وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين..
لقد أرسل الله ﷻ محمداً صلى الله عليه وسلم ليبلّغَ دين الإسلام ويدعو الناس إلى الدخول فيه، ولم يكن هذا النبي العظيم كغيره من البشر، إنّما كان على خلق عظيم يليق بمقام الدعوة وتهيّئه ليكون خيرَ رسولٍ وخير قدوة، ومن هذه الأخلاق خلقُ الرحمة الذي تمتّع به عليه الصلاة والسلام في جميع المواقف، ولقد جمع الله عزوجل الرسول ﷺ في صفات الجمال والكمال البشري وتألقت روحه الطاهرة ،ولقد أحبه الكبير والصغير وأُبهر به القريب والبعيد وزادت هيبته في قلب العدو والصديق، ومن صفاته التي تحلى بها صفه الرحمة وعطفه على الغير، ومن رحمته على الأطفال، أنه كان يقبلهم ويرقّ لهم ويضمهم ويلاعبهم ويطعمهم التمر بيديه الشريفتين كما فعل مع عبدالله بن الزبير عند ولادته وأيضا حين جاءه أعرابي فرآه يُقبّل الحسن بن علي رضي الله عنهما فتعجّب الأعرابي وقال : " تقبلون صبيانكم ؟ فما نقبلهم " فرد عليه النبي ﷺ قائلاً : ( أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟ ) .
وصلى عليه الصلاة والسلام مرّة وهو حامل أمامة بنت زينب ، فكان إذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها .
أقرأ أيضا: آداب اللباس
وكان إذا دخل في الصلاة فسمع بكاء الصبيّ ، أسرع في أدائها وخفّفها ، فعن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها، فأسمع بكاء الصبي ،فأتجوز في صلاتي ، كراهية أن أشقّ على أمّه) رواه البخاري ومسلم.
أقرأ أيضا: الصدقة
وايضا.. إذا مر الرسول ببيت أنس رضي الله عنه يسأل عن الصبي زايد، لكنه كناه "أسماه" أبا عمير للمداعبة، وكان لهذا الطفل طائرا صغيرا يشبه العصفور، فقال له: يا أبا عمير ماذا فعل النغير؟ "رواه البخاري" فتبسم الطفل الصغير.
وبعد أيام، وبينما كان الرسول الكريم، يمر أمام بيت أنس فسأله عن أحواله، وعن أخيه، فأجابه أنس أن عصفور أبي عمير قد مات، وأنه حزين جدًا لموت الطائر.
فأقبل الرسول مسرعًا إلى الصبي الصغير، وأخذ يوسيه ويخفف حزنه، حتى رمى الطفل بنفسه في حضن النبي وهو يبكي ويقول: "لقد مات النغير .. لقد مات".
وأخذ النبي يواسيه ويلاعبه، حتى نسى الطفل حزنه، وتبسم الصبي الصغير وفرح لكلام رسول الله.
ما أبلغ ما قاله أنس بن مالك وهو يصف رحمة رسول الله بالأطفال إذ قال: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ"