12:00 | 12 مايو 2017
رئيس مجلس الإدارة
الإشراف العام
محمد عشماوي
رئيس التحرير
منى الطراوي

انقسام الذات عند المصري القديم.

2020/08/26 10:14 AM | المشاهدات: 773


انقسام الذات عند المصري القديم.
شيرين أحمد عطيه

"الكا" القرين:
قد ولدت الكا مع ميلاد الجسد، فالكا تقوم بدور الضمير وتقدم النصح أثناء الحياة، أما بعد الموت فهى تعود لجسم المتوفى لتكمل الحياة الآخرى، وتتغذى على القرابين اليومية أو على " أوت " المقدمة من أقارب المتوفى والكهنة، وقد رمز إلى الموت بأنه ذهاب الشخص إلى المتوفى واتخاذ شكل هيروغليفي وهو ذراعين يحتضنوا السماء.
كان للبشر والألهة " كا "، ولكن تمتع الملك والألهة بالكثير من " الكاءات " فكان للإله ( رع) أربعة عشر "كا" وكان الملك يتمتع بمثلهم، وكان يطلق على " الكا " مسمى القرين فقد ظهرت في العصر الكلاسيكي صور الملك على جدران المعبد وبجانبه شخص آخر يشبه ولكنه أصغر منه وكان يحمل صولجاناً، فالكا هي صفات الإنسان وعاداته وتفكيره وسلوكه، فالكا غير مادية لا تدرك باللمس.
وكان اعتقاد المصرين عن الكا انها كائن آخر داخل الإنسان، صوت أو روح له ولكنه أكثر اكتمالاّ ونضحاً من الذات العادية، وقد اعتقدوا أن الكا تترك الجسد خلال النوم أو الغيبوبة وتذهب لتتجول وتقابل أشخاص آخرين وتترك كل هذه التجارب داخل العقل.
فالكا هي الجزء اللاشعوري في الإنسان، فهي مقدرة الإنسان على التعامل مع الآخرين، وايضاً هى أشبه بالسجل الذي يدون عليه الإنسان كل تجاربه وذكرياته الشخصية ومشاعره، وايضاً هي أساس يؤكد للفرد هويته الشخصية، وأساس الأخلاق عنده، وعبر عنها الفن المصري بالجزء المظلم خارجياً، والمضئ للعقل.
لذلك أكد المصرين على ضرورة وجود الكا عند كل إنسان، ولأهمية الكا أطلق عليها الملوك أسماء مقدسة، حيث نادى " تحتمس الثالث " قرينه" الثور المنتصر المتألق في طيبة "، فالكا هي الصورة الممثلة للإنسان في حياته وبعد وفاته، فكانت تسكن بعد وفاة الشخص تمثال الكا الذي كان يتخذ شكل المتوفى وكانت الكا قادرة على التعرف على جسدها " غت " بأنه جسد محنط "ساح"، وكان يجب إطعام الكا لتستطيع مواصلة الحياة الآخرى، ولازالت كلمة "كا" حتى الأن حيى في اللغة الإنجليزية مثل كلمة"  Character" وتعني الشخصية.

--------------
اقرأ أيضاً خبايا واسرار معبد دندرة
--------------

-" البا " :
 ولدت البا بعد وفات الجسد، فلها القدرة على ترك المقبرة أثناء النهار، ولكنها تعود ليلاً وتجسد " الكا "، فهي ترتبط بإشاعة الشمس،  فكانت تمثل الإله أثناء احتفالات رأس السنة الجديدة، وكان لإكتمال الوجود الإلهي لابد من منح التمثال " الكا  " الخاص به من خلال الشعائر الدينية، وأن يتحد معها " البا " وذلك من خلال تعرض التمثال لضؤ الشمس.   
وأعتقد المصرين أن " البا " تتجول كيف ما تشاء وتتجسد في أشكال مختلفة، وتعذب الأحياء .
وكانت كلمة " الكبش" عند المصرين القدماء تعني الحيوان القوي المرتبط بالفحولة، وهى " با "، لذلك تعد البا اقوى أجزاء الشخصية مع أنها أكثرها خفاء وتغير.
و " البا " تشبه " الكا " فهي تتعرف على " غتها" و " ساح" ، وكانت " البا " أيضاً وهي محنطه تشبه الروح المتحركة للآلهة وكان في قدرتها أن تتحول إلى أكثر من جانب من جوانبها.
وتعد " البا " النفس الواعية فهي تمتلك الإرادة المستقلة والوعي والعقل الحر، وايضاً لا تتوقف البا عن الوجود أو عن خبرتها ووعيها ، وكان هدف الطقوس الجنائزية هي الحفاظ على وحدة الخبرة الإنسانية خلال معابر الموت.
ولأن البا تظهر عند موت الإنسان، فقد اتبع المصرين معتقدات غير واقعية لإعادته إلى الحياة مرة أخرى، وذلك عن طريق الكهنة و من خلال أقرباءه الأحياء، ولقد كان لأسطورة أوزيريس التي تؤكد على انقسام  الذات، حيث تم جمع بقايا أوزيريس من خلال إله خالد، أثر كبير في تكوين معتقدات المصرين، فإتحاد  " الكا" و " البا" التي يجعلوا الإنسان يعود إلى الحياة مرة آخرى مثل " أوزيريس".

-------------
اقرأ أيضاً قصة هلع الخديو توفيق بعد رؤيته «رمسيس»: كاد أن يقع على الأرض
-------------
الصلة بين الكا والبا:- 
أثناء الحياة: لا تمتلك " الكا" الأساس الذي يحتوي عليها قدرة الحياة، التي تمدها بالحياة الأبدية والتي تكون مليئة بالطاقة، فهي تحتاج إلى داعم آخر خارجي وهي " البا "، فتحتوي البا على الكا، وتقيم البا داخل الكا، وتقيم الكا داخل القلب، ولا ينفصلان أثناء الحياة فهناك علاقة قوية بينهم، 
- علاقة الكا بالبا بعد الموت :-
فهم منفصلان، ويؤدي هذا الانفصال إلى فقد البا الذاكرة ، ولكن يؤكد كتاب " الموتى عند المصرين" إلى أنه تقام طقوس وصلوات لإعادة هذه الذاكرة للمتوفى.

-------------
اقرأ أيضاً الملك سيتي الاول
-------------

الخابيت ( الظل) :-
كان لا يفارق الإنسان وكانوا لا يعلمون ما هذا فكان غريب بالنسبا لهم، وكان يأخذ اللون الأسود دون تغير، وذلك يشبه لون التربة التي هي رمز الخير، ويشبه الليل الذي هو القوة التي تحمل إكتمال مدة النهار، فالظل عند المصرين كان هو الراحة والأمان، وكان اعتقادهم أنه يعيش في ثنايا العالم الآخر.
فالظل هو روح يرافق الشخص، ولابد من حمايته من الضرر، وكان هناك أحدى قضاة " قاعة الحقيقتين" يسمى مبتلع الظلال وهو أشبه بالشيطان الذي يدمر روح الظل، وكان شرطاً لبقاء الإنسان حياً في حياته الآخرى لابد من الحفاظ على ظله.