثم تم توزيع الأدوار عليهم ، فأُسند إلي ماركوس أنطونيوس إدارة الولايات الشرقية الخاضعة لروما ، و أُسند إلي أوكتافيوس إدارة الولايات الغربية .
إبتعدت كليوباترا عن كل تلك الخلافات و المشكلات الناشبة في روما و أكتفت بالنظر من بعيد ، و لذلك فعندما اسند إلي ماركوس أنطونيوس إدارة الولايات الشرقية قام ببعث دعوة لحضور كليوباترا السابعة و معاقبتها علي موقفها الغير الإيجابي ، و لكن عندما وقعت عينياه عليها وقع في حبها هو الآخر كما حدث مع يوليوس قيصر .
زيجات قيصر

• يذكر أن يوليوس قيصر تزوج زيجته الأولي في سنة 83 ق.م من كورنيليا سينيلا ، و هي بنت غيوس ماريوس ، و قد إنتهي زواجهما في 63 ق.م ، و قد أنجب منها بنت تُدعي چوليا .
• تزوج زيجته الثانية في عام 67 ق.م من بومبيا و هي واحدة من أقارب صديقه بومبي ، و إنتهي زواجهما عام 61 ق.م
• تزوج زيجته الثالثة في عام 59 ق.م ، من كالبورنيا بيسونيس و يذكر أنه قد دام زواجهما إلي أن مات .
• و قد جمع قيصر بكليوباترا السابعة حاكمة مصر قصة حب و قد أنجب منها ولد يدعي قيصرون .

لقي يوليوس قيصر مصرعه غدرًا علي يد أشد الأقربين له بروتس في 15 مارس سنة 44 ق.م ، حتي تنتهي حياة أعظم قائد أنجبته روما ، و أشدهم ذكاء و مكر .
كانت حياة يوليوس قيصر مزدحمة بالصراعات و الحروب و الخلافات السياسية و الخلافات العسكرية ، إلا أنه حصد حب الشعب الروماني و حبهم للإصلاحات التي قام بها و أكسبهم فخر بحروبه و فتوحاته و إنتصارته العسكرية .
كانت حياته مصدر إلهام للكثير من الكاتبين ليتحدثوا عن حياته في أعمالهم الأدبية علي سبيل المثال شكسبير ، فقد قام بتأليف مسرحية يوليوس قيصر و أختتمها بجملة باقية يقولها قيصر و هي حتي أنتيا بروتس فليمت قيصر إذن .